الشباب ومشكلتا البطالة والسكن
تمثل فئة الشباب النسبة الأعلى بين المواطنين، إلا أن السياسات الحكومية المتعلقة بتلبية احتياجاتهم وحل مشكلاتهم وتحقيق تطلعاتهم المستقبلية ما زالت سياسات قاصرة وغير فاعلة، حيث يعاني الشباب نقص الأماكن الترفيهية التي يقضون فيها أوقات فراغهم، وتواجههم مشكلة عدم توافر مقاعد لخريجي الثانوية العامة في الجامعة والمعاهد التطبيقية (في السنوات الأخيرة تسبب تدخل الحكومة في سياسات القبول في الجامعة وهيئة التطبيقي بإلزامهما بقبول أعداد هائلة تفوق الطاقة الاستيعابية، وفي تخصصات لا تتناسب مع ميول الطلبة ورغباتهم)، ثم وبعد التخرج يعاني شبابنا مشكلة بطالة الخريجين وأزمة السكن.وبلغة الأرقام، فقد بلغت نسبة البطالة حسب البيانات المتوافرة (5%)، ومطلوب توظيف ما لا يقل عن (9500) شاب وشابة سنويا، بينما بلغ عدد منتظري الوظائف في ديوان الخدمة المدنية أي القطاع الحكومي قرابة (22) ألفاً، ويقدر معدل فترة انتظار الوظيفة من (18 إلى 24) شهراً، قد يجد بعدها طالب الوظيفة فرصة في الدوائر والأجهزة الحكومية التي تعاني في الأصل بطالة مقنعة، وليس بالضرورة أن يكون هنالك علاقة بين طبيعة الوظيفة والتخصص العلمي الذي درسه الخريج في الجامعة أو المعاهد العليا.
أما القطاع الخاص فهو قطاع ضعيف يعتاش بالأساس على الإنفاق الحكومي ومساهمته في توفير فرص وظيفية للخريجين الجدد محدودة للغاية بالرغم من أن الحكومة تدفع جزءاً كبيراً من رواتب موظفيه من المواطنين تحت مسمى "دعم العمالة"، وتعفيه من الضرائب التي من المفترض أن تفرضها على الأرباح الضخمة التي يحققها.والدليل على تخبط السياسة الحكومية المتعلقة باستثمار الموارد البشرية والقوى العاملة الوطنية أن الحكومة تدفع مبلغ مئتي دينار شهرياً لعموم الطلبة داخل الكويت وخارجها أثناء فترة الدراسة، لكنها لا تضع الخطط الكفيلة بتوافر فرص وظيفية لهم بعد التخرج، ولنا أن نتخيل هنا الحالة النفسية للشاب المؤهل والقادر على العمل والذي يبحث عنه فلا يجده، وانعكاس ذلك على مجتمعنا الذي يمثل الشباب النسبة الكبرى من مواطنيه، ناهيكم عن المبالغ التي سيخسرها الشاب الخريج خلال فترة الانتظار الطويلة قبل أن يحصل على وظيفة (سنة ونصف على الأقل).أما بالنسبة إلى أزمة السكن فحدّث ولا حرج، فهناك (105555) طلباً إسكانياً قائماً بحسب آخر إحصائية صادرة عن المؤسسة العامة للرعاية السكنية (يونيو 2013) وفترة الانتظار تتراوح بين 15 و18 عاما، ناهيكم عن الأسعار الخيالية لأراضي السكن الخاص وذلك بسبب الاحتكار البشع للأراضي، إذ إن المساحة المأهولة بالسكان لا تتجاوز 7% من إجمالي مساحة البلد وأغلب الأراضي المخصصة للسكن الخاص محتكرة من أباطرة الأراضي والعقار. لهذا فإن السياسات الترقيعية التي تقوم بها الحكومة وتعتبرها "إنجازاً" مثل زيادة قيمة القرض الإسكاني أو زيادة بدل الإيجار لن تحل مشكلة الشباب الذين ينتظرون سكناً مناسباً لأسرهم، ولن تفيدهم بشيء بل إنها ستذهب إلى جيوب تجار مواد البناء والمواد الإنشائية وأرصدة أصحاب العقارات المؤجرة.