البلد في حالة سقوط حر!
![د. ساجد العبدلي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461946551445173900/1461946567000/1280x960.jpg)
أرصفة مكسرة، وأتربة مكدسة وأعمدة علاماتٍ مروريةٍ متساقطةٍ هنا وهناك، وحشائش طفيلية باهتة نامية في جوانب الطريق، وحواجز كونكريتية بلهاء منصوبة، وبقايا أحجار رصف وتبليط مهملة منذ سنوات، وكيبلات ومواسير بازغة من الأرض، وغير ذلك الكثير الكثير من الأمور والمشاهد البشعة والمستفزة!وأي شيء جميل قد يراه المرء في ذلك الشارع سيكتشف أن ملكيته ومسؤولية رعايته تعود في الأغلب للقطاع الخاص، ولا شأن "للحكومة" به، وأما آثار الرعاية البسيطة التي قد يراها الزائر فليست في الحقيقة إلا بقايا عقود كانت قد أبرمتها حكومات غابرة قبل سنوات طويلة، ولا تزال مستمرة بفعل التجديد الروتيني لا بفعل التخطيط والرؤية والنظرة المستقبلية المسؤولة. هذا المثال السلبي، مثال شارع الخليج، ليس سوى خرزة واحدة من عشرات الخرزات في سبحة طويلة للأمثلة السلبية الناتجة عن خليط نتن من الفساد وسوء الإدارة والتنفيع وغياب حس المسؤولية والقيادة، والذي انعكس بشكل مباشر على هيئة تردٍ وانهيار للبنية التحتية للبلاد في مجالات الصحة والتعليم والطرقات والمرور والكهرباء والماء وسائر الخدمات العامة الأخرى. وهذا كله يعضد بدوره حقيقةً راسخة يتيمة، وهي أن البلاد بلا قيادة أو إدارة حقيقية، وأن مجمل الأمور، كما نقولها في التعبير الشعبي الشائع "ماشية على البركة"، وأنها متجهة بالبلاد إلى حالة من الفشل التام مع مرور الزمن، طالما أن أمور القيادة والإدارة لم تتغير بشكل جذري يمكن له أن يحمل هذه الأعباء، ويقوم بمسؤوليتها حقاً.ولست أسوق الأمثلة السلبية اليوم رغبة في اجترار مرارات هذا الواقع المزري أو جلد الذات، ولكنني أفعل ذلك لأجل أن أتساءل صادقاً عن تلك المستندات العقلية الموضوعية التي لا يزال يتكئ عليها من يقولون بلزوم الاستمرار في التعاون مع هذه السلطة والاستمرار بالسير فيما يسمونه بالقنوات الدستورية والشرعية، بالرغم من انقلاب السلطة ذاتها عليها واختطافها لها، وبالرغم كذلك من كل هذا التدمير المبرمج المستمر لحال البلاد، والذي تشير الدلائل العلمية إلى أنه متجه بنا جميعا نحو كوارث سياسية-اقتصادية-تنموية خلال زمن ليس بالطويل!البلاد يا سادتي في حالة سقوط حرٍ بلا "براشوت"، وفي ليل حالك الظلام.نعم هي نظرة سوداء جداً ولكن هذا ما نراه وفقا لكل الدلائل الواضحة أمامنا، ومن يقول غير ذلك فعليه هو أن يأتي بالدليل، وأن يترك الأماني الوردية الحالمة جانباً.