هل سيتحرك أحد؟!
لم أفهم كيف ستحل الحكومة والمجلس قضية القروض عبر ما أسموه بصندوق الأسرة، فالذي جاءنا عن مشروع القانون أن الدولة ستقوم بدفع أصل القرض إلى البنوك "كاش"، ثم ستتولى بعد ذلك جدولة القرض على المقترضين الذين اقترضوا من عام 2002 حتى 2008، وهذا يعني على سبيل المثال لو أن مقترضا اقترض عام 2002 مبلغ 40000 دينار، وكانت الفوائد المتراكمة عليه مبلغا يماثلها فإن المجموع الكلي 80000 دينار، ولو افترضنا أنه كان يدفع على مدى 11 عاما كل شهر 303 دنانير، فإنه يكون اليوم قد سدد ما قيمته 40000 دينار، أي ما يعادل قيمة الفوائد، لتأتي الحكومة وتدفع عبر هذا الصندوق للبنك أصل الدين، أي الأربعين ألفاً الأخرى، فإن استفادة المقترض تبلغ صفراً، وكل ما حدث هو تغير الجهة التي تأخذ منه الدين، أي الدولة بدل البنك!!بل ربما سيدفع مع صندوق الأسرة مبلغا أكبر إن كان قد سدد الفوائد وجزءاً من القرض، حيث سيدفع القرض كاملا مع ما سدد مسبقا، مع أنه من المفترض أن يخصم ما دفعه من فؤائد غير مستحقة وما سدده من أصل القرض طوال هذه السنوات، زبدة الكلام، إما أن هذه مسرحية كتبت مشاهدها باتفاق بين الحكومة واللجنة المالية، أو أن الحكومة تستغفل المجلس، أو أن جزءا من حكاية صندوق الأسرة هذا فاتني ولم أتمعن به جيدا، ويا رب، من أجل كل هؤلاء المقترضين يكون الاحتمال الثالث هو الصحيح!
*** في المسلسل الكوميدي "ساينفيلد" يجد "جورج" نفسه في ورطة كبيرة، فقد وعد خطيبته بالزواج، ثم راح يماطل بالأمر حتى انتهت أعذاره وتم تحديد موعد الزفاف، ليذهب مع خطيبته إلى المطبعة التي تبيع دعوات الزفاف ويختارا الأظرف المناسبة لها، فجاءه الفرج من حيث لا يحتسب وأنقذه بخله الشديد من المأزق بطريقة مأساوية، فقد أصر على اختيار أرخص أنواع الأظرف لديهم، وقبلت خطيبته الأمر على مضض، لتكتشف بعد ذلك أنها لا تلتصق بسهولة، فراحت تستخدم لسانها في لصقها، ليمتزج لعابها بصمغ الأظرف الرديء فتتسمم وتموت على الفور، فما كان من جورج- بعد دقائق من تصنع الحزن بالمستشفى- إلا أن احتفل بالمناسبة مع أصدقائه، على أن يدفع كل واحد حسابه بنفسه... بالطبع!وعلى ما يبدو فإن نهاية كثير منا ستكون كنهاية خطيبة جورج، فبعض شركات الخضار والفاكهة مقتنعة أن بطوننا "تأكل الزلط" ومناعتنا لا تخترقها أعنف السموم، لذلك أصدروا تعليماتهم لعمالهم بأن يضعوا الشرائط اللاصقة المخصصة للجدران قيد الصبغ أو زجاج السيارات الحديث التركيب على الخيار والطماطم والخس والجزر، قناعة منهم أن سمومها ستضيف نكهة لذيذة على أي سلطة نقوم بصنعها!لماذا يقومون بذلك؟ الله أعلم، لكن الأرجح هو تخوفهم من سرقة بعض عمال الجمعيات لحبة من هنا وحبة من صناديقهم، لذلك وجدوا الحل في هذه الشرائط غير مبالين بالمواد السامة التي تحتويها والتي لن ينفع معها غسيل بالماء أو الصابون، وهو بالمناسبة أمر لا تقوم به معظم المطاعم في الكويت، فصحتي وصحتك آخر ما يهمهم أو يخطر على بالهم!وقد كتبت من قبل عن هذا الأمر راجيا أن يتحرك أحد من وزارة الصحة أو البلدية أو التجارة، أيا كان المسؤول عن هذا الأمر، فلم أر أي تجاوب منهم، بل إن التغليف الجميل والرائع هذا قد تحول إلى التفاح والخوخ والعنب وكل فاكهة تؤكل بقشورها أو دونها!يحدث هذا في بلد بلغت معدلات السرطان فيه نسبا عالية دون أن يعرف أحد سببا لذلك، ومن يدري، لعل هذه الشرائط اللاصقة أحد أهم أسبابه، فهل هناك من سيتحرك ليحمي بطوننا وبطون أطفالنا من هذه السموم التي ربما تكون أكثر خطرا من اللحوم الفاسدة؟! آمل ذلك... ولا أتوقعه!