مسرحية جديدة يحاول مجلس الصوت الواحد عرضها على الناس ولكن هذه المرة بأسعار تذاكر خيالية من أموالنا العامة، وعنوان هذه المسرحية القروض وما أدراك ما القروض!

Ad

وليس من باب التحامل ننتقد هذا الأداء المشبوه لبعض أعضاء مجلس الأمة، ولكن تأكيداً لما كنا نحذر منه من نتائج وتبعات مرسوم الصوت الواحد واستبسال من أراد أن يعود إلى كراسي النواب بأي طريقة لكي يمارس هذا الدور المفضوح.

ويكفينا أن نشك في مصداقية القانون المقترح من خلال الموقف الغريب من الحكومة التي انقلبت على أعقابها بعد ذلك الصمود الظاهري خلال المجلس الحالي، وصمودها الحقيقي في المجالس السابقة لدرجة حل المجلس! وعوداً إلى المقترح النيابي فمن يقرأ الأرقام المعلنة من اللجنة المالية ويجد أن عدد القروض التي يشملها القانون الجديد يصل إلى 66 ألفاً تقريباً من أصل 360 ألف قرض أي بنسبة 20%، وهذه النسبة بحد ذاتها مزورة لأنها شملت من دخل صندوقي المعسرين الأول والثاني، وفي ذلك غبن كبير في حق من دخل ذلك الصندوق فحكم عليه بالإعدام المدني، كما أن أعداداً كبيرة ممن سيشملهم القانون الجديد إما سددوا فوائدهم بالكامل وإما سددوا جزءاً مهماً منها.

أما الغالبية العظمى من المدينين فيبقون دون غطاء قانوني، أي تستمر معهم المعاناة ومص الدماء من قبل البنوك وخاصة الإسلامية منها هذه المرة!

ويكمن بعد الصوت الواحد في هذا القانون في أن الكثير من النواب لا يهمهم أن تعالج القضية برمتها ومن جذورها، وليس عندهم الجرأة لمحاسبة البنوك والبنك المركزي على جرائمها في الاحتيال على المواطنين، وضربها بالقانون المنظم للاقتراض عرض الحائط، ولكن يكفيهم أن يرضوا مجموعة صغيرة من الناخبين ما دام النجاح في الانتخابات يحتاج إلى ألف صوت أو أقل!

وأمام هذا المشهد المأساوي والضحك على الذقون تكمن المؤامرة الكبرى، وهي ليست معاقبة البنوك أو جعلها تتحمل المسؤولية، بل على العكس تماماً، وقد يسأل القارئ كيف يكون ذلك؟

نقول إن غالبية المقترضين الذين يشملهم القانون قد سددوا خلال السنوات من 2002 إلى 2008 الحصة الكبرى من فوائد القروض وليس أصل الدين، وبالتالي فإن ما دفعوه راح عليهم بالكامل وبلعته البنوك، وفوق ذلك فإن الحكومة سوف تشتري الأصول أو ما تبقى منها وبقيمة تصل إلى المليار دينار، وتدفعها نقداً للبنوك وهذه مكافأة ثانية للبنوك.

وهذا المبلغ سوف تجيّره البنوك من جديد لقروض جديدة والبحث عن حيل أخرى مثلما فعلت بعد قانون المعسرين وتطبيق قانون المركزي عندما فتحت أبواب القروض الخليجية، وبنفس طريقتها السابقة، و"دبسّت" مجاميع جديدة من الناس فيها، وقد تكون الضحية القادمة هي شريحة المتقاعدين أو من لم يقترض من قبل على أمل أن تكون هناك حلول ترقيعية مشابهة في السنوات القادمة.

ولهذا فإن لعبة إبقاء الناس في الشبكة العنكبوتية للقروض مستمرة، وهذا ما اتفقت عليه الحكومة ونوابها بالاتفاق مع البنوك لإبقاء الوضع كما هو، وفي نفس الوقت تسجيل إنجاز جديد تحت عنوان التعاون الحكومي- البرلماني، وتلميع صورة مجلس الصوت الواحد، فهل عرفت حجم الدمار الذي سيلحقه هذا المجلس بالبلد ويباركه المطبلون فقط، وفقط من باب التشفي بالأغلبية المبطلة والمعارضة التي لا يحبونها!