نوبل للقصة القصيرة
المرة الأولى التي أقرأ بها قصص أليس مونرو كانت إجبارا حين طلب أستاذ الأدب الكندي في الجامعة أن نكتب بحثاً عن إحدى قصصها القصيرة. كان سعر النسخة الحديثة لمونرو يفوق العشرين دولارا كنديا ولتوفير المبلغ اشتريت كتابا مستعملا بخمسة دولارات كندية بعنوان "أقمار جيوبيتر" صدر لها عام 1982. لاحظت اشارة في أعلى الغلاف تقول إن الكتاب على قائمة أكثر الكتب مبيعا لأكثر من عشرين أسبوعاً وهي إشارة لا تجدها غالباً على أغلفة الكتب الكندية. أنجزت مقالا قصيرا عن إحدى القصص ولم أعد للكتاب ولا للكاتبة. وربما لولا تكلييف الأستاذ لما قرأت كغيري من القراء العرب عن كاتبة لم يتوقع أحد لها أن تفوز بجائزة نوبل للآداب.لا يعتبر الكنديون أليس مونرو أول من يحصل على الجائزة لكندا وانما الكاتب سول بلو والذي ولد في "لاشين- مونتريال" وانتقل الى شيكاغو ثم رحل الى أوروبا. وهو أيضا من تعتبره الثقافة اليهودية أحد أبرز كتابها بعد كتابه الأول "عائدا من أورشاليم". رسميا الجائزة ذهبت اليه ككاتب أميركي. كان يمكن أن يحدث ذلك مع مونرو لولا أنها بقيت في كندا تعيش في "كلينتون – تورنتو" مع ثلاثة آلاف نسمة هم سكان الضاحية في بيت زوجها الثاني الذي ولد فيه.
فازت مونرو ثلاث مرات بجائزة الحاكم ممثل الملكة في كندا وبجائزة مان بوكر الدولية واستمر بها العمر حتى الثالثة والثمانين لتنال الجائزة التي كانت جميع الإشاعات تشير الى فوز مواطنتها الأكثر شهرة مارغريت اوتواد للفوز بها اذا لم يخطفها الماستر الياباني موراكامي. يقارنها النقاد دائما بملك القصة القصيرة أنتون تشيخوف ويتطلع الكتاب الكنديون الى الفوز بأن يحقق لهم شهرة عالمية في متابعة أعمالهم وترجمتها للغات العالم ومنهم كثيرون تم تجاهلهم عالميا رغم تفوقهم الابداعي أمثال الروائية مارغريت لورنس وروبرتسون ديفيز وربما يفتح المجال لمتابعة كتاباتهم النقدية التي يترأسها ناقد كبير لم يحظ بفرص كبيرة للاطلاع على أعماله وهو نورثروب فراي. جائزة نوبل لا تقف عند حدود الفائز بها، لكنها تمتد لتلقي أفقا أرحب على البيئة التي نشأت فيها الفائزة وعلى من حولها من كتاب ساهمت معهم الفائزة في ابتكار عالم ابداعي. وفوزها يدعم حركة النشر وسيقبل الكثير من الناشئة على المكتبة من أجلها ومن أجل أقرانها من الكتاب. في تعليق لصاحبة دار مونرو، وهي دار أنشأتها مع زوجها الأول في فيكتوريا، تقول: طلبنا شحن كل الكتب من مخازن الناشر ونقلنا جميع كتبها من المخزن الى الواجهة.أليس مونرو التي اعتزلت الكتابة بعد مجموعتها الأخيرة "عزيزتي الحياة" تتراجع عن اعتزالها وتفكر بالعودة للكتابة. وربما تكتب رواية ثانية بعد روايتها الوحيدة "حيوات بنات ونساء".سيقبل العالم والعالم العربي على قراءة مونرو لسنة قادمة لتعود القصة القصيرة التي انسحبت بهدوء أمام الرواية بعد فوز مونرو هذا العام وفوز ليديا ديفيز لمرتين متتاليتين بجائزة مان- بوكر الدولية عن مجاميعها القصصية.