الصين ليست محصنة تماماً من الفوضى المالية... ولكن التداعيات قد لا تصيب الاقتصاد الحقيقي

نشر في 13-04-2013 | 00:01
آخر تحديث 13-04-2013 | 00:01
No Image Caption
الصين ليست محصنة تماماً ضد التدمير الذاتي بسبب الخوف والجهل، وقد تتسبب أوضاع البيئة المتردية بفوضى، وهذا ينسحب على الفساد أيضاً. وقد يلحق الإقراض المفرط وغير المنتج الضرر بالوضع الاقتصادي الحقيقي.
تنجرف الصين أكثر فأكثر نحو أنظمة الفوضى المالية، ولكنها لم تصل بعد الى نقطة الخطر.

هل تتعرض الصين الى أزمة مالية؟ اذا كان الحال كذلك، هل سيكون أبناء ذلك البلد في وضع أسوأ؟ الأجوبة ليست موجودة في مستويات ديون الدولة المتصاعدة بسرعة، بل في الفوضى المحتملة حين تتجه الأمور الى المسار الخطأ.

قد توصف الفوضى المالية مثل امكانية محتملة لحدث واحد يتسبب بحدوث حالات غير منظورة. وربما يحدث ذلك نتيجة روابط غير متوقعة، أو نتيجة استجابة الناس نحو تطورات بطرق غير متوقعة أو عقلانية. وهي أقرب الى ما يدعوه المستثمر جورج سوروس بـ»حركة انعكاسية». وحسب نظرة سوروس فإن المفكرين عرضة للخطأ وذلك يجعلهم عرضة لخطوات غير ملائمة ومدمرة.

وقد يكون من الجيد حدوث قدر طفيف من الأمور غير المتوقعة في النظام المالي، وتسهم الحرية في تطوير الإبداع كما تساعد على انتقال الرسملة الى حيث تدعو الحاجة اليها، وليس الى حيث تظن السلطة المركزية انها تنتمي. ويشعر قادة الصين بقلق عميق من فكرة الفوضى ولكنهم تساهلوا ازاء النوع المالي في بعض الأحيان مثل السماح بدخول مستثمرين أجانب واقامة أسواق أسهم وأحياناً عبر تسريح موظفي القطاع الحكومي.

مؤشر الفوضى المالية

تخيل مؤشر الفوضى المالية. إنه يبدأ عند نقطة الصفر؛ اجمالي سيطرة الدولة في بلد تتمتع الحكومة فيه بثقة تامة. وفي وسع السلطات طباعة نقود من أجل التخلص من المشاكل، وحيث لا وجود لدائنين أجانب أو شركاء تجاريين يشتكون من ذلك. والآن تصور وجود نظام يشتمل على سجل من 100 نقطة. هنا لا مكان للثقة على الاطلاق، ويتم تحريك السكان من خلال الخوف والجهل. الذهب فقط يتمتع بقيمة مالية. وفي ذروة أزمتها المالية في سنة 2007 ربما وصل سجل الولايات المتحدة الى حوالي 70 نقطة.

في الماضي كانت الصين عند نقطة قريبة من الصفر. وحتى سنة 1978 لم يكن فيها سوى بنك واحد هو بنك الشعب الذي كان يصرف أموال الاستثمار وفقاً لأوامر الحكومة. وفي ما بعد تم انشاء بنوك اخرى غير أن الدولة احتفظت باحتكارها الفعلي للائتمان. وفي ذلك العالم لم يهم حقاً ما اذا قام المقترض بتسديد قرضه أم لا. وكان في وسع كبار الموظفين بوصفهم أصحاب النظام المصرفي كله شطب الحسابات وإخفاء الخسائر.

وبعد 20 سنة انتشرت الفوضى بشكل أوسع، وتكاثرت شركات الإقراض الخاصة والمستثمر الأجنبي، واتسعت المطالب من المقترضين الصينيين بقدر أكبر، غير أن النظام ظل بسيطاً للغاية – وربما وصل الى 10 على مؤشر الفوضى المالية. وحتى عندما أخفق الوضع المالي وتفاقمت الديون كانت الثقة مطلقة – في أوساط المقرضين والمودعين الصينيين على الأقل - في قدرة الحكومة على تصحيح الأمور.

ثم دوت الضجة الكبرى في سنة 2010 عندما طرحت البنوك خدعة بارعة تمثلت في إعادة ترتيب الائتمان ضمن منتجات ادارة الثروة التي لا تظهر في ميزانياتها. وقد ازدهرت منذ ذلك الوقت هذه الطريقة التي تدعى بمصرفية الظل – وظلت البنوك ضمن بيت العنكبوت غير أن عدد المطالبين ازاء الشركات الصينية ازداد ليشمل فعلياً الملايين من المودعين.

تدافع مرعب

وكان معنى ذلك توفير فرصة أوسع للفوضى حيث تتعرض شركة صغيرة أعيد ترتيب ديونها على شكل منتجات ادارة ثروة الى التخلف عن السداد. وعملية ملاحقة الآلاف من دائنيها يمكن أن تتحول الى كابوس. والأكثر من ذلك ان تصرف الأفراد لا يمكن التنبؤ به، وقد يحتجون اذا لم يسترجعوا أموالهم أو يتوقفوا عن شراء تلك المنتجات ما يفضي الى أزمة ائتمان أو ان يسحبوا توفيرهم من البنوك التي باعت استثمارات فاشلة ما يعرض البنوك الى تدافع مرعب.

وعلى الرغم من ذلك فقد تكون الصين عند 30 – 40 نقطة فقط على مؤشر الفوضى المالية – وهو وضع يتسم بقدر أكبر من عدم اليقين عما كانت عليه في سنة 1978 – ولكنه أقل من وضع الولايات المتحدة في سنة 2007. وسبب ذلك هو ان الدولة مادامت قادرة على دفن ديون ميتة عبر أموال جديدة، فإن النظام المالي يمكن أن يظل متماسكاً بشكل تقريبي. وفي وسع الحكومة شراء كل الاقراض المعلق لدى «بنك الظل» والمقدر بحوالي 3.7 تريليونات دولار. وقد يفضي ذلك الى قلق المستثمرين ولكن ليس الى انهيار اجتماعي.

والصين ليست محصنة تماماً ضد التدمير الذاتي بسبب الخوف والجهل، وقد تتسبب أوضاع البيئة المتردية بفوضى وهذا ينسحب على الفساد أيضاً. وقد يلحق الاقراض المفرط وغير المنتج الضرر بالوضع الاقتصادي الحقيقي، ولكن مادام مستوى الفوضى المالية متدنياً فلن تتحول أزمة الائتمان الى أزمة اقتصادية بالضرورة.        

* (مجلة فورتشن)

back to top