تتواصل المساعي الدبلوماسية الغربية والعربية لإقناع فرقاء السياسة المصرية بالعودة إلى طاولة الحوار، في ظل ترحيب من النظام المصري، وتعنت من جماعة "الإخوان المسلمين" الساعية إلى خروج مشرف من أزمة تكاد تعصف بتاريخها.

Ad

تحوَّلت القاهرة أمس الأحد إلى قبلة للجهود الدبلوماسية العربية والغربية، الرامية إلى إعادة دمج جماعة "الإخوان المسلمين" في الحياة السياسية المصرية، عقب التوتر الذي شهدته أكبر دولة عربية، بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، في 3 يوليو الماضي.

وتواصلت أمس الأحد، المساعي الدبلوماسية لإقناع قيادات "الإخوان" بضرورة الحل السياسي القائم على الاعتراف بحقائق ما بعد "30 يونيو"، وبات واضحاً انحياز الأطراف الدولية لفكرة اعتراف "الإخوان" بالوضع القائم وخريطة الطريق المعلنة من قبل الجيش، والتأكيد على عدم إمكانية عودة الرئيس المعزول، مقابل إعادة دمج جماعة "الإخوان" في العملية السياسية، في ظل أنباء عن استعداد الدول الغربية لطرح مبادرة متكاملة لحل الأزمة المصرية.

وكثفت إدارة الرئيس الأميركي بارك أوباما والاتحاد الأوروبي من مساعيهما الرامية إلى التسوية السياسية بين الفرقاء، في ظل توحيد النشاط الأوروبي والأميركي، والذي تمثل في عقد المبعوث الأميركي إلى القاهرة نائب وزير الخارجية وليام بيرنز، الذي مدد زيارته إلى مصر يوماً إضافياً، وممثل الاتحاد الأوروبي لجنوب المتوسط بيرناردينو ليون مجتمعين لقاءات مشتركة مع مسؤولين مصريين.

ولم تقتصر الجهود الدبلوماسية على العواصم الأوروبية، بل شاركت دول الخليج العربي بدورها في جهود الوساطة، بعد أن وصل وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية، لإجراء محادثات مع عدد من المسؤولين المصريين تتناول العلاقات الثنائية بين البلدين، في زيارة هي الأولى لمسؤول قطري للقاهرة عقب الإطاحة بمرسي، الحليف للنظام القطري.

وفي حين ترددت أنباء عن وساطة قطرية لإقناع "الإخوان" بالعودة إلى طاولة الحوار، واصل وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد، لقاءاته مع كبار المسؤولين المصريين في القاهرة منذ مساء أمس الأول السبت، وأعرب زايد خلال لقائه بنظيره المصري نبيل فهمي عن دعم أبو ظبي للقاهرة والشعب المصري حتى يحقق تطلعاته المشروعة.

في غضون ذلك، واصل وفد لجنة الحكماء الإفريقية لقاءاته بالمسؤولين المصريين أمس الأحد، قبيل تقديمه تقريراً إلى الاتحاد الإفريقي حول طبيعة ما يجري في مصر، والتقى الوفد الإفريقي بوزير الخارجية المصري نبيل فهمي، الذي أعرب عن اعتقاده أن ردود الفعل لدى الوفد إيجابية، مشيراً إلى أن مصر أوفدت أيضاً ستة مبعوثين رئاسيين حملوا رسائل رئاسية إلى القادة الأفارقة لشرح حقيقة ما حدث في مصر.

 

تهدئة

 

المساعي الدبلوماسية الدولية تناغمت مع التحرك السياسي المصري الساعي إلى فتح أبواب الحوار أمام الجميع، بعد أن عقد وزير الدفاع المصري الفريق أول عبدالفتاح السيسي، اجتماعاً مساء أمس الأول السبت، مع عدد من ممثلي التيارات الدينية الإسلامية، على رأسهم الداعية السلفي محمد حسان، لبحث الأزمة السياسية الحالية، أكد لهم أن الفرص متاحة لحل الأزمة سلمياً، شريطة التزام كل الأطراف بنبذ العنف، مع التشديد على عدم الرجوع إلى الوراء والالتزام بخريطة المستقبل التي ارتضاها الشعب المصري.

لقاء السيسي، جاء بعد تصريحاته التي أدلى بها لصحيفة الـ"واشنطن بوست" وأكد خلالها على خيبة أمله في موقف الإدارة الأميركية التي لم تنحز إلى رغبة الشعب المصري، وقال موجها حديثه لأوباما: "لقد تركت الشعب المصري، وأدرت ظهرك للمصريين، وهم لن ينسوا أبدا هذا"، ما يعكس مدى غضبه من موقف الرئيس الأميركي، متمنياً من واشنطن استغلال نفوذها "القوي" على جماعة "الإخوان المسلمين" من أجل حل الصراع الحالي.

الحديث عن انفراجة سياسية لا يعني تخلي الحكومة المصرية عن موقفها الرافض للعودة لما قبل "30 يونيو"، هو ما قاله صراحة رئيس الحكومة حازم الببلاوي بتأكيده على أهمية نبذ العنف والالتزام بالسلمية في التعبير عن الآراء، مشدداً على أن الحكومة تبذل قصارى جهدها لعدم استخدام القوة حفاظاً على أرواح المصريين.

حديث الببلاوي جاء عقب لقاء جمعه مساء أمس الأول السبت مع عدد من رؤساء الأحزاب المدنية، على رأسهم مؤسس "التيار الشعبي" حمدين صباحي، ورئيس حزب "الوفد" السيد البدوي، للتباحث حول الأوضاع السياسية الراهنة.

 

تصعيد

 

في المقابل، تمسكت جماعة "الإخوان المسلمين" بسياسة الحشد في الشارع على أمل تحسين شروط التفاوض، والحصول على مكاسب أكبر عند الحديث عن مبادرة لحل الأزمة السياسية، وحشدت الجماعة أنصارها أمس الأحد في مليونية "الدعاء على الانقلابيين"، وأصيبت الطرق المؤدية إلى مطار القاهرة الدولي بالشلل التام بسبب إغلاق طريقي النصر وصلاح سالم، شرقي القاهرة، عقب إغلاق أنصار "الإخوان" مجدداً، الطريق عند منزل جسر "6 أكتوبر" على طريق النصر، ما أصاب شرق القاهرة بالشلل المروري.

وعززت اللجان الشعبية للمعتصمين أمام مسجد "رابعة العدوية" من إجراءاتها التأمينية في ميدان "رابعة" ووضعت أكياساً ضخمة من الرمل على مداخل ومخارج الميدان فيما أشبه بالثكنة العسكرية، تحسبا لمواجهة محتملة مع قوات الشرطة.

وبينما أمرت النيابة العامة بحبس 36 متهما لمدة 15 يوما احتياطيا لمحاولتهم اقتحام مدينة الإنتاج الإعلامي مساء يوم الجمعة الماضي، جددت وزارة الداخلية نداءها إلى معتصمي "رابعة العدوية" و"النهضة"، لفض اعتصامهم سلمياً، ودعا مجلس "الدفاع الوطني"، برئاسة الرئيس عدلي منصور، المواطنين في اعتصامي "رابعة العدوية" و"النهضة" أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه الوطن.