باستثناء رواية الكونتيسة دو سيغور {آلامُ صوفي}، التي تخاطب فئة عمريّة تتراوح بين الثّامنة والثّانية عشرة، وحكايات شارل بيرّو التي تخاطب أعماراً مختلفة، ركّزت سلسلة أدب الناشئة الفرنسي الصادرة أخيراً عن مشروع {كلمة} على الأعمال التي تخاطب قرّاءً من النّاشئة تتراوح أعمارهم بين الثّانية عشرة وبداية سنّ الرّشد.  

Ad

يُعدّ كتاب {حكايات أمي الإوزة} للكاتب الفرنسي شارل بيرّوم، الذي يدشّن السلسلة بترجمة قام بها ياسر عبد اللّطيف، من كلاسيكيّات الأدب الأوروبي الموجَّه إلى الناشئة. وهو من الكتب التي اهتمّت في تاريخ مبكّر جداً بجمع الحكايات الشعبية، أو ما يُعرف في التراث الأوروبي بـ {حكايا الجِنِّيات}، وبنقلها من التقاليد الشفاهيّة إلى الأدب المكتوب. يضمّ الكتاب تسعاً من هذه الحكايات، كتبها بيرو بأسلوب سردي رفيع وبلغة أدبية جزلة.

 على أن {حكايا الجنيّات} لاقت رواجاً وانتشاراً واسعين في نهاية القرن السابع عشر، وهي تستلهم التراث الشفوي والأساطير الشعبية والتراث المشرقي والأدب القروسطي وبعض نصوص عصر النهضة الإيطاليّة. لكن يعود لماري- كاترين دونوا  الفضل في أنّها، قبل الأديب المعروف شارل بيرّو، أوّل من استخدمَ عبارة {حكايا الجنيّات}contes de fées ، فهي نشرت في فرنسا قصّة تنتمي إلى هذا الجنس الأدبي عنوانها {جزيرة السّعادة}، ذلك ضمن الرواية التي أصدرتها عام 1690 بعنوان {حكاية هيبوليت، كونت دو دوغلا}. وفي ما بعد كرَّت السبحة ونشرت 24 حكاية بين العامَين 1697 و1698 ونالت شهرة كبيرة. تتضمّن الترجمة التي وضعتها لهذه السلسلة ماري طوق، 18 منها، هي أهمّ حكاياتها وأكثرها انتشاراً.

 أما رواية {بلاعائلة} لهكتور مالو التي ترجمت بتوقيع سيلفانا خوري كانت صدرت للمرّة الأولى في 1878، وسرعان ما عرفت نجاحاً كبيراً وأصبحت من أمّهات أدب النّاشئة، وألقت بـتأثيرها على أجيالٍ من القرّاء والمبدعين.

وضمن السلسلة ثلاثة أعمال سردية لألكساندر دوما: {عصيدة الكونتيسة بيرت}، {كسّارة البندق}، و}بياض الثلج وحكايات أخرى}. عُرِفَ الروائيّ الفرنسي بعدد من الروايات التاريخية التي فرضت اسمه رائداً لهذا الجنس الأدبيّ. وألّف عدداً من النصوص السردية الموجَّهة إلى الناشئة، تتراوح بين الروايات القصيرة والحكايات الوجيزة والأقاصيص. هذا المنجَز الكبير تحتفي به السلسلة بتقديمها لقراء العربية ترجمات وضعها محمد بنعبود لاثنتين من روايات دوما للناشئة، هما {عصيدة الكونتيسة بيرت} و}كسّارة البندق}، ولمنتخبات من حكاياته وأقاصيصه يضمّها كتاب ثالث مستقل يحمل عنوان {بياض الثلج وحكايات أخرى}.

صديقان وقصص أخرى

رواية {مغامرات الفتى أصهب} لجول رونار التي اختارتها {كلمة} في ترجمة وضعها محمّد علي اليوسفي كلّفت كاتبها ثمناً غالياً، إذ انطلقنا من حقيقة باتت معروفة، وهي أنها تتحدّث عن طفولة الكاتب، فصارت من أبرز كتب الناشئة التي ازدادت شعبيّتها بفعل تكريسها في المدارس الفرنسية والفرنكوفونية، فضلاً عن المسرح والسينما والتلفاز لاحقاً.

 أما كتاب {صديقان وقصص أخرى} لغي دو موباسان المترجم من سيلفانا الخوري، فيجمع 15 قصّة تنتمي كلّها إلى الواقعيّة وتشكّل أنموذجاً أسلوبيّاً لهذا الجنس الأدبيّ. ففي قصّة «الصّديقان» التي تفتتح المجموعة، يدفع الولع بصيد السّمك صديقين فرنسيّين إلى الذهاب للصّيد على خطوط التّماس بينما الحرب مستعرة. هذه الرّغبة الملحّة تكون سبباً في هلاكهما، إذ يُلقي الألمان القبض عليهما ويتّهمونهما بالتّجسّس ويعدمونهما رمياً بالرّصاص. ولكن حتّى آخر لحظة، يواجه الصّديقان مصيرهما بهدوءٍ فيه من الرّفعة والسمو، ما يتناقض تناقضاً صارخاً مع الموت العبثي والمجاني الذي قادتهما إليه رغبة أشبه ما تكون بالنّزق والطيش الطفوليين.

الهدف من السلسلة بحسب مشروع {كلمة} إنشاء مكتبة رفيعة في أدب الناشئة ستعمل الإصدارات المقبلة في السلسلة ذاتها على إغنائها، مضفيةً عليها مزيداً من التنويع وتعدّد الأساليب والتجارب والأفكار.