يتوجه الناخبون الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع التي يبلغ عددها نحو ستين ألفاً منتشرة في البلاد اليوم، لانتخاب رئيس جديد في ظل منافسة طاحنة بين المحافظين والإصلاحيين الذين تلقوا ضربةً قاسية من النظام بعد انتخابات عام 2009، إلا أن دور الرئيس في إيران يبقى ثانوياً بالنسبة إلى سلطة المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي الذي له الكلمة الفصل في كل القضايا القومية الاستراتيجية.

Ad

بدأت في إيران صباح أمس، مرحلة الصمت الانتخابي، حيث توقفت الحملات الدعائية للمرشحين تمهيداً للانتخابات الرئاسية المقررة اليوم، حيث دُعي نحو 50.5 مليون شخص، ممن بلغوا سن الثامنة عشرة للإدلاء بأصواتهم لاختيار خلفاً للرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد الذي ينهي قريباً ولايته الثانية على التوالي ولا يسمح له الدستور بالترشح لولاية ثالثة.

ويشارك في السباق الرئاسي ستة مرشحين، هم المعتدل المدعوم من الإصلاحيين حسن روحاني ورئيس بلدية طهران المحافظ محمد باقر قاليباف ورئيس الحرس الثوري السابق المحافظ محسن رضائي ووزير الخارجية السابق المحافظ علي أكبر ولايتي وكبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي المحافظ سعيد جليلي ووزير النفط والمواصلات سابقاً المستقل محمد غرضي، وذلك بعد انسحاب مرشحين آخرين هما رئيس مجلس الشورى السابق المحافظ غلام رضا حداد عادل ونائب رئيس الحكومة السابق الإصلاحي محمد رضا عارف. وتوقفت الدعاية الانتخابية للمرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية اعتبارا من الساعة الثامنة صباح اليوم بتوقيت طهران.

ويطمح الإصلاحيون إلى الفوز اليوم، من الدورة الأولى في الانتخابات الرئاسية الإيرانية بعد أربع سنوات على فوز محمود أحمدي نجاد بها، من خلال نجاحهم في تشكيل «وحدة» مع المعتدلين في مواجهة معسكر المحافظين المنقسم.

ومن المرشحين الستة الذين لا يزالون يخوضون الاقتراع برز ثلاثة في صفوف المحافظين وزير الخارجية السابق علي أكبر ولايتي، ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، وكبير المفاوضين النوويين سعيد جليلي.

وانتهت الحملة في الساعة الثامنة مساءً بالتوقيت المحلي أمس الأول، لكن المفاوضات استمرت في الكواليس لمنع المعتدل حسن روحاني من الاستمرار في السباق في 21 يونيو، موعد إجراء دورة اقتراع ثانية محتملة.

واتحد المعتدلون والإصلاحيون وراء روحاني بعد انسحاب الإصلاحي محمد رضا عارف الثلاثاء الماضي، وتحرك مناصروه مذ ذاك على شبكات التواصل الاجتماعي ودعوا إلى التصويت بكثافة له.

وقبل أربع سنوات كانت إعادة انتخاب أحمدي نجاد أفقدت الإصلاحيين كل أمل في لعب أي دور سياسي في البلاد.

ودان المرشحان الخاسران في حينه مير حسين موسوي ومهدي كروبي عمليات التزوير على نطاق واسع وطلبا من مناصريهما التظاهر. وكانت حركة الاحتجاج قُمعت بقوة وُوضع الزعيمان الإصلاحيان في الإقامة الجبرية منذ عام 2011.

وصرح المحلل السياسي المحافظ ومقره طهران مهدي فضائلي: «يعتبر حسن روحاني الآن من أبرز المرشحين وفرصه في الوصول إلى الدورة الثانية إذا اقتضى الأمر، كبيرة» بعد اتحاد الإصلاحيين والمعتدلين.

أما على جانب المحافظين، تضاعفت الدعوات للتنازل لمصلحة المرشح الأوفر حظاً في حين يبدو أن قاليباف وجليلي في موقع أفضل من المرشحين المحافظين الباقين.

لكن المرشحين الثلاثة لخلافة احمدي نجاد استبعدوا فكرة الانسحاب من السباق وأكدوا أنهم ماضون حتى النهاية.

المحافظون مشتتون

وكتب رئيس تحرير صحيفة «كيهان» المحافظة حسين شريعتمداري في افتتاحية عدد أمس، أن المرشحين من خلال العناد «يشتتون أصوات المحافظين».

من جهته، قال رضا مراشي من المجلس الوطني الإيراني الأميركي ومقره واشنطن: «حتى الآن التحالف بين الإصلاحيين والوسطيين نجح حيث أخفق المحافظون: بناء تحالف والاتحاد حول مرشح واحد».

وحصل حسن روحاني المرشح المعتدل (64 عاماً) على دعم الرئيسين السابقين أكبر هاشمي رفسنجاني (المعتدل) ومحمد خاتمي (الإصلاحي).

كما حظي روحاني، المفاوض السابق لملف إيران النووي بين عامي 2003 و2005 بدعم من جمعية قدامى المحاربين التي تضم رجال دين إصلاحيين وتُعتبر قريبة من الرئيس خاتمي.

وأعلن خاتمي الذي تولى الرئاسة في إيران بين عامي 1997 و2005 الثلاثاء الماضي، في رسالة «اطلب من الجميع وخصوصاً الإصلاحيين» التصويت لروحاني.

وبعد ذلك، دعا رفسنجاني الذي تولى السلطة بين عامي 1989 و1997 واستُبعد من الاقتراع الرئاسي، الناخبين إلى المشاركة في التصويت رغم «الشكوك». وأكد أن «الاستطلاعات تظهر أن روحاني في الطليعة».

وكانت الأزمة الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الدولية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي في صلب الحملة الانتخابية. وتشتبه الدول العظمى بأن تسعى إيران إلى امتلاك القنبلة الذرية وهو ما تنفيه طهران.

وبرزت هوة بين المرشحين حول الموقف الواجب انتهاجه مع الغرب. ويؤيد جليلي الممثل المباشر للمرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي النهج المتشدد، داعياً إلى «اقتصاد مقاومة» ورفض تقديم أي «تنازلات» للدول الكبرى.

أما علي أكبر ولايتي فهو يعتمد على خبرة اكتسبها بتوليه حقيبة الخارجية 16 عاماً لخفض الضغوط على إيران. وقال: «الدبلوماسية ليست فقط العنف والصرامة بل هي التسوية والتوافق». من جهته، يريد قاليباف تحريك المفاوضات المستمرة منذ 2005 «بحكمة».

ويعلم المرشحون جميعاً أنه لن يكون لديهم سوى نفوذ محدود على الملف النووي لأن المسائل الاستراتيجية تحت سلطة المرشد الأعلى مباشرةً.

وكان خامنئي الذي لم يختر أياً من المرشحين، دعا إلى مشاركة مكثفة في الاقتراع. وأكد أن «البعض لا يريدون ربما دعم الجمهورية الإسلامية لسبب ما لكن من اجل بلادهم عليهم الإدلاء بأصواتهم».

محادثات موسعة

على صعيد آخر، ذكرت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء أمس، أن وزارة الخارجية الإيرانية نفت تقريراً نشرته «رويترز» أفاد بأن وزير الخارجية علي أكبر صالحي بعث بخطاب للمرشد الأعلى قبل عدة أشهر يدعو فيه لإجراء محادثات موسعة مع واشنطن.

وذكرت الوكالة: «ان المتحدث باسم وزير الخارجية في بلادنا نفى تقرير رويترز عن إرسال وزير الخارجية خطاباً للقائد الأعلى بشأن مفاوضات مع أميركا»، وأضافت أن المتحدث كان يشير إلى تقرير خاص لـ»رويترز» نقلت فيه عن مصادر، قولها إن صالحي بعث برسالة لخامنئي دعا فيها إلى «مناقشات موسعة مع الولايات المتحدة».

وفي وقت تتمسك «رويترز» بالتقرير، قالت وكالة الطلبة إن المتحدث «وصف مثل هذه المزاعم التي لا أساس لها بأنها نوع من رواية القصص قبيل الانتخابات الرئاسية في إيران التي يخرج بها الغربيون بين الحين والآخر لصرف الرأي العام».

يُذكر أن الولايات المتحدة قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إيران في عام 1980 في ذروة أزمة رهائن.

(طهران - أ ف ب،

رويترز، يو بي آي)

جليلي: لا حل وسطاً مع الغرب

أعلن مرشح الرئاسة الإيراني سعيد جليلي أمس، أنه لن يقبل بأي حل وسط مع الغرب حال انتخابه رئيساً لإيران وخاصة فيما يتعلق بالنزاع حول برنامج الدولة النووي المثير للجدل.

وقال جليلي في خطاب ألقاه في إطار حملته الانتخابية في طهران في إشارةٍ إلى المرشحين الآخرين الذين تعهدوا بتحقيق تفاهم أكبر مع القوى العالمية فيما يتعلق بالنزاع النووي: «لا ينبغي الرد على التهديدات الخارجية بشكوك من الداخل، فهذا من شأنه أن يجعل البلاد ضعيفة».

وأضاف كبير المفاوضين النوويين في عهد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد: «إن مقاومتنا هي التي تجعلنا أقوياء وتجعل أعداءنا ضعفاء. وينبغي أن يستمر ذلك».

وقال جليلي: «إن القوى العالمية ليست غاضبة من عدد أجهزة الطرد المركزي التي لدينا ولكن مما قمنا به بمساعدة العلماء المحليين الذين لا تزيد أعمارهم على 34 عاماً، إن إيران أصبحت الآن من بين البلدان التي تتمتع بالخبرة النووية، ولن يتمكن أحد من أن ينتزع منا تلك الخبرة بعد الآن». وحضر أكثر من خمسة آلاف شخص خطاب الحملة الانتخابية لجليلي في استاد «هايدرينا» الرياضي في طهران وكانوا يهتفون: «لا حلول وسط، لا مهادنة، نحن مع جليلي حتى النهاية»، و»إيران واحدة، جليلي واحد».

ويُعد جليلي المتشدد الوحيد بين المرشحين الستة المتبقين في السباق الرئاسي. وهو يحظى بمؤيدين في صفوف المحافظين والإسلاميين الذين يدعمون الرئيس أحمدي نجاد ما يجعله الأقل حظاً بالفوز في انتخابات اليوم.

(طهران - د ب أ)