أعلنت كتلة الأغلبية المبطلة عزمها الاتجاه في طريق "تدويل" القضايا المتعلقة بكبت الحريات واعتقال المواطنين وعدم إيمان الحكومة بحرية الرأي، وعدم سماحها بالتضرر من ممارسات وزارة الداخلية.

Ad

هذا التوجه أمرٌ يخص تلك الكتلة مادام اختار أعضاؤها طريقة "التجربة والخطأ" في أسلوب تعاملهم مع الأوضاع الجديدة، ما يهمني في هذا الموضوع هو المجاميع الشبابية المخلصة لقضية تطوير النظام الديمقراطي والدفع بتحديث العملية السياسية الذين قد يعتقدون بجدوى خيار "التدويل" دون التعرف إلى أبعاده.

 قضية "التدويل"، كما أعرفها وأفهمها ووفقاً لما ينطبق على حالة الكويت، تتخذ أربعة أشكال من التحركات: إعلامي وسياسي ومنظماتي وحقوقي، ولكل شكل حديث مفصل سأختصره بما يخدم الفكرة دون الإخلال بجوهرها.

في التدويل الإعلامي، وبعد دخول وسائل الإعلام الفوري إلى ملعب توصيل الخبر والصورة الثابتة والمتحركة، أصبحت محاولات السلطة تقزيم فاعلية تلك الوسائل مثل محاولات عجوز طاعن في السن اللحاق بصبي شاب عمره خمس عشرة سنة.  ومعسكر المعارضة استفاد من ثورة الإعلام الفوري وتمكن من "التموقع" في بعض وسائل الإعلام التقليدية، وآخرها الصحف الأميركية والغربية التي أفسحت مجالاً جيداً لأخبار الدولة الصغيرة المسماة الكويت على صدر صفحاتها، ما يعني أن خيار التدويل الإعلامي متحقق على الأرض.

التدويل السياسي، خيار لم يلتفت إليه الطرف الساعي إلى التدويل ربما لخطورته وقلة الحيلة فيه، ذلك الخيار يعني ذهاب وفد يمثل الأغلبية المبطلة للقاء شخصيات رسمية بارزة- إن تمكنت- في مراكز القرار الدولي لتقديم رؤيتها عن حقيقة الأوضاع السياسية في الكويت على أمل أن يصدر تعليق مؤثر "يخض بطن" حكومتنا التي ترتعد فرائصها عادة من هكذا تصريحات.

 وهذا الأمر في السياسة الدولية وعلاقات الدول غير مضمون النتائج، الشيء الوحيد المضمون هو "القصف" الإعلامي المحلي الذي سيلقاه وفد المعارضة.

التدويل المنظماتي، أو التواصل مع منظمات حقوق الإنسان الكبرى المستقلة مثل منظمة مراقبة حقوق الإنسان "هيومان رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية "أمنيستي إنترناشيونال"، أمر حاصل وبدرجات متقدمة تمثل بزيارة ممثلين عن المنظمتين لدولة الكويت مرات عدة واجتماعهم مع أطراف كثيرة من بينها أطراف في المعارضة.

 وهذا النوع من التواصل والوجود الحي خلال الفترات الساخنة السابقة أثمر عن انتقادات لاذعة ومتكررة ضد استعمال القوة المفرطة مع المتظاهرين السلميين، الشيء الذي يجب معرفته عن تلك المنظمات الإنسانية أنها لا تتوانى عن ذكر أي تجاوزات قانونية أو ممارسات سلبية قد يرتكبها طرف ما في معسكر معارضة مرسوم الصوت الواحد، لأنهم يعملون وفق معايير صارمة لا تسمح لهم بالتغاضي أو الميل صوب طرف من أطراف أي نزاع.

الشكل الرابع والأخير من "التدويل"، وهو الحقوقي، الذي يشمل حزمة من الإجراءات منها اللجوء إلى محاكم دولية للفصل في قضايا محلية الداخل، فقد تناول الدكتور غانم النجار هذا الموضوع في سلسلة من المقالات، ولأنه من "أهل الكار" سألته بشكل محدد هل يمكن رفع قضية تخص تجاوزات السلطة مع معارضيها؟ الجواب هو لا.

وبتفصيل أوضح الكويت صدّقت على العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لكنها لم توقع على البروتوكول الاختياري الذي يخص المعاهدة الأولى الذي يسمح بتلقي شكاوى خاصة لدى لجنة الخبراء المستقلين التابعة للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وللعلم حتى لو وقعت الكويت على ذلك البروتوكول، فإن لجنة الخبراء تشترط قبل قبول أي شكوى "استنفاذ اختصاص المحاكم الوطنية"، بمعنى من يريد الذهاب إلى الخارج فإن عليه اللجوء إلى المحاكم الكويتية ولغاية الحكم النهائي.