لا تتوقف حدود الأزمة الإسكانية في الكويت عند قدرة الدولة على توفير أراضٍ أو سيولة مالية لتوفير القسائم السكنية، فهي أعمق من ذلك بكثير، إذ تصل جذورها إلى معظم الوزارات من كهرباء وماء، وصحة، وتربية، وتجارة، وداخلية، وهو ما كشفته الحقائق الماثلة على أرض الواقع، لتضع الوعود "الجماعية" لأجهزة الدولة بالمساهمة في حل القضية في مهب الريح.

Ad

ومن واقع الأرقام الرسمية ومتابعة تنفيذ المشاريع الحالية، يتبين أن أجهزة الدولة ستقف عاجزةً أمام تلبية المتطلبات الأساسية لأي مدينة سكنية جديدة، فوزارة الكهرباء والماء تقول إن بناء 150 ألف وحدة سكنية يتطلب توفير 15 ألف ميغاواط من الكهرباء، و200 مليون غالون إمبراطوري من المياه، أي ما يعادل كل طاقة الوزارة الإنتاجية اليوم البالغة 14 ألف ميغاواط!

وأمام هذه المتطلبات الكهربائية والمائية الأساسية للمدن الإسكانية الجديدة، نجد الوزارة مازالت في سباق سنوي مع تزايد الاستهلاك المحلي الحالي عبر دعواتها المواطنين والمقيمين إلى الترشيد، أما عمليات تطوير المحطات القائمة اليوم لسد الاحتياجات السنوية فهي أسيرة البيروقراطية والصراعات. وعلى مستوى المشاريع المستقبلية فإن مشروعي شركتي الخيران والمطلاع للطاقة لا يزالان في مرحلة الترسية والتأهيل رغم اعتمادهما منذ 4 سنوات، ما يعني أنهما بحاجة إلى سنوات إضافية للانتهاء من مرحلة التأسيس والاكتتاب، وسنوات أخرى للتنفيذ!

أما وزارة الصحة، بحسب مسؤوليها، فهي تسعى إلى توفير مستشفى بطاقة 1000 سرير لكل مدينة سكنية جديدة، في المقابل نجد أن بناء مستشفى جابر الأحمد - لخدمة المناطق القائمة - مازال تحت الإنشاء رغم أن تصميمه أُنجِز منذ عام 2005، ومن المتوقع أن يُسلَّم عام 2015، أي أن مستشفى واحداً لتغطية الاحتياجات الحالية سيستغرق 10 سنوات! بل إن النقص الحالي في الأَسرة الذي استدعى معه بناء 4 مستشفيات جديدة اصطدم بفوضى إدارية وضعت المناقصات الأربع بعد ترسيتها تحت خطر الإلغاء بسبب سوء التنسيق والترسيات وتفاوت الأسعار، علماً أنها استغرقت سنتين لترسيتها، ما يعني العودة إلى نقطة الصفر، والبحث عن حلول لتوفير الاحتياجات الحالية قبل المستقبلية.

وليس بعيداً عن "الكهرباء" و"الصحة" حال وزارة التربية والتعليم العالي، فهي غارقة اليوم في أزمة الكثافة الطلابية في الفصول، وتكدس عدد المدارس المطلوب إنشاؤها خلال العشر سنوات المقبلة لخدمة المناطق الحالية، والبالغ مجموعها 178 مدرسة، وستكون بين سندان سد النقص الحالي ومطرقة بناء المدارس للمدن المستقبلية، وعلى صعيد التعليم العالي فإن ملف جامعة الشدادية يبقى حاضراً كمثال حي لبطء أجهزة الدولة في تنفيذ المشاريع.