واجه القطاع المصرفي المحلي تحديات كبيرة خلال عام 2012، أبرزها تراجع البيئة التشغيلية، بسبب ضعف الإنفاق وعدم طرح مشاريع جديدة، وانخفاض قيم الضمانات من الأسهم المحلية بعد انخفاض القيمة السوقية للشركات المدرجة في سوق الأوراق المالية، الأمر الذي دفع البنك المركزي إلى اتخاذ العديد من الإجراءات الوقائية لمنع حدوث أي تأثيرات سلبية على القطاع، ومن بداية توليه منذ حوالي 8 أشهر واصل محافظ البنك المركزي الجديد محمد الهاشل ما قام به سلفه الشيخ سالم الصباح، من الاستمرار في تشديد الرقابة على القطاعات المصرفية والمالية، تحوطاً من أي أزمة مستقبلية قد تظهر في الأفق.

Ad

وأكد الهاشل، في حوار مع «الجريدة»، أن «المركزي» لديه حزمة متكاملة من السياسات تمكنه من تقييم المخاطر في البنوك، مشيراً إلى أن اختبارات الضغط التي قامت بها البنوك أظهرت قدرتها على مواجهة الصدمات والعمل تحت الضغوط، موضحا أن السيولة الفائضة لدى المصارف تزيد على متطلبات النسب الرقابية، حيث بلغت نسبة كفاية رأس المال للبنوك 16.5 في المئة نهاية سبتمبر.

وأشار إلى أن البنوك تواجه تحديات مستمرة في ضوء متغيرات الأوضاع الاقتصادية والمالية، تستلزم من البنوك تطوير نظم عملها لمواكبة تلك المتغيرات واحتواء آثارها، ومن أهمها صعوبة توظيف فوائض سيولتها لشح القنوات الاستثمارية، وضعف ايراداتها من المصادر الاساسية الناتجة عن النشاط المصرفي، اضافة إلى التحوط الدائم للأحداث المستقبلية، وفي ما يلي تفاصيل الحوار:

• بعد أشهر من توليكم منصب محافظ بنك الكويت المركزي كيف تقيّمون حالة البنوك المحلية (تقليدية وإسلامية)، مع تبيان نقاط القوة والضعف؟ وهل وضع البنوك آمن حاليا، وإلى أي مدى؟

- أولاً، أود ان أشير إلى أن القطاع المصرفي في الكويت يستند إلى العديد من المرتكزات التي تؤكد قوته، وما يتمتع به من مؤشرات مالية سليمة، وتصنيفات ائتمانية جيدة من قبل وكالات التصنيف العالمية.

وأهم تلك المؤشرات ارتفاع نسبة كفاية رأس المال لدى البنوك الكويتية البالغة في المتوسط نحو 16.5 في المئة في نهاية سبتمبر 2012، وهي نسبة تتجاوز الحدود الدنيا التي تفرضها تعليمات بنك الكويت المركزي، وقدرها 12 في المئة، والتي بدورها أعلى من النسبة العالمية المقترحة بموجب تعليمات لجنة بازل للرقابة المصرفية (بازل 2) وقدرها 8 في المئة.

وقد استطاعت البنوك الكويتية، بناء على توجيهات بنك الكويت المركزي، تعزيز قواعدها الرأسمالية بشكل ملموس، الأمر الذي أظهرت معه اختبارات الضغط قدرة هذه البنوك على مواجهة الصدمات، والعمل في ظل أوضاع ضاغطة.

وتعكس مؤشرات السيولة لدى القطاع المصرفي كذلك قوة هذه المؤشرات بما يتوافر لدى البنوك من فوائض سيولة تزيد على متطلبات النسبة الرقابية، وهذه الفوائض ناتجة بشكل أساسي عن استمرار النمو في ودائع القطاع الخاص، وهو أمر يؤكد الثقة القوية بالقطاع المصرفي التي تشكل ركيزة أساسية لترسيخ قوة هذا القطاع ومقومات نموه المستمر.

كذلك تحقق هذه البنوك أرباحا صافية بعد بناء المخصصات المحددة والمخصصات العامة والمخصصات التحوطية (الاحترازية)، وتعتبر هذه الربحية جيدة في ضوء الأوضاع الاقتصادية التي أثرت على تباطؤ النمو في الائتمان المصرفي خلال السنوات التي تلت الأزمة المالية العالمية في عام 2008.

وشهد النمو في الائتمان المصرفي تحسناً ملموساً في عام 2012، مقارنة بالسنوات السابقة، حيث بلغت نسبة النمو في التسهيلات الائتمانية المقدمة للمقيمين نحو 5.1 في المئة، بين ديسمبر 2011 ونوفمبر 2012، مقابل 1.5 في المئة خلال الفترة المقابلة من العام الماضي، وسيكون لاستمرار هذا النمو المزيد من التحسن في إيرادات البنوك ومعدلات الربحية لديها.

وإضافة إلى المؤشرات الكمية سالفة الذكر، فإن هناك العديد من المؤشرات النوعية التي تعكس العديد من جوانب القوة في القطاع المصرفي، أهمها ما يتوافر لدى البنوك الكويتية من كوادر مؤهلة وبخبرات مصرفية متراكمة عبر سنوات طويلة من العمل، استطاعت معها هذه البنوك أن تتفاعل وتندمج بشكل كامل مع قطاعات الاقتصاد الوطني، إضافة إلى تعزيز وجودها في الأسواق العالمية، ما وفر لها مهارات مصرفية متنوعة تواكب التطورات في العمل المصرفي الدولي.

كذلك قامت البنوك، وفي ضوء الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية، بتحسين منهجيات إدارة المخاطر لديها، بما في ذلك الانتظام في إجراء اختبارات الضغط، واتخاذ ما يلزم من إجراءات تحوطية على صعيد تعزيز المخصصات وتدعيم قواعدها الرأسمالية.

وتطبق البنوك الكويتية أيضاً معايير الحوكمة، وتسعى بشكل مستمر لتحسين ممارساتها في هذا الشأن، وجدير بالذكر أن هذه البنوك أظهرت استجابة جيدة لتطبيق قواعد ونظم الحوكمة الجديدة الصادرة عن البنك المركزي في يونيو 2012، الأمر الذي سيترتب عليه أيضا تعزيز هذه المعايير لديها، بما يتماشى مع معايير الرقابة المصرفية الدولية وأفضل الممارسات في هذا الشأن.

ولاشك في أن تطبيق هذه المعايير سيدعم الركائز الأساسية التي تستند إليها قوة القطاع المصرفي في الكويت، أخذا في الاعتبار ان تطبيق معايير الحوكمة السليمة يشكل مجموعة متكاملة من الأسوار الحصينة التي تحمي هذه البنوك، وتعزز قدرتها في مواجهة الصدمات.

وهذا الأمر يعتبر من أهم دروس الأزمة المالية العالمية الأخيرة، التي كشفت ان الاخفاق في تطبيق معايير الحوكمة من قبل البنوك والشركات الأخرى كان من أهم الأسباب التي أدت إلى نشوء تلك الأزمة.

وانا لا أرى في هذا الرأي ما يدعو إلى المبالغة، إذا أخذنا في الاعتبار أن التطبيق السليم لمعايير الحوكمة ينبع من ان هذه المعايير تعتبر بمثابة منهج إصلاحي وآلية عمل من شأنها التعريف بأسس العمل المصرفي، في إطار تعزيز نزاهة المعاملات المالية، وبما يخدم الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستقرار المالي، مع ترسيخ مفاهيم الحوكمة كثقافة تؤكد الالتزام بالقيم السلوكية، سواء في العمل المصرفي أو في مختلف جوانب علاقة الفرد بالمجتمع، لذلك أرى أنه لابد من ترسيخ مفاهيم الحوكمة والإيمان بأهمية تبني هذه المعايير وتطبيقها بالشكل المطلوب.

وحول سؤالكم عن نقاط الضعف في البنوك الكويتية، فإنني لا أحبذ تسمية ما سأذكره بنقاط ضعف، بل تحديات وفرص للتطوير تواجهها هذه البنوك، وأود أن أشير في هذا المجال إلى أن البنوك، سواء في الكويت أو الدول الأخرى، تواجه تحديات مستمرة في ضوء متغيرات الأوضاع الاقتصادية والمالية، تستلزم منها تطوير نظم عملها لمواكبة تلك المتغيرات واحتواء آثارها، ومع تعدد تلك التحديات إلا أن أهمها شح القنوات الاستثمارية لتوظيف فوائض سيولة البنوك، وضعف ايرادات البنوك من مصادرها الاساسية، والتحوط الدائم للأحداث المستقبلية.

معايير «بازل 3»

• كيف ترون قدرة البنوك المحلية على تطبيق معايير بازل 3؟

- معايير الإصلاح المالي الصادرة عن لجنة بازل للرقابة المصرفية، والمعروفة بحزمة إصلاحات بازل 3، تضمنت إدخال تعديلات في معيار رأس المال، ووضع معايير جديدة للسيولة ومعيار جديد لنسبة الرفع المالي، إضافة إلى معايير أخرى تتعلق بتعزيز إدارات المخاطر ومعايير الحوكمة. ومن ضمن التعديلات الجوهرية في معيار كفاية رأس المال رفع النسبة التي يجب على البنوك الاحتفاظ بها في صورة حقوق المساهمين (Common Equity)، إضافة إلى تحسين جودة مكونات الشريحة الأولى لرأس المال، ورفع نسبة كفاية رأس المال التنظيمي الإجمالي إلى 10.5 في المئة، مع وجود مصدات إضافية.

وعليه، فإننا نتوقع أن تكون البنوك الكويتية جاهزة للالتزام بمعايير بازل 3 بوجه عام، هذا ويجرى حاليا إعداد دراسة لقياس الأثر الكمي لتطبيق تلك المعايير على البنوك الكويتية، التي يمكن بناء على نتائجها تحديد القدرات المتاحة حاليا لكل بنك على تطبيق هذه التعليمات، أو في ما إذا كانت هناك إجراءات يجب اتخاذها من قبل البنوك لتعزيز جاهزيتها لتطبيق هذه التعليمات بشكل كامل، مع وضع خطة الطريق المناسبة لذلك، في إطار البرنامج الزمني الذي وضعته لجنة بازل في هذا الشأن.

رقابة متساهلة

• خلال سنوات الرواج (2006 و2007 حتى منتصف 2008) تحدث البعض عما يمكن اعتباره رقابة متساهلة من قبل "المركزي"، بما يخص أداء صناديق الاستثمار ومنح القروض، وفي السنوات العجاف يرى هؤلاء أن "المركزي" مارس رقابة شبه مانعة... كيف ترون الأمر من وجهة نظركم وما مرئياتكم للمرحلة المقبلة في هذا الشأن؟

- من يتحدث عن رقابة متساهلة للبنك المركزي خلال سنوات الرواج استنتاج لا يتفق مع الواقع، لأنه من المعروف أن بنك الكويت المركزي، وفي ضوء تسارع معدلات النمو في الائتمان المصرفي خلال الفترة 2005 – 2008، كان يطبق سياسات متشددة، منها وضع حد أقصى لنسبة القروض إلى الودائع (80 في المئة) التي بدأ تطبيقها منذ عام 2004.

ومن سياسات البنك المركزي قيامه في شهر مايو 2008 بإدخال تعديلات في معيار كفاية رأس المال بازل 2، تتمثل في رفع أوزان المخاطر لمطالب البنوك في صورة قروض للمتاجرة في العقارات والأسهم إلى 150 في المئة، ورفع أوزان المخاطر للقروض الاستهلاكية والمقسطة إلى 100 في المئة، وهي الإجراءات التي وصفها البعض في حينه بأنها تمثل تشدداً في سياسات البنك المركزي.

كذلك في إطار تلك السياسات المتحفظة قام البنك المركزي أيضاً في مارس 2008 بوضع ضوابط جديدة للقروض الاستهلاكية والمقسطة، وهو إجراء يأتي أيضاً في إطار ضبط النمو في إجمالي محفظة القروض.

ولا يختلف الأمر بالنسبة لصناديق الاستثمار، حيث إن هناك تعليمات صادرة عن البنك المركزي في تلك الفترة تحظر على تلك الصناديق تقديم التمويل للغير تحت أي مسميات، ومنها الوكالات بالاستثمار والمرابحات أو أي صيغ أخرى تنطوي على تقديم أموال للغير، ما يندرج تحت مفهوم عمليات التمويل، إضافة إلى تعليمات صادرة عن البنك المركزي إلى شركات الاستثمار تحظر على هذه الشركات الحصول على موارد مالية من جهات بخلاف البنوك وشركات الاستثمار، وفقاً لصيغ الإقراض/التمويل المتعارف عليها، وهي ضوابط تحد قدرة صناديق الاستثمار على تقديم التمويل لشركات الاستثمار.

وعلى أثر تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية العالمية في أواخر عام 2008، فقد اتخذ بنك الكويت المركزي العديد من الإجراءات في إطار تطبيق سياسة توسعية، منها رفع الحد الأقصى لنسبة القروض إلى الودائع من 80 إلى 85 في المئة، وتخفيض نسبة السيولة من 20 إلى 18 في المئة، والسماح للبنوك بإدخال نسبة 50 في المئة من الضمانات العقارية ضمن المخففات الائتمانية لغرض احتساب نسبة كفاية رأس المال وفقاً لبازل 2، وتهدف حزمة هذه الإجراءات إلى توسيع المساحة الاقراضية أمام البنوك، وتعزيز قدرتها على الاستمرار في تمويل القطاعات الاقتصادية.

وعلى صعيد السياسة النقدية قام البنك، منذ أكتوبر 2008، بإجراء سبعة تخفيضات في سعر الخصم، آخرها في 4/10/2012، لينخفض سعر الخصم من 5.75 إلى 2.0 في المئة، وتهدف هذه الإجراءات إلى تعزيز أجواء الثقة في الاقتصاد الوطني وتحفيز النمو الاقتصادي، ومن الواضح بناء على ما تقدم ان السياسات التي يطبقها البنك المركزي متماشية مع متطلبات الأوضاع الاقتصادية والمالية السائدة.

وحول الشق الأخير من سؤالكم في ما يراه البعض من أن البنك يمارس رقابة شبه مانعة، وهو رأي ربما يكون مستنداً إلى تباطؤ معدلات النمو في الائتمان المصرفي خلال سنوات ما بعد الأزمة المالية العالمية، فإننا نود أن نوضح أيضاً أن البنك لم يطبق أي سياسات تحول دون قيام البنوك بتقديم التمويل اللازم لقطاعات الاقتصاد الوطني، بل ان البنك اتخذ منذ أكتوبر 2008 العديد من الإجراءات التي من شأنها تشجيع نمو الائتمان المصرفي وعدم حدوث انكماش ائتماني، ابتداء بضخ السيولة في الجهاز المصرفي لتعزيز استقرار أسعار الفائدة في السوق، وتشجيع تدفق الأموال بين القطاع المصرفي وقطاعات الاقتصاد الوطني، ثم إدخال تعديلات في التعليمات الرقابية، على نحو ما سلفت الإشارة إليه، من شأنها توسيع المساحة الاقراضية أمام البنوك، وحثها على الاستمرار في مواصلة منح الائتمان المصرفي.

ونشير من جانب آخر إلى أن الإجراءات التي اتخذها البنك لمواكبة معايير الرقابة المصرفية الدولية في ضوء الدروس المستفادة من الأزمة، وهي السياسات الموجهة لتقوية المراكز المالية للبنوك، من خلال تعزيز قواعدها الرأسمالية، وتحسين إدارات المخاطر لديها، بما في ذلك تطبيق معايير حوكمة جديدة متماشية مع المعايير الدولية، مثل هذه السياسات والإجراءات موجهة لتعزيز سلامة المؤشرات المالية للبنوك، ما يترتب عليه تدعيم قدرات البنوك في مجال التمويل والاستثمار، لذلك فإنه يمكن القول مرة أخرى إن ما جاء في السؤال لا يتفق مع الواقع.

تحفيز المشاريع

• ما رؤية البنك المركزي لتحفيز المشاريع التنموية وزيادة الإنفاق الاستثماري الحكومي؟

- يرى البنك أن تحفيز المشاريع التنموية وزيادة الإنفاق الاستثماري الحكومي يتم من خلال حزمة من الإصلاحات المتكاملة التي تُشكّل متضافرة ما يُعرَف بالإصلاح الاقتصادي، ويُعتبَر الإصلاح المالي المتمثل في تطوير المالية العامة للدولة المدخل الأساسي للإصلاح الاقتصادي المنشود، بما يعزز دور السياسة المالية كأداة من أدوات السياسة الاقتصادية.

وفي جانب الإنفاق الاستثماري الحكومي، لابد من التركيز على الدور التنموي للمصروفات الرأسمالية لبناء وتطوير الطاقات الإنتاجية، بما يساهم في توفير مقومات النمو الذاتي والمستدام للاقتصاد الوطني، والعمل على زيادة كفاءة التنفيذ في الجهاز الحكومي، وتكثيف الجهود للحد من النمو المتسارع للمصروفات الجارية للموازنة العامة، كما ينبغي مواصلة مسيرة الإصلاحات التشريعية لتحسين بيئة ممارسة الأعمال ومناخ الاستثمار في الدولة بتقليص الإجراءات البيروقراطية.

وفي هذا المجال، ينبغي تأكيد قدرة القطاع المصرفي المحلي وتطلعه للمساهمة بدور فاعل في دفع عجلة تنفيذ المشاريع التنموية المجدية، بما يتوافر لدى وحدات ذلك القطاع من قدرات فنية وقواعد رأسمال قوية، وما تتمتع به من خبرات واسعة ومتراكمة في مجال التمويل والدراسات المالية، وخبرة مشهودة في مجال تمويل المشاريع الكبرى.

أدوات السياسة النقدية

• السيولة في البنوك حاضرة، لكن هناك من يتحدث عن أنها لا تجد الطريق إلى أوصال الاقتصاد، في ظل ما يقال من قبل البعض في القطاع الخاص ان السبب في فقدان الطريق الصحيح تائه بين "المركزي" والبنوك... كيف ترون الأمر؟

- أود أن أوضح مرة أخرى ما سبق أن أشرت إليه في إجاباتي السابقة من حيث قيام البنك المركزي بالدور المطلوب منه، والمتمثل في تطبيق أدوات السياسة النقدية والرقابية التي تستهدف توفير بيئة ملائمة للعمل المصرفي وتحفيز النمو الاقتصادي، وأشير هنا بإيجاز إلى أن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي منذ بداية تفاقم الأزمة المالية العالمية في أواخر عام 2008 تستهدف توسيع المساحة الاقتراضية أمام البنوك، وتعزيز قدرتها على التمويل، مع تعزيز أجواء الثقة بالاقتصاد الوطني، وتسهيل انسياب تدفقات الأموال بين القطاع المصرفي وقطاعات الاقتصاد الوطني.

تخفيض سعر الخصم

• بادر بنك الكويت المركزي مطلع أكتوبر الماضي إلى تخفيض سعر الخصم بنحو 50 نقطة أساس، بعد مرور أكثر من شهر على هذا القرار ما انعكاساته على الواقع النقدي المحلي من جهة الإقراض؟ نمو الائتمان؟ سعر صرف الدينار؟ وهل ينصب هذا القرار في سياق عملية تحفيز الاقتصاد الوطني؟

- أرى الإجابة أولاً على الشق الثاني من سؤالكم بشأن قرار بنك الكويت المركزي تخفيض سعر الخصم بواقع نصف نقطة مئوية اعتباراً من 4/10/2012، وفي ما إذا كان هذا القرار يأتي في سياق عملية تحفيز الاقتصاد الوطني.

وكما جاء في سؤالكم فإن هذا القرار يأتي في إطار الجهود المتواصلة لبنك الكويت المركزي الرامية لتعزيز أجواء الثقة في الاقتصاد الوطني وتحفيز النمو الاقتصادي، وقد سبق ان أشرت إلى ذلك في التصريح الصحافي الصادر عن البنك في التاريخ المذكور، حيث أوضحت أن هذا التخفيض في سعر الخصم جاء ليواكب تطورات الأوضاع في الاقتصاد المحلي، وتعزيز الأجواء الداعمة لتحسين أداء القطاعات غير النفطية للاقتصاد الوطني، من خلال تقليص تكلفة الائتمان مع المحافظة على متانة الأوضاع المالية لوحدات القطاع المصرفي والمالي، وضمان جاذبية وتنافسية العملة الوطنية كوعاء للمدخرات المحلية، خاصة مع استمرار انحسار الضغوط التضخمية في الاقتصاد الوطني، وأن هذا التخفيض في سعر الخصم هو جرعة إضافية ضمن مجموعة الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي، في إطار جهوده المتواصلة الرامية لتعزيز أجواء الثقة بالاقتصاد الوطني وتحفيز النمو الاقتصادي.

وعودة إلى الشق الأول من سؤالكم حول انعكاسات قرار تخفيض سعر الخصم على المؤشرات النقدية التي أشرتم إليها، والمتعلقة بكل من سعر الصرف، ونمو الائتمان المصرفي، فإنني أود أن أشير إلى أن هناك جوانب واضحة لدى بنك الكويت المركزي قبل اتخاذ قرار تخفيض سعر الخصم ومنها ما يتعلق بموضوع سعر الصّرف.

ان البنك المركزي مدرك تماماً أن قرار تخفيض سعر الخصم لن تكون له تأثيرات سلبية على سعر صرف الدينار الكويتي الذي يقوم البنك بتحديده يوميا بناء على سلة العملات، وتعلمون أن البنك يزود البنوك المحلية بحاجتها من الدولار الأميركي بالأسعار المعلنة للدينار مقابل الدولار (بطبيعة الحال تقوم البنوك بتحويل الدولار الذي تشتريه من بنك الكويت المركزي إلى أي عملة أجنبية تكون هي بحاجة إليها).

ويعني ذلك أنه في ظل قيام البنك المركزي، من خلال البنوك المحلية، بتلبية احتياجات الاقتصاد الوطني من العملة الأجنبية، فإن تخفيض سعر الخصم وما يترتب عليه من انخفاض في أسعار الفائدة لن تكون له تأثيرات معاكسة على سعر صرف الدينار الكويتي، ونرى في هذا الشأن أن الاستقرار النسبي في سعر صرف الدينار يساعد في تدعيم معدلات أسعار الفائدة على الدينار بجعلها معدلات تنافسية.

وفي ما يتعلق بموضوع نمو الائتمان المصرفي، فإن تخفيض سعر الخصم (تخفيض أسعار الفائدة)، كما تعلمون، يعكس السياسات النقدية التوسعية للبنك المركزي الموجهة لتحقيق العديد من الأهداف، ومن ضمنها تخفيض تكلفة الائتمان بغرض تشجيع نمو الائتمان المصرفي.

لكن كما أشرتم فإن الفترة المنقضية على قرار تخفيض سعر الخصم ليست كافية لرصد مؤشرات أثر هذا القرار على نمو الائتمان المصرفي، وهو ما يعرف بفترة الإبطاء لقرارات السياسة النقدية "Time Lag". ومع ذلك، وأخذا في الاعتبار بوادر التحسن التي بدأ يشهدها نمو الائتمان المصرفي في العام الحالي (حيث سجل نسبة نمو سنوي قدرها 5.1 في المئة بين ديسمبر 2011 ونوفمبر 2012)، فإننا نتطلع لأن يكون لهذا القرار آثار إيجابية بالنسبة لنمو الائتمان المصرفي، مع الأخذ في الاعتبار أن بنك الكويت المركزي يطبق هذا القرار في إطار حزمة متكاملة لأدوات السياسة النقدية.

تحقيقات غسل الأموال

• لماذا لم يقم بنك الكويت المركزي أو وحدة التحريات المالية الكويتية بالتظلم من قرارات النيابة العامة بحفظ التحقيقات الخاصة ببلاغات غسل الأموال، أو إلزام البنوك التظلم من قرارات الحفظ؟

- وفقاً للقانون رقم 35 لسنة 2002 بشأن مكافحة عمليات غسل الأموال، فإن البنوك والجهات الأخرى المخاطبة بأحكام هذا القانون، وليس البنك المركزي، هي التي يتعين عليها القيام بإبلاغ النيابة العامة بتفاصيل المعاملات المشبوهة، باعتبارها الجهة التي تتلقى البلاغات طبقاً لأحكام القانون المذكور.

وأوضح هنا لإزالة أي لبس لدى البعض حول هذا الأمر ما يلي:

إنه في الحالات التي ترى فيها النيابة العامة تحويل ما يرد إليها من بلاغات إلى بنك الكويت المركزي، فإن مثل هذه البلاغات، وفي إطار تطبيق القانون رقم 35 لسنة 2002 بشأن مكافحة عمليات غسل الأموال، يتم تحويلها إلى وحدة التحريات المالية الكويتية التي تضم أعضاء من البنك وأعضاء ممثلين لكل من وزارتي الداخلية والتجارة والصناعة، والإدارة العامة للجمارك، حيث يتم من خلال هذه اللجنة جمع المعلومات والبيانات الخاصة بتلك البلاغات، وفقاً لصيغة قرار الإحالة من النيابة العامة، وتحليل هذه البيانات والمعلومات وموافاة النيابة العامة بالرأي الفني في تلك البلاغات.

ومن الواضح أن الدور المنوط بوحدة التحريات المالية يتمثل في جوانب فنية، وبالتالي تقوم بدور الخبير الفني، وليس لها دور آخر، وكما هو مستقر عليه فإن الخبير الفني يقتصر دوره على تقديم الرأي الفني دون أن يمتد للتدخل في أي إجراء قضائي بأي صورة من الصور، لذلك فإنه لا يحق لوحدة التحريات المالية الكويتية أو البنك المركزي التظلم من قرار الحفظ الصادر من النيابة العامة بشأن الإيداعات المليونية.

كذلك فإنه ليس من صلاحيات البنك إرغام البنوك المحلية على التظلم من قرارات الحفظ الصادرة من النيابة العامة، لأن الاختصاص الرقابي للبنك المركزي على البنوك يرتكز على أسس قانونية، حيث أسند المشرع إلى البنك تنظيم المهنة المصرفية بموجب الباب الثالث من القانون رقم 32 لسنة 1968، وتعديلاته، ولا يندرج ضمن هذا الاختصاص الرقابي سلطة إرغام البنوك على التظلم من قرارات الحفظ الصادرة من النيابة العامة في أي موضوع، سواء كان غسل أموال أو غيره.

مبادئ الإدارة السليمة

• أصدر "المركزي" مبادئ الإدارة السليمة للبنوك والمؤسسات المالية، وعممها على البنوك، أين أصبحت البنوك المحلية من تطبيق هذه التعليمات، وما مدى رضاكم عن تطبيقها؟

- أولا، التعليمات الصادرة عن بنك الكويت المركزي في يونيو 2012، بشأن قواعد ونظم الحوكمة في البنوك الكويتية، جاءت لتحل محل التعليمات الصادرة في عام 2004، مع الأخذ في الاعتبار الدروس المستفادة من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة، وما صدر من معايير حوكمة جديدة في هذا الشأن، وبصفة خاصة الورقة الصادرة عن لجنة بازل للرقابة المصرفية في أكتوبر 2010، بشأن "مبادئ تعزيز حوكمة الشركات"، والمبادئ الصادرة عن مجلس الاستقرار المالي بشأن نظم المكافآت، إضافة إلى ما جاء من توصيات في تقرير فريق عمل البنك الدولي، بشأن تقييم معايير الحوكمة في البنوك الكويتية الصادر في أواخر عام 2010.

كذلك أخذت المعايير الجديدة في الاعتبار هيكل القطاع المصرفي الكويتي، والسمات الأساسية للاقتصاد الوطني ودرجة اندماجه مع الاقتصاد العالمي وغير ذلك من العوامل التي من شأنها تأكيد أهمية موضوع الحوكمة في البنوك الكويتية.

وفي ضوء ما تضمنته هذه التعليمات من تطوير في العديد من محاور الحوكمة، وهو ما يتطلب إعطاء البنوك فترة كافية من الوقت لاتخاذ بعض السياسات والإجراءات باتجاه تطبيق هذه التعليمات، لذلك فقد تم إعطاء البنوك مهلة من الوقت بحيث يبدأ تطبيق التعليمات اعتباراً من 1/7/2013. وحتى ذلك الوقت، فقد نصت التعليمات على أن تقوم البنوك بتزويد البنك المركزي بتقرير ربع سنوي، اعتباراً من سبتمبر 2012، يتضمن السياسات والإجراءات التي اتخذتها البنوك أو قائمة على اتخاذها، تمهيدا للوصول إلى التطبيق الكامل للتعليمات خلال الفترة المحددة لسريانها.

ورداً على سؤالكم، أود أن أشير إلى ما هو ملاحظ لدينا من أن البنوك تسير بخطى جيدة نحو تطبيق التعليمات، كما لاحظنا أيضاً من خلال مناقشات دارت مع البنوك أنها متحمسة فعلا لتطبيق هذه التعليمات خلال الوقت المحدد لها، ونرى أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح لتطبيق هذه التعليمات.

مخصصات عامة

• "المركزي" يؤكد أن اختبارات الضغط أتت بنتائج جيدة، وأن معدل كفاية رساميل المصارف بمستويات جيدة أيضاً، وان التصنيفات الائتمانية مقبولة، فلماذا إذن الاستمرار في الضغط على البنوك لتجنيب مخصصات عامة؟

- كما تعلمون الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة لاتزال تلقي بظلالها على اقتصادات العالم أجمع، الأمر الذي يتطلب الاستمرار في نهج التحوط، فضلا عن أن طبيعة الأنشطة المصرفية والمالية وما يكتنفها من مخاطر تمثل جزءا من ملامحها وخصائصها، توجب استشراف المستقبل والتحوط له واتخاذ التدابير المناسبة للتعامل مع توقعاته، ومن هذا المنطلق كان انتهاج سياسة التحوط ومطالبة البنك المركزي للبنوك بتدعيم رؤوس أموالها مباشرة بعد الأزمة.

وقد قامت خمسة بنوك بزيادة رؤوس أموالها، من خلال طرح إصدارات جديدة للاكتتاب من 2009 إلى 2011، فضلاً عن أن بنكاً آخر حصل مؤخرا على موافقة بنك الكويت المركزي لزيادة رأسماله، من خلال طرح أسهم جديدة للاكتتاب.

وبناء على المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية الحالية فإنه يتعين على السلطات الرقابية الاستمرار في الطلب من البنوك والمؤسسات المالية اتباع سياسات أكثر تحوطاً في ما يتعلق بتجنيب المخصصات أو زيادات لرؤوس أموالها، وتدعيم مراكزها المالية بالشكل الذي يعزز قدراتها على مواجهة آثار الأزمة، ويمكنها في ذات الوقت من القيام بدورها الحيوي في التمويل.

والمتتبع للتطورات العالمية في هذا الشأن يلاحظ وجود تطور في الأساليب المستخدمة في بناء المخصصات، تعتمد بشكل أساسي على النظرة المستقبلية، لا الوضع الحالي، كما كان الوضع في السابق، وهو ما يطلق عليه Forward – Looking Approach.

نظام تقييم المخاطر

• ما أهم المرتكزات التي يعتمد عليها نظام تقييم المخاطر، الذي يجريه بنك الكويت المركزي بشكل ربع سنوي؟ وهل البنك بحاجة إلى البحث عن أدوات إضافية للتقييم الموضوعي للبنوك في ظل تعمق الأزمات المالية العالمية؟

- بنك الكويت المركزي لديه حزمة متكاملة من السياسات والإجراءات التي يمكن من خلالها تقييم المخاطر في البنوك، وتستند منهجية البنك في هذا الشأن إلى التركيز على الرقابة على أساس المخاطر، مع الاخذ في الاعتبار الدروس التي كشفت عنها الأزمة المالية العالمية.

وقد قام البنك المركزي في هذا المجال بتطوير قاعدة بيانات يمكن من خلالها مراقبة التطورات في مؤشرات السلامة المالية للبنوك، في ضوء مجموعة بيانات تتعلق بجودة أصول البنوك ومدى كفاية نسبة رأس المال، إضافة إلى البيانات المتعلقة بمؤشرات السيولة والربحية وأنشطة البنك التي تنطوي على مخاطر.

وفي هذا الإطار يراقب البنك المركزي المتغيرات في نسبة الديون غير المنتظمة، ودرجة التركزات الائتمانية، والتغيرات التي تطرأ على قيمة الضمانات لدى البنوك، وكفاية المخصصات، إضافة إلى رصد حركة التغير في العديد من البيانات داخل وخارج بنود الميزانية.

وقد قام بنك الكويت المركزي مؤخراً بتطوير العديد من المنهجيات المستخدمة في رصد وتقييم المخاطر لدى البنوك، من خلال نظم إشراف تستخدم من قبل إدارة الرقابة المكتبية، وكذلك استخدام نظم التقييم التي تستند إلى منهجيات رقابية مصممة لتقييم مدى كفاية وجودة رأس المال والأصول ودرجة حساسية الأصول للمخاطر والربحية والسيولة.

وجدير بالذكر أن بنك الكويت المركزي يقوم بتقييم تلك المخاطر في إطار اختبارات ضغط تستهدف الاطمئنان إلى قدرة البنوك على مقاومة الصدمات والاستمرار في مباشرة نشاطها في ظل ظروف ضاغطة.

كساد نسبي

• هل من قلق ينتاب البنك المركزي إزاء الديون الممنوحة من قبل البنوك إلى شركات الاستثمار؟ وهل هناك شكوك في تعثرها عن السداد في ظل الكساد النسبي للاقتصاد الكويتي؟

- مديونية شركات الاستثمار تجاه البنوك المحلية، وكما تظهرها آخر إحصاءات متاحة منشورة على الموقع الالكتروني لبنك الكويت المركزي، تراجعت من نحو 2.8 مليار دينار في نهاية أكتوبر 2010 إلى نحو 2.2 مليار في نهاية أكتوبر 2012.

وهناك بعض الملاحظات التي تعتبر على درجة من الأهمية في إطار الرد على تساؤلكم، منها ضرورة الأخذ في الاعتبار انه ليس جميع شركات الاستثمار تواجه مشاكل في تسديد ديونها لدى البنوك، حيث إن هناك شركات استثمارية تتمتع بملاءة جيدة وتمارس أنشطة تشغيلية ذات تدفقات نقدية تجعل هذه الشركات منتظمة في تسديد التزاماتها تجاه البنوك ولديها ضمانات جيدة.

وبالتالي فإن القروض المقدمة من البنوك إلى تلك الشركات تعتبر من الديون المنتظمة التي لا تنطوي على مخاطر مصرفية عالية، إضافة إلى ما لدى تلك الشركات من أصول جيدة، وبما يجعلها قادرة على الحصول على احتياجاتها التمويلية من البنوك، عند الحاجة، وفقاً لمعايير منح الائتمان المصرفي المقررة من قبل هذه البنوك.

كذلك بالنسبة للديون غير المنتظمة على أي من شركات الاستثمار، فإن البنوك قامت باستقطاع مخصصات محددة مقابلها، وفقاً لما تنص عليه تعليمات بنك الكويت المركزي، مع بناء مخصصات احترازية عندما يبدو وجود حاجة لهذا الإجراء التحوطي، ويعني ذلك ان المخاطر التي تواجه البنوك مقابل قروضها المتعثرة على تلك الشركات قد تم التحوط لها بالكامل من قبل البنوك باستقطاع المخصصات اللازمة.

وبناء على ما تقدم، فإنه من الواضح أن بنك الكويت المركزي لا ينتابه القلق إزاء الديون الممنوحة من قبل البنوك إلى شركات الاستثمار، مع الاخذ في الاعتبار مجموعة العوامل والملاحظات التي سبق الإشارة إليها.

تقييم عقاري

• بعض المصارف تنتقد حصر التقييم العقاري في جهتين مصرفيتين فقط، ماذا تفعلون للحؤول دون استمرار هكذا اعتراض؟

- التعليمات الصادرة عن بنك الكويت المركزي إلى البنوك المحلية بتاريخ 10/4/2011، بشأن إجراء تقييم بصفة سنوية على الأقل، للأصول العقارية المقدمة للبنوك كضمانات، تنص على أن يكون هذا التقييم من قبل اثنين من المقيمين، أحدهما بيت التمويل الكويتي أو بنك الكويت الدولي وجهة متخصصة أخرى بخلاف هذين البنكين، وعلى أن تحتسب قيمة العقار بمتوسط التقييمين.

وقد جاء اختيار أحد هذين المصرفين في ضوء أهمية موضوع التقييم، وضرورة إسناده لجهات صاحبة خبرة في هذا المجال، فكما تعلمون ان المصرفين المشار إليهما لهما خبرة طويلة تعود لبداية تأسيسهما منذ سنوات طويلة، علما أنه، وكما أشرت، فإن التقييم يتم من قبل أحد هذين المصرفين إضافة إلى جهة أخرى مع أخذ متوسط التقييمين.

ومشاركة أحد المصرفين المشار إليهما في عملية التقييم العقاري، إضافة إلى جهة متخصصة أخرى يختارها البنك، هو للاطمئنان على عدالة التقييم من قبل جهات صاحبة خبرة، وتجنبا لمحاذير ترك عملية التقييم مفتوحة لجهات قد لا يكون تقييمها مستنداً إلى أساليب صحيحة، وبما يعطي الطمأنينة لمثل هذا التقييم الذي له انعكاسات واضحة على سلامة احتساب أحد أهم المؤشرات المصرفية، وهو حجم المخصصات اللازمة لمواجهة الديون غير المنتظمة وما يرتبط بذلك من أمور تتعلق بجودة المحفظة الائتمانية.

أوضاع متردية

• إلى أي مدى تتأثر المصارف بالأوضاع المتردية في سوق الكويت للأوراق المالية؟

- إن تراجع أداء سوق الكويت للأوراق المالية، بما في ذلك أي تراجع في أسعار الأسهم المتداولة، له آثار مباشرة وغير مباشرة على أوضاع البنوك، الأولى تتمثل في ما يترتب على انخفاض أسعار الأسهم من تراجع في قيمة ما لدى البنوك من أصول في صورة محافظ استثمارية تشتمل مكوناتها على تلك الأسهم التي طرأ عليها الانخفاض، إضافة إلى التراجع في قيمة ما لدى البنوك من ضمانات في صورة أسهم مقدمة من العملاء مقابل القروض والتسهيلات التي حصلوا عليها من هذه البنوك، وهذا التراجع له تأثير سلبي على حجم المخصصات المحددة المطلوب من البنوك تكوينها لمواجهة الديون غير المنتظمة ومخصصات انخفاض القيمة للمحفظة الاستثمارية، الأمر الذي يؤثر على صافي أرباح البنوك.

وبالنسبة للآثار غير المباشرة فإنه يمكن الإشارة في هذا الشأن إلى أن تراجع أوضاع السوق يمكن أن ينظر إليه من أحد الجوانب على أنه يمثل انعكاساً لتراجع حالة النشاط الاقتصادي وتراجع مستويات الثقة وارتفاع درجات التحفظ لدى المستثمرين رغم توافر السيولة.

كذلك من جانب آخر فإن تراجع أوضاع السوق بدوره من العوامل التي تؤثر سلباً على حالة النشاط الاقتصادي، ومثل هذا التداخل له تأثيرات سلبية على البيئة التشغيلية للقطاع المصرفي، ومع ذلك لدينا تطلعات نحو تحسن حركة النشاط الاقتصادي أخذاً في الاعتبار ما شهده نمو الائتمان المصرفي من تحسن خلال العام الحالي، مقارنة بأعوام سابقة تلت وقوع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة.

شكاوى العملاء

• لا ينكر أحد الرقابة التي يمارسها "المركزي" على المصارف، لكن هناك حالات يعجز عنها العميل لحلها، فهل البنك يفتح أبوابه للتعامل مع مثل هذه المشاكل؟

- في الحقيقة، كان بنك الكويت المركزي –كعادته- سباقاً في اتخاذ الإجراءات التي تكفل حماية عملاء البنوك المحلية، وقبل أن يأخذ هذا الأمر الزخم والاهتمام من قبل السلطات الرقابية العالمية مؤخرا، وتنادي به الهيئات المعنية بالنظم المصرفية العالمية في الوقت الحالي تحت مسمى "حماية المستهلك".

ومنذ تسعينيات القرن الماضي، حرص بنك الكويت المركزي على متابعة إصدار مجموعة من التعليمات والضوابط الرقابية التي تكفل حماية عملاء البنوك خاصة الأفراد منهم، فعلى سبيل المثال أصدر البنك تعليمات بشأن قواعد وأسس منح القروض الاستهلاكية والمقسطة، التي تم إدخال مجموعة من التعديلات عليها كلما تطلب الأمر ذلك، وكذلك التعليمات الخاصة ببطاقات الائتمان والتأمين والرسوم والعمولات التي تتقاضاها البنوك نظير الخدمات المقدمة للعملاء، وإلى غير ذلك من الأمور التي تكفل حماية عملاء البنوك.

من جهة أخرى، حرص البنك على تلقي شكاوى العملاء وفحصها واتخاذ الإجراءات اللازمة لتصويب أي مخالفات تتكشف له بشأنها، من خلال قيامه بإنشاء وحدة تختص بالشكاوى التي يتقدم بها العملاء، كما أنه في إطار اهتمامه بالعمل على إيجاد حلول عملية مناسبة لشكاوى العملاء (الأفراد) وبصفة خاصة القروض الاستهلاكية والمقسطة، فقد اصدر تعميما بتاريخ 19/1/2011 إلى كل البنوك المحلية بشأن إنشاء وحدة شكاوى لدى كل بنك للتعامل مع شكاوى العملاء وإيجاد الحلول المناسبة لها، من خلال آلية للتعامل مع تلك الشكاوى.

وقد بينت تعليمات بنك الكويت المركزي أن الهدف من تلك الوحدة هو قيام البنوك بإيجاد حلول لشكاوى العملاء، في إطار تنفيذ شروط العلاقة التعاقدية بين البنوك والعملاء، وتنفيذ الالتزامات المترتبة على هذه الشروط، وقد تم تطبيق هذه التعليمات من قبل البنوك اعتباراً من تاريخ 1/7/2011، وتقوم البنوك منذ ذلك التاريخ بموافاة البنك بتقرير شهري بعدد الشكاوى المقدمة والإجراءات المتخذة بشأنها وتحليل نوعي لطبيعة تلك الشكاوى.

ويمكن للعميل في حال عدم التوصل إلى تسوية مع البنك بخصوص الشكوى التقدم إلى بنك الكويت المركزي بنسخة عنها مرفق بها رد البنك المشكو في حقه للنظر في مدى سلامة الإجراءات المتخذة من جانب البنك بخصوصها واتخاذ اللازم في حال عدم كفاية الإجراءات التي اتخذها البنك في موضوع الشكوى.

«روشتة» اقتصادية

• كنتم أحد أعضاء الفريق الاقتصادي الذي قابل سمو الأمير لوضع "روشتة" العلاج لأزمة الاقتصاد الكويتي، التي ينتظرها الشارع الاقتصادي، فما رؤية الفريق الإصلاحية في هذا الخصوص؟ وهل تم التوصل لآليات محددة وما هي، إن وجدت؟

- بداية، جاء لقاء سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بالفريق الاقتصادي الحكومي مؤخرا في إطار حرص سموه المستمر على إبراز أهمية الملف الاقتصادي، وضرورة الاستفادة من العديد من الدراسات والتقارير التي شخّصت الاختلالات الاقتصادية بشكل مفصل، ووضعت التوصيات التي تعود بالنفع على الوطن والمواطن، أوجزها تقرير اللجنة الاستشارية العليا المُشكلة في أغسطس 2011 لتحقيق رؤية سمو الأمير "بإقامة اقتصاد قوي متين ثابت الأركان يكفل أسباب التقدم والرفاهية والحياة الكريمة لأبناء الشعب الكويتي في الحاضر والمستقبل".

وفي هذا الإطار، يُدرِك أعضاء الفريق الاقتصادي إجماع مختلف الدراسات والتقارير التي أعدتها جهات محلية أو أجنبية على أن الاقتصاد الكويتي يعاني بعض الاختلالات الهيكلية التي تفوق تطوره ونموه بشكل مستدام، وبات من اللازم إعادة توجيه السياسات الاقتصادية لمعالجة تلك الاختلالات. ويحرص بنك الكويت المركزي على المساهمة في بلورة ما خلصت إليه تلك الدراسات والتقارير، من خلال المشاركة في اللجان والفِرق التي تناولت قضايا الإصلاح الاقتصادي خلال السنوات الماضية.

وترتبط هذه الاختلالات أساسا بتضخم القطاع الحكومي وهيمنته على عجلة النشاط الاقتصادي ومحدودية دور القطاع الخاص في دفع عجلة النمو الاقتصادي، وما يصاحب ذلك وينجم عنه من جمود إداري وبيروقراطي وتعقيد في الإجراءات تتقلص معه كفاءة الجهاز التنفيذي للدولة في حسن تخصيص الموارد الاقتصادية المتاحة.

كما ترتبط تلك الاختلالات باعتماد الموازنة العامة بشكلٍ أساسي على الإيرادات النفطية، وما يترتب على ذلك من محاذير التقلبات في أسعار النفط في الأسواق العالمية من جهة، وهيمنة المصروفات الجارية على الجزء الأكبر من الإنفاق العام، وتسارع معدلات نموها من جهة أخرى، الأمر الذي تتقلص معه مجالات التركيز على الدور التنموي للمصروفات الرأسمالية في مجال بناء وتطوير الطاقات الإنتاجية، وتوفير مقومات النمو الذاتي والمستدام للاقتصاد الوطني.

وترتبط باختلالات الموازنة العامة أيضا الاختلالات في سوق العمل المتمثلة أساسا في تركز الجزء الأكبر من العمالة الوطنية في القطاع الحكومي، وما يخلقه ذلك الوضع من تحديات ملحة في توفير فرص العمل للأعداد المتزايدة من المواطنين الداخلين لسوق العمل.

وفي ما يتعلق بالشق الثاني من السؤال، بشأن رؤية الإصلاح، يرى بنك الكويت المركزي أن هناك توافقا بل إجماعا وطنيا على أركان برنامج الإصلاح الاقتصادي المنشود.

وانطلاقا من ذلك، فمن الضروري في هذه المرحلة وضع مقترحات محددة ومؤثرة لدفع عجلة الإصلاح الاقتصادي الشامل وزيادة رفاهية المواطنين على أسس مستدامة، في إطار حزمة من السياسات والإجراءات المتكاملة التي تساهم في تحسين البيئة الاقتصادية العامة وتقليص الإجراءات البيروقراطية، وزيادة كفاءة الأداء الحكومي، وتوسيع دور القطاع الخاص في دفع عجلة النشاط الاقتصادي وتعزيز معايير الحوكمة والشفافية والإفصاح في بيئة الأعمال المحلية، والعمل في ذلك الإطار على مواصلة مسيرة الإصلاحات التشريعية ذات الصلة بالشأن الاقتصادي.

دعم استمرار ضمان الدولة للودائع في المرحلة الراهنة لترسيخ الثقة

أكد الهاشل أن «ضمان الدولة للودائع في البنوك يأتي بموجب القانون الصادر في نوفمبر 2008، الذي جاء بسبب الأوضاع الاستثنائية الناجمة عن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، لتعزيز الثقة بالقطاع المصرفي، فضلا عن إعطاء مصارفنا الوطنية استمرارية المحافظة على أوضاعها التنافسية، في ظل قيام العديد من دول المنطقة بضمان الودائع لدى مصارفها في ذلك الوقت».

وأشار إلى أن «مصارفنا الوطنية تتمتع بمؤشرات مالية سليمة، كما أنها أظهرت باستمرار، ولاتزال، قدرة عالية على مواجهة الصدمات في ظل سيناريوهات صعبة لاختبارات الضغط، ما يؤكد قدرتها على الاستمرار في مواصلة نشاطها في ظل ظروف ضاغطة».

وتابع: «في إطار تطبيق السياسات التحوطية فإننا نرى من المناسب استمرار ضمان الدولة لهذه الودائع في المرحلة الراهنة، لاستمرار ترسيخ الثقة بالقطاع المصرفي في هذه المرحلة التي لاتزال فيها تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية تلقي بتداعياتها على النظم المالية في العديد من الدول، وبصفة خاصة الاقتصادات المتقدمة، مع محاذير قائمة حول مدى تعافي الاقتصاد العالمي، في ظل برامج التقشف المالي التي تطبقها بعض الدول.

تعامل البنوك في سوق المنتجات التأمينية يؤثر سلباً على القطاع المصرفي

عن شكوى بعض البنوك وشركات التأمين من منع تسويق المنتجات التأمينية في المصارف ما لم تكن مرتبطة بالنشاط المصرفي، ذكر الهاشل أن التعليمات الصادرة عن بنك الكويت المركزي في 14/6/2012 تحظر على البنوك تسويق وبيع المنتجات والخدمات التأمينية باستثناء المنتجات التأمينية المكملة للخدمات المصرفية، بناء على دراسة مستفيضة قام بها البنك منذ نحو عامين، وقد غطت هذه الدراسة بشكل موسع الجانبين الفني والقانوني لهذا الموضوع.

وبين أنه في ما يتعلق بالجوانب الفنية لهذا الموضوع فإن «المركزي» يأخذ بالتوجه العالمي في الرقابة المصرفية، الذي يستند إلى منهج التخصص في العمل المصرفي، وهو التوجه الذي ظهر في أعقاب الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، حيث أثبتت التجارب أن البنوك التي كرست نشاطها في العمل المصرفي دون تشعب في عملياتها لممارسة أنشطة متعددة خارج هذا النطاق لم تواجه المشاكل والمصاعب التي وقعت بها بنوك أخرى نتيجة للتشعب في أعمالها وفقدانها السيطرة على إدارة مخاطر العديد من تلك الأنشطة.

ولفت إلى أن الرأي القانوني في الدراسة المشار إليها استقر على أنه يحظر على البنوك أن تقدم تلك الخدمات التأمينية بصورة مباشرة، ولا يجوز لها القيام بها كوسيط، حيث يحظر عليها ممارسة نشاط السمسرة، مؤكدا أنه لا يرى أسبابا تدعو «المركزي» إلى إعادة النظر في التعليمات التي أصدرها إلى البنوك في هذا الشأن، نتيجة لما أظهرته الدراسة التي قام بها.

انخفاض النشاط وضعف إيرادات البنوك من أهم التحديات

ذكر محافظ البنك المركزي أن البنوك تواجه عوامل قد تضعف جودة بعض مكونات محافظ القروض والمحافظ الاستثمارية لديها، لذلك فإن اهتمام البنوك بتحسين جودة أصولها، وبصفة خاصة تلك التي تشكل مصادر أساسية لإيرادات البنوك، ومنها محفظة القروض، يشكل بدوره واحدا من تلك التحديات المهمة التي تواجهها البنوك، مع الأخذ في الاعتبار أن جودة هذه الأصول وما يترتب عليها من تدفق مستمر في إيرادات البنوك وأرباحها سيعزز قدرة تلك البنوك على بناء المخصصات اللازمة، إضافة إلى أن الأرباح الصافية تشكل المصدر الذاتي في تدعيم القواعد الرأسمالية للبنوك وتطوير نظم أعمالها، بما يوفر لها مقومات النمو المستدام، والقدرات اللازمة لتحسين مؤشراتها المالية، والتوسع في نشاطها في إطار القيام بدورها الحيوي في عملية تمويل التنمية الاقتصادية.

على البنوك اليقظة الدائمة والتحوط من أي أحداث مستقبلية

قال المحافظ أن التحوط الدائم لأي أحداث مستقبلية يعد من التحديات الاساسية التي تواجهها البنوك، بحيث تظل هذه البنوك يقظة ومنتبهة لأي تطورات معاكسة قد تشهدها الأسواق المالية في ضوء استمرار المحاذير بشأن تداعيات الأزمة المالية العالمية.

وقال إنه مما لاشك فيه أن مثل هذا التحوط يفرض على البنوك اختبار قدراتها بشكل مستمر على مواجهة أي أحداث، في إطار إجراء اختبارات ضغط تأخذ في الاعتبار العديد من السيناريوهات، وعلى البنوك، وخارج نطاق أي توجهات من قبل السلطة الرقابية، ألا تتردد في اتخاذ ما يلزم من إجراءات استثنائية قد ترى ضرورة الحاجة إلى تطبيقها من أجل تعزيز مراكزها المالية وتدعيم مقومات صمودها في مواجهة الأحداث.

شح القنوات الاستثمارية وصعوبة توظيف فوائض سيولة البنوك

شدد الهاشل على أن قلة الفرص الجيدة والأوضاع المناسبة لتوظيف ما لدى البنوك من فوائض سيولة من التحديات التي تواجه البنوك، وهو أمر يتطلب منها تكثيف جهودها لاستقطاب العملاء الجيدين من مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، من خلال إيجاد قنوات تواصل مناسبة مع العملاء المميزين، وتوفير خدمات مالية مناسبة لهم من أجل تطوير أعمالهم.