ألْهى بني تغلب عن كل مكرمة/   

Ad

قصيدة قالها عمرو بن كلثـوم

قصة مؤتمر جنيف لحل الأزمة السورية أصبحت كحكاية إبريق الزيت، وهي تذكر  بعض العرب بقصة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الذي صدر بعد حرب عام 1967 وبقي الحديث عنه مستمراً على مدى خمسة وأربعين عاماً، على اعتبار أن القضية الفلسطينية، التي هي القضية الأساسية، لاتزال عالقة وعلى اعتبار أن هضبة الجولان السورية لاتزال محتلة، حتى ملَّه الناس وحتى بات مضرب مثل سيئ على التسويف والمماطلة وعدم التوصل إلى أي حلٍّ فعلي على أساسه، اللهم باستثناء ما يتعلق بسيناء المصرية.

إن الاستمرار بالعودة إلى الاستنجاد بمؤتمر جنيف بعد كل وساطة فاشلة، وبعد كل اجتماع للأميركيين والروس، وهذا ينطبق على الاجتماع الأخير بين نائب وزيرة الخارجية الأميركية وليم بيرنز ونائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، بحضور الأخضر الإبراهيمي بالطبع، يدل على الإفلاس ويدلُّ على أنه لا أمل إطلاقاً باستدراج روسيا إلى دائرة الحل المعقول الذي يجنب سورية خطر الحرب الأهلية الطاحنة التي كانت قد بدأت منذ أن ركب نظام بشار الأسد رأسه وواجه تظاهرات الشعب السوري السلمية بالمدافع والطائرات والحديد والنار.

يفترض أن يكون معروفاً أنَّ حجر الزاوية في جنيف هذه، التي يحاول الأخضر الإبراهيمي، أعانه الله، التمسك بها كتمسك الغريق بزبد البحر، هو وضع بشار الأسد في المرحلة الانتقالية التي يجري الحديث عنها، فالأميركيون ومعهم الاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية المعنية يصرون على أن مهمته كرئيس للبلاد يجب أن تنتهي بمجرد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية "ذات الصلاحيات الكاملة"، بينما يرفض الروس هذا رفضاً مطلقاً، ويقولون إن بقاءه ضروري خلال هذه المرحلة الانتقالية، بل إن من حقه الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2014.

وهكذا فإن كل ما قيل، سابقاً ولاحقاً، عن تطور إيجابي في الموقف الروسي غير صحيح على الإطلاق، وأنه مجرد رغبات وأحلام يقظة للمبعوث الدولي والعربي الحالي الأخضر الإبراهيمي وللمبعوث الذي سبقه كوفي أنان ولبعض العرب الذين لعجزهم عن فعل أي شيء يلجأون إلى الاختباء خلف أصابعهم، ويحاولون في كل مرة تكون فيها جولة محادثات أن يبيعوا لأنفسهم أوهاماً ليست صحيحة ولا وجود لها إطلاقاً على أرض الواقع.

لقد كان واضحاً منذ البداية أن هذه الحرب المدمرة، التي أشعلها بشار الأسد تحت وَهْمِ أنه قادر على أن يفعل ما فعله أبوه بمدينة حماة عام 1982، هي حرب روسيا بكل معنى الكلمة، وأن كل ما قاله الروس حول الحلول السياسية وحول المرحلة الانتقالية هو من قبيل المماطلة والاستمرار بشراء مزيد من الوقت لذبح الشعب السوري أكثر وأكثر، ولتمزيق سورية أكثر وأكثر، ولابتزاز العرب والأميركيين والغرب كله أكثر وأكثر، على طريقة سماسرة الحروب عبر التاريخ كله.

ولهذا فمن المفترض أن تنتهي هذه المهزلة، لأن الحديث عن جنيف وعن اتفاق جنيف ثبت أنه غدا "حجة المفلس". إن منح مزيد من المحاولات من أجل إقناع الروس بتغيير موقفهم وإعطائهم مزيداً من الوقت لذبح مزيد من الشعب السوري، والمساعي المستجدة، ليكون الإيرانيون جزءاً من الحل، بينما هم أساس البلاء والجزء الرئيسي من الأزمة، يشيران إلى أن الصف العربي غير نقي وأن هناك أطرافاً قلوبهم ليست نقية ولا نظيفة، وأنه حتى تستقيم الأمور فلابد من تخيير هؤلاء في أن يكونوا هناك مع الولي الفقيه ومحمود أحمدي نجاد، أو أن يكونوا هنا مع الشعب السوري ومع الحفاظ على سورية دولة عربية موحدة.