المساعدات لمصر جرعة إنعاش لاقتصاد متداعٍ

نشر في 15-07-2013 | 00:01
آخر تحديث 15-07-2013 | 00:01
No Image Caption
السعودية تمتلك 11% من السندات الحكومية

تمتلك السعودية 11 في المئة من إجمالي السندات الحكومية المصرية، في حين تبلغ حصة دول الخليج 26 في المئة، أما سندات شركات القطاع العام المصرية فتبلغ نسبة دول الخليج فيها 13.5 في المئة، تمتلك السعودية منها 4 في المئة.
يرى خبراء أن مليارات الدولارات التي تعهدت دول خليجية بتقديمها الى مصر في الأيام الأخيرة لا توفر سوى جرعة إنعاش لبلد على شفير الإفلاس، حيث تضاف الأزمة السياسية الحالية إلى صعوبات اقتصادية كبيرة.

واشتكى المصريون الذين طالبوا برحيل الرئيس محمد مرسي خصوصا من تركه الاقتصاد ينحرف عن مساره متسببا في ارتفاع كبير في نسب التضخم والبطالة بالإضافة إلى شح كبير في المحروقات.

وقد عاد البنزين عقب التهافت على محطات التوزيع في أجواء الهلع التي سبقت إزاحة محمد مرسي في الثالث من يوليو، وسارعت دول خليجية إلى الإعلان عن مساعدات وصلت إلى 12 مليار دولار.

لكن المناخ الذي فرضه الوضع الأمني وعدم الاستقرار السياسي قلل من احتمال عودة السياح الذين يمثلون أول مصدر للمداخيل في البلد وكذلك الاستثمارات الأجنبية التي انهارت على أثر سقوط نظام حسني مبارك في بداية 2011.

والمفاوضات التي تراوح مكانها منذ سنتين مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بقيمة 4.8 مليارات دولار، قد لا تنتهي لأن البلد لايزال من دون حكومة ومن دون خطة إصلاحية.

وقال المحلل المالي أندرو كانينغهام إنه حتى لو تم التوصل إلى اتفاق بشأن القرض مع صندوق النقد الدولي «فلا أعتقد أن ذلك سيترجم بتدفق الاستثمارات».

ولا يوجد لدى البنك المركزي المصري سوى 14.9 مليار دولار من احتياطي العملات الأجنبية مقابل 36 مليارا في بداية 2011، أي ما يكفي بالكاد لتغطية ثلاثة أشهر من الواردات.

 

الأموال الخليجية

 

وقد تسمح الأموال الخليجية لمصر بمواصلة استيراد منتجات أساسية جدا في الأشهر المقبلة، لاسيما القمح الذي تعتبر مصر أول مستورد عالمي منه، أو بعض أنواع المحروقات مثل الديزل. ويقول كانينغهام إن مصر تلقت خلال العام المنصرم مليارات الدولارات لكن الأموال لم تسمح إلا بتأجيل مواعيد الاستحقاقات.

وأضاف: «الأمر ليس سوى علاجات بسيطة. التحديات ضخمة وهي بنيوية. الاقتصاد المصري يشهد سوء إدارة منذ عقود».

وتشير الإحصاءات الأخيرة إلى زيادة قوية في معدل البطالة الذي بلغ 13.2 في المئة من عدد اليد العاملة الفعلية مقابل 8.9 في المئة قبل ثلاثة أعوام. ويرى كثيرون أن هذه الأرقام الرسمية دون الواقع بكثير. يضاف إلى كل ذلك نظام تربوي وقطاع طبي في حالة انهيار وفساد مستشر وإدارة مكتظة بالموظفين مع رواتب متدنية ونظام لدعم المنتجات الأساسية يزيد من ارتفاع العجز في الموازنة المقدر بنسبة 11.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ويبدو أن تعيين حازم الببلاوي -وهو وزير مالية سابق بنى مسيرة طويلة في المؤسسات المالية- رئيسا للحكومة الانتقالية يدل على إرادة لجعل النهوض الاقتصادي في طليعة الأولويات. إلا أن تشكيل حكومة ائتلافية واسعة التمثيل أمر معقد بسبب رفض جماعة الإخوان المسلمين المطالبة بعودة مرسي الانضمام إليها وبسبب تفكك المجموعات التي تدعم إزاحة الرئيس السابق.

ويعتبر معهد ستراتفور الأميركي للأبحاث في مذكرة حديثة أن صعوبات مصر تتجاوز المشاكل السياسية الراهنة وستلقي بثقلها على الحكومة المقبلة. وحذر من أن «الضغط الديمغرافي والاقتصادي المتنامي» سيستمر في طرح تحديات «أكبر سنة بعد سنة».

 

سندات القطاع العام

 

وفي سياق متصل، كشف مستشار قانوني لدى الحكومة المصرية الجديدة، أن السعودية تمتلك 11 في المئة من إجمالي السندات الحكومية المصرية، فيما تبلغ حصة دول الخليج 26 في المئة، أما سندات شركات القطاع العام المصرية فتبلغ نسبة دول الخليج فيها 13.5 في المئة، تمتلك السعودية منها 4 في المئة.

وقال الخبير الاقتصادي المصري د. صلاح جودة، في تصريحات لصحيفة الاقتصادية السعودية، إن الحكومة تدرس تحويل جزء من القروض والودائع الخليجية، التي تبلغ 12 مليار دولار، إلى سندات حكومية متداولة، لتتمكن الدول الدائنة، وهي السعودية والإمارات والكويت، من بيع هذه السندات لمستثمرين آخرين إذا أرادت ذلك.

واستخدمت قطر بالفعل هذا الخيار، وحوّلت مصر قروضا قطرية قيمتها 3.5 مليار دولار إلى سندات، في إطار برنامج جديد للسندات الأجنبية متوسطة الأجل قيمته 12 مليار دولار، وقد تعامل القروض المقدمة من الدول الخليجية الثلاث المعاملة نفسها.

وأوضح جودة أن السندات المصرية نوعان، الأولى سندات الخزانة، والثانية سندات على بعض شركات القطاع العام، وأوضح أن حزمة المساعدات الخليجية الأخيرة هي في صورة ودائع ومنح، تهدف إلى دعم الاحتياطي النقدي المصري.

 

ودائع دون فوائد

 

وأضاف أنها ودائع دون فوائد أو بفوائد ضعيفة، وتراوح مدتها بين 3 و5 سنوات، على عكس القروض القطرية التي تحدد فائدة 4.7 في المئة لمدة 18 شهرا فقط، مضيفا أيضا أن السندات الحكومية مضمونة من قِبل الخزانة المصرية، بمعنى أن جميع أصول مصر مقابل هذا القرض.

وذكر أن السندات التي تصدر من الحكومة المصرية سيروجها مجموعة من المستثمرين دوليا، لإعطاء إشارة عن تحسن الاقتصاد المصري، ورسالة لصندوق النقد الدولي بأن الاقتصاد المصري يتعافى بعد ضخ 12 مليار دولار مساعدات خليجية.

وتوقع أن تعود المؤسسات الخليجية والعربية والعالمية لشراء السندات المصرية، بعد قيام مصر بتقديم خريطة استثمارية واضحة المعالم، تعطي المستثمرين الثقة الكاملة بالاقتصاد.

من جهته، قال الخبير المالي خالد الجوهر، إن سوق السندات المصرية من أقدم الأسواق في المنطقة، وكانت في السابق تشهد إقبالا كبيرا، ويتم تداول السندات بأسعار أعلى من أسعار الإصدار.

 

استقرار سياسي

 

وتوقع حدوث إقبال كبير على السندات المصرية، بعد أن تشهد البلاد استقرارا سياسيا واقتصاديا، ووصف المساعدات الخليجية بأنها أحد الحلول العاجلة لدعم الاقتصاد المصري، وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمنتجات الأساسية التي تحتاج إليها مصر.

وأوضح جيمس هيلي، الشريك في شركه سكادن للاستشارات القانونية، أنه في الإمكان تحويل جزء من المساعدات الخليجية إلى سندات مُصدّرة عبر طريق البرنامج، مضيفا: «لكن بموجب نشرة إصدار البرنامج، يتعين استخدام الأموال التي يجري جمعها من السندات في تمويل عجز الموازنة، وهو أمر قد يكون أقل جاذبية لمصر، مقارنة بالإبقاء على الأموال مودعة لدى البنك المركزي».

وأضاف: «السندات الصادرة عبر البرنامج تضمنها قانون الموازنة، ويتعين استخدامها لخفض عجز الموازنة، وقد تتمتع مصر بمرونة أكبر إذا تركت الأموال كودائع لدى البنك المركزي، حيث يمكن استخدامها لزيادة احتياطي العملة الأجنبية». ويخفض تحويل القروض الخارجية إلى سندات المرونة التي تتمتع بها مصر في استخدامها، لكنه ينطوي على مزايا واضحة للمقرضين، إذ يوفر لهم أوراقا مالية قابلة للتداول، ويسجل شروط القرض بموجب القانون الإنكليزي.

(أ ف ب)

 

back to top