النسيج الاجتماعي بين التجنيس والتعليم
ملف البدون يجب أن يوضع في عهدة المجلس الأعلى للتخطيط لا وزارة الداخلية أو أي من أجهزتها، هذا على اعتبار أن لدينا مجلس تخطيط كفؤاً، وهو ما نتمناه بعد تشكيلته الجديدة، وإن تعذر على هذا المجلس القيام بطي القضية فيجب أن يتم حسمها من فوق، وبذات الطريقة التي حسم فيها حق المرأة السياسي.
أول العمود: لم يستطع العرب بأموالهم وطاقاتهم البشرية أن يطوروا مؤسسة إغاثة مهنية مستقلة كالصليب الأحمر لكي نستطيع اليوم الحديث عن تخفيف آلام اللاجئين السوريين كمثال.
***تثير بعض المجاميع الاجتماعية والسياسية مسألة ما يسمى بـ"النسيج الاجتماعي" الذي انفرط في نظرها بعد حملة التجنيس التي تمت في سبعينيات القرن الماضي، والذي أدى اليوم إلى أن تكون قيادة حركة المعارضة البرلمانية لا السياسية من ممثلي المناطق الخارجية، وهو مصطلح هلامي ولا يعبر إلا عن مستوى خدمات حكومية تتمايز بين منطقة وأخرى. مسألة "النسيج الاجتماعي" هذه تنم عن تحجر في التفكير والنظرة للآخرين بازدراء، ولا صلة لها بعقلية بناء الدولة التي تبنى على أساس نظام سياسي ينمي مشروع الدولة وبرنامج تعليمي متطور ومتغير يفيد إعمار مفاصل الدولة.ففي الدول المتطورة اليوم لا مكان لتصنيف الناس على أساس أجناسهم وطوائفهم وأعراقهم، إذ إنه في بلد القانون ينظر للإنسان على أنه قيمة مضافة منتجة بعد أن يأخذ فرصته في التعليم الجيد والتدريب المفيد الذي يغذي اقتصاد الدولة.أطرح هذه المقدمة وفي مخيلتي الفشل الذريع الذي طال حل موضوع البدون لعقود من الزمن، حتى زال عنهم الخوف وتظاهروا في الشارع في تغيير جذري لم يكن أحد يتوقعه على اعتبار أنهم فئة "تمشي تحت الساس" كما يقال. مسألة البدون في نظري عصفت فيها العاطفة الاجتماعية والمعالجة الأمنية لا التنموية، فهذا الكم من البشر كان يجب أن ينال حقه في التعليم والتوظيف حتى تنمو رابطتهم بالأرض التي يعيشون عليها بدلاً من سياسة الإقصاء والتهميش والتخوين التي يوصمون بها. البدون ملف سهل الحل لو نظرنا إليه من زاوية استغلال الإنسان لمصلحة البلد عبر بوابة التعليم المهني والعام، فكثير من قصص النجاح نسمعها عمن فاض بهم الكيل وهاجروا للخارج وتقلدوا أرقى المناصب.الكويت اليوم تخلق لنفسها مشكلة من لا شيء في المحافل الدولية بسبب عقلية أصحاب القرار ونظرتهم القاصرة والبعيدة عن التخطيط السليم، فهذا الملف يجب أن يوضع في عهدة المجلس الأعلى للتخطيط لا وزارة الداخلية أو أي من أجهزتها، هذا على اعتبار أن لدينا مجلس تخطيط كفؤاً، وهو ما نتمناه بعد تشكيلته الجديدة، وإن تعذر على هذا المجلس القيام بطي القضية فيجب أن يتم حسمها من فوق، وبذات الطريقة التي حسم فيها حق المرأة السياسي؛ لأنها ببساطة تجر على البلد كلفة سياسية واجتماعية ودبلوماسية لا يمكن الاستمرار في دفعها.