أسيوط... قلب الصعيد يحبس أنفاسه
الفنادق شبه خالية والمقاهي مغلقة والكنائس خاوية
يجلس عم مختار أمام الفندق الذي يعمل فيه منذ سنوات بالقرب من محطة القطار، في قلب مدينة "أسيوط" عاصمة الصعيد، منتظراً زبوناً لم يأتِ بعد، فالفندق شبه خال من الزبائن، باستثناء عدد قليل ومحدود جداً، بسبب توقف حركة المواصلات بين المحافظات، منذ نحو أسبوع. فعلى بعد نحو 350 كم، جنوب العاصمة المصرية، تواجه أسيوط تصاعد عنف الإسلاميين في الشوارع، لكن قوات الجيش والشرطة التي انتشرت منذ الأربعاء الماضي، نجحت في تقليل الخسائر، علماً بأن المواجهات بين الإسلاميين وأجهزة الشرطة، لاتزال موجودة.
يقول مختار: "في الأيام العادية يوم الأحد ده مش بنلاحق على الزبائن والفندق بيبقى كامل العدد بأدواره السبعة لكن النهارده مفيش غير 4 غرف بس اللي شاغلين والباقي فاضي". يشارك مختار، باقي العاملين في الفندق، تضييع الوقت، في عمل الشاي والقهوة والسمر أمام الباب، الذي لا يبعد كثيراً عن محطة القطار، التي تعاني الصمت الرهيب، مع دخول توقف القطارات يومه الخامس لدواع أمنية، وفي نفس الوقت يستغلون سهرهم لحراسة مقر عملهم من أي محاولات لسرقته. على بعد أمتار من الفندق الكبير، يفتح أحد المقاهي أبوابه حتى الساعات الأولى من الصباح، لكن دورية شرطة جاءت لتطالب صاحب المقهى بإغلاقه، فدخل الرواد وأغلق الباب ظاهرياً. يجلس عبدالعزيز، أحد أبناء المنطقة مع رفقائه ينتقدون الإخوان ويحملونهم مسؤولية ما حدث، بينما يتحدث البعض الآخر عن عمله، فأحدهم موظف في شركة أغلقت أبوابها منذ الأربعاء الماضي، حين تم فض اعتصامين مناصرين للرئيس "المعزول"، محمد مرسي، ولا يعرف ما إذ كان سيتقاضى راتبه أم لا. باستثناء أمس الأول، فقط، عاشت أسيوط، التي تعتبر معقل الجماعة الإسلامية، أياماً عصيبة، مع تكرار التظاهرات التي ينظمها إسلاميون، في شوارع المحافظة، التي تطوف فيها قوات الشرطة على مدار اليوم، محملة بالأسلحة الآلية، لبث الطمأنينة في نفوس المواطنين، في رسالة واضحة للتصدي بحسم لأي محاولات تخريب أو استهداف للكنائس، التي تحاصرها المدرعات لتأمينها. وعلى الرغم من تعليمات حظر التجوال المفروض في المدينة من السابعة مساء حتى السادسة صباحا، لحقت ببعض الكنائس أضرار، جعلتها خاوية من رجال الدين، الذين غادروا للإقامة في بعض الأديرة الجبلية، بينما يحرص بعضهم على التردد لزيارة الكنائس التي يحميها الأمن، رغم توقفها عن إقامة الشعائر.