دينيس كويد يوظّف خبرته في At Any Price
في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، كان كل فيلم من بطولة دينيس كويد يُعتبر الفيلم المنتظر: ذلك الفيلم الذي سيحوّله إلى أكثر من مجرد ممثل جريء يتحلى بابتسامة مميزة، إلى نجم يحقق نجاحاً كبيراً على شباك التذاكر. ماذا عن الفيلم المستقل At Any Price؟
في صيف عام 1987، حمل الفيلم الذي أطلق النجم دينيس كويد عنوان Innerspace، إلا أن تلك المغامرة الخيالية حققت نجاحاً محدوداً. وبعد سنتَين، شارك كويد في قصة حياة جيري لي لويس Great Balls of Fire!e!، الذي لاقى ترحيباً كبيراً. إلا أن الفيلم أيضاً لم يكن المنتظر، مع أنه لم يكن كارثة أيضاً.تحوّل كويد (59 سنة) مع التقدّم في السن إلى نجم مختلف غيّرته تقلبات الحياة. فقرر الممثل، الذي تعرّف إليه الناس في فيلم 1979B) Breaking Away) المميز ورأوه في دور رائد الفضاء غوردون كوبر في النسخ الغريبة جداً من The Right Stuff (1983)3)، أداء أدوار أكثر صعوبة. ففي فيلم Far From Heaven، الذي تدور قصته حول زوج يعاني مشاكل جنسية، يستبدل كويد حماسته الطبيعية بنوع من عدم الارتياح الخفي، ما لاقى استحسان النقاد.
في At Any Price المستقل، الذي كتبه وأخرجه رامين بحراني (M،Man Push Carth Cart، Chop Shop، وGoodbye Solo)، يؤدي كويد دور مزارع أبّاً عن جد في أيوا يواجه ضغوط التوسع والمنافسة والخيانة. وتشمل الحبكة ولداً يؤدي دوره زاك إيفرون، يترك شخصية كويد، هنري ويبل، ويداه مضرجتان بالدماء فعليّاً ومجازياً.ميزانية كبيرةصُوّر At Any Price في مقاطعة ديكالب في إيلينوي، وخُصصت له ميزانية {كبيرة} بلغت أربعة ملايين دولار. ولم يظن أحد أنه قد يكون من الأفلام البارزة هذا الصيف. يقول كويد وهو يضحك: {شاركت فيه مجاناً، إذا جاز التعبير}. يُعتبر من الأفلام التي يقرر الممثل المشاركة فيها لأسباب غير المكافأة المالية أو نسبة من الأرباح. أمضى كويد أخيراً نحو نصف ساعة في صباح يوم ميلاده ({أنا آسف! يكاد هاتفي ينفجر، فاليوم عيد ميلادي و...)} بالحديث عن الشهرة، النجاح، التمثيل، وتعلّم عدم المبالغة في التمثيل، فيما راح يتنشق دخان سيجارته الإلكترونية (أقلع عن السجائر الفعلية منذ سنتين، على حد قوله) في جناحه في فندق والدورف أستوريا في وسط مدينة شيكاغو.يصف بحراني ويبل بأنه {ويلي لومان في حقل ذرة}، فهو يتمتع بروح متناقضة جدّاً تجمع عناصر من بطل Death of a Salesman للكاتب المسرحي أرثر ميلر، فضلاً عن الأب بتصرفاته المنافية للأخلاق في مسرحية ميلر All My Sons.يوضح كويد: «يبدو ويبل محطماً». ويضيف أن At Any Price ينتمي إلى {تلك الأفلام التقليدية التي تدور حول إنقاذ المزرعة بموسيقاها الرائعة وسعي العائلة الحثيث إلى التمسك بما تملك. إلا أنه سرعان ما يتخذ منحى قاتماً لا تتوقعه}.اقترح وكيل أعمال كويد أن يستخدم الممثل سحره ومهاراته في دور دقيق قد لا يكسب عطف المشاهدين. فهذا المزارع الطيب وبائع البذور المعدّلة جينيّاً يخفي الكثير وراء واجهة الرجل الأميركي المثالي.يشير بحراني: «صحيح أن دينيس أدى أدواراً شريرة، إلا أننا نتذكّر أدواره في أفلام مثل The Right Stuff وThe Rookie. لطالما أحببت تمثيله. وأظن أنه لم يحظَ بالفرص التي يستحقها}. أمضى بحراني وكويد ثلاثة أيام معاً في منزل الأخير في أستن في تكساس. فتحدثا، وفق هذا الكاتب والمخرج، {عن التاريخ، السياسة، والسينما}. ثم قبل كويد الدور، وانتقل إلى موقع التصوير في ديكالب في إيلينوي في الليلة التي انتهى فيها من تصوير إحدى حلقات مسلسله Vegas (الذي يتأرجح اليوم بين التجديد والإلغاء).يوضح بحراني أن بداية تعاونهما معاً لم تكن جيدة. يخبر: {كان مزاج دينيس عكراً. لم يرد التمرن، فشعرت بالقلق}. فاتصل المخرج بصديقه وارنر هيرزوغ وطرح عليه بضعة أسئلة عن العمل مع نجوم سينما كبار. فأجابه هيرزوغ، وفق بحراني: {رامين، لا تضيّع وقته. كويد ممثل محترف يعمل في هذا المجال منذ 30 سنة. وسيقدّم أفضل أداء ممكناً عندما تشغّل الكاميرا}.عندما كان كويد في سن إيفرون، الذي يشاركه بطولة الفيلم، مثّل إلى جانب لي ماجورز، قصة عن علاقة أب بابنه يعملان في مجال البناء. ثم التقى الممثل الشاب بمخرج Breaking Away، بيتر ياتس، الذي أقنعه بالتخلي عن ذلك المشروع والانضمام إلى فريق عمله.يخبر كويد: {كانت هذه فرصتي الكبيرة الأولى. وهكذا انتقلتُ من أداء عمل تلو الآخر إلى تلقي العروض}. ويضيف أن ياتس علّمه كيفية التمثيل أمام الكاميرا. ويقر كويد اليوم: {أحتاج أحياناً إلى مَن يحجّمني ويحملني على عدم المبالغة. وعندما أفكر أحياناً أنني لم أقدّم أفضل ما لديّ، يختار المخرج هذه اللقطة بالتحديد. يقوم التمثيل على الصدق في الأداء}.تبع كويد أخاه راندي إلى هوليوود في مطلع سبعينيات القرن الماضي. وحالف الحظ راندي باكراً بمشاركته في فيلم The Last Detail.حلم تحققيبقى فيلم دينيس المفضل The Right Stuff. وعنه يقول مبتسماً: {من المفرح أن تحلم بأمر، أن تحلم بأداء دور كغوردون كوبر وتحصل عليه}.لا تختلف حياة كويد ومشاكله بعيداً عن الشاشة (مثل إدمان الكوكايين) كثيراً عما يعيشه عدد كبير من الممثلين الأميركيين المشهورين، إلا أنها أكثر صخباً بقليل وتحيط بها الأقاويل. كتب لمجلة نيوزويك مقالاً عن أكبر أخطائه: تعاطي الكوكايين. يذكر في المقال أن فترة تعافيه في التسعينيات {صنعت منه إنساناً حقيقيّاً}. رُزق بابن من زوجته الثانية ميغ راين وبتوأم، في الخامسة من العمر اليوم، من زوجته الثالثة كيمبرلي كويد. يعمل ابنه البكر جاك في مجال التمثيل أيضاً، وقد ظهر أخيراً في فيلم The Hunger Games. يشير كويد إلى أن جاك رفض عرض أبيه مساعدته للحصول على وكيل أعمال. ويضيف: «قرر النجاح بمفرده».يقول كويد وهاتفه على الطاولة في جناحه في فندق والدورف يرن أو يكاد ينفجر بما أنه عيد ميلاده: «أريد أن يحقق أولادي أحلامهم كافة. فمن الممتع أن تجني المال مقابل عمل تحبه. من المهم أن تستمتع بعملك وتفرح بثماره». يصمت قليلاً ثم يكرر بنبرة عادية من دون أي مبالغة، كما لو أنه يذكر نفسه: «هذا مهم».