في حلقة الأسبوع الماضي، عرضنا لكم رسالة الشيخ مبارك المؤرخة في تاريخ 17 ربيع أول 1319هـ، وقلنا إن وكيله في البصرة عبدالعزيز سالم البدر التقى بوالي البصرة العثماني، وجرى بينهما سؤال وجواب حول الأوضاع بين الكويت والدولة العثمانية، وأن الشيخ مبارك أبدى في رسالته تأييده المطلق لما ذكره وكيله في البصرة في لقائه مع الوالي. واليوم نعرض لكم الحوار الذي دار بين عبدالعزيز السالم والوالي كما ورد في وثيقة أخرى كتبها البدر للشيخ مبارك ليفيده بالتفاصيل، وهي كما يلي:

Ad

 

"سؤال وجواب...

سؤال: هل سمعتم عن الشايع في البلد من طرف العسكر؟

جواب: نعم، قبل كم يوم، وعرفت عنه.

سؤال: كيف يعمل إذا جا العسكر، يقابل حربهم، ام يلتجي للانكليز؟

جواب: اذا حصلت المضايقة، ما يقابل عسكر الإسلام، يلتجي الذي أشوفه اقرب. جوابه: ما يفكونه الانكليز في نفس الكويت، حيث هي بلاد عثمانية ومقرين أهلها بالتبعية، والانكليز مالهم اقتدار يقابل في البر. ان كان يروح فيلكا يخلصونه بنفسه يمكن، لكن اخطأ كل الخطأ على مطلب جزئي عشرين نفر ضبطية يخالف إرادة الدولة ويعطي ميدان لاعداءه، ويظن يخلص في الانكليز. ترك نصيحة كل مود، ومحب، ومشى في فكره، لو..... تروح من البادية ما يكون نفع الكويت بعدها. مصالح الكويت في البادية والبصرة. لا يظن ان الكويت مثل البحرين، البحرين جزيرة، والكويت على بر، ودولة بني عثمان في غاية القوة في البر، انصحه يدارك أمره، يقبل الانكليزي يقولون له هذا من هالمقدار سنة ابا عن جد يتبع يثبتونه رسما. 

سؤال: كيف بعدك ما بقى لي امل، قطعا تروح وتنصح له.

جواب: ما اتمكن من الرواح، انا كودت عليه التعريفات، وعذره عند سكون هذه القائلة يجري المطلب ايش خبر لهذه...

قال: ما بقى وقت ياسع، امش وصارحه، تداركه يترك التعند، إني أراكم يوم سكتة الأمور لها نتيجة....

قلنا: ربما يفتكرون.

 قال: لا تظن الأمر فرط علينا".

 

ولكي نوضح ما قاله عبدالعزيز سالم البدر، نقول إن السؤال الأول من الوالي كان عن الأخبار التي تتردد من أن عساكر الدولة العثمانية تتجمع قرب البصرة للهجوم على الكويت، بسبب رفض الشيخ مبارك عدة مطالب من الدولة العثمانية. كان السؤال هل سمعت عن هذه الأخبار، وكان الرد من البدر بالإيجاب، ولكنه استدرك فقال إنه لا يدري إن كانت هذه الأخبار صحيحة أم لا، فسأله الوالي هل سيقوم الشيخ مبارك بمواجهة هذه القوات، أم سيلجأ إلى الحكومة البريطانية لحمايته، فرد عليه السالم بالقول إن الشيخ مبارك لن يواجه قوات دولة الإسلام، وكأنه يسعى إلى إحراج الوالي، وزاد بقوله إنه يعتقد أن الشيخ مبارك سيطلب حماية الإنكليز. وهنا استشاط الوالي غضباً، وصاح قائلاً إن الإنكليز لن يستطيعوا حماية الشيخ مبارك، لأنه ليست لديهم قوات برية كافية لمواجهة القوات العثمانية. وحاول الوالي أن يعطي مخرجاً للشيخ مبارك بأن اقترح أن يغادر الكويت إلى فيلكا، وهناك يمكن للدولة البريطانية حمايته. وفي نهاية اللقاء، طلب الوالي من البدر أن ينصح الشيخ مبارك بضرورة الخضوع لمطالب الدولة العثمانية، فرد عليه السالم بكل جرأة وقوة بالقول إنه لن يفعل ذلك، وان الشيخ مبارك قد اتخذ موقفه ولن يحيد عنه. فنظر الوالي إلى البدر وحذره من أن الوقت ينفد، وأن الوضع خطير، ونتيجة الأمور لن تكون في مصلحة الكويت. فأجاب السالم "ربما يفتكرون"، أي أن هذا هو ظنكم، ولكن في الواقع النتيجة لا يمكن التكهن بها. فقال الوالي كلمته الأخيرة "لا تظن أن الأمر فرط علينا"، وكأنه يهدد السالم بأن الأمور تحت السيطرة، وأن الدولة العثمانية لا يمكن الاستهانة بها. في الحلقة القادمة إن شاء الله سنتحدث عن المرحوم عبدالعزيز سالم البدر القناعي، وسنروي ما دار من حديث بين قائد السفينة العسكرية الضخمة "زحّاف" والشيخ مبارك وابنه الشيخ جابر من واقع رسالة كتبها الوكيل الإخباري لبريطانيا في الكويت الحاج علي بن غلوم رضا.