• إلى أين تتجه الشخصية المسلمة اليوم؟

Ad

هناك ضبابية في المشهد الإسلامي، منشأها أولاً: الاضطراب في الخطاب الموجه إلى الشخصية المسلمة سواء أكان هذا الخطاب دعوياً أو إعلامياً أو تعليمياً، فهناك تشويه في أنواع هذه الخطابات، فلو قيمت هذه الخطابات ولو تصدر لها من هو الأكفأ والأجود لانعكس ذلك على الشخصية المسلمة، فالعلماء يؤكدون أنه إذا كان الخطاب الذي يلقى على مسامع الناس متشدداً، فلا نجد إلا شخصاً متشدداً متعنتاً، ولو كان الخطاب وسطياً متزناً معتدلاً، فسنجد الشخصية المعتدلة المتزنة الهادئة.

• ما هي مكنونات فقه الأمة؟

فقه الأمة هو فقه الجماعة، وهو فقه السفينة، وفقه الاتفاق، لا فقه الاختلاف، وهو أيضاً فقه الاعتصام لا فقه الانفصام، وهو فقه التناصر لا التناحر، فقبل الإسلام عرفت الأمة ولكن بالمعنى الضيق، وجاء الإسلام كي يجعل العالم كله أمة واحدة، هي أمة النبي (صلى الله عليه وسلم)، حتى وإن اختلفت مواقفها، فالمشترك الإنساني ينبغي أن يكون جامعاً للمسلمين وغير المسلمين، فإذا كان المسلمون هم أمة الاستجابة لرسالة النبي، فإن غير المسلمين هم أهل الدعوة، حتى وإن سماههم البعض أهل الذمة.

• وماذا عن فقه الأصوليين والفقهاء من قبل؟

طرح الأصوليون من قبل فقها يسمى «أحكام المستوى، وأحكام الشعار، وأحكام الرموز» وغير باحث تكلم عن هذا النوع من الفقه ولكن في إطار تهميش دور فقه الأمة، والآن وبعد ثورات الربيع العربي، يجب أن تنهض الأمة بدورها، ولكن كيف ننهض بالأمة والحاكم هو الذي يناط به ذلك! ومن هنا ينبغي أن تكون الأمة نفسها فاعلة في النهوض، وليس كأنها إنسان ميت يحتاج لمن يأخذ بيده.

• برأيك ما الذي يعوق فقه الأمة؟

غياب الإبداع، وفقه السنن سواء كانت سنناً إلهية أو كونية أو اجتماعية، لذا أرى أن معوقات هذا الفقه تتمثل في التشرذم والاختلاف والأزمة الفكرية، والاستلاب الثقافي والشغف بقوة الغالب، وثقافة الانحياز عند بعض الناس ممن انبهروا بالغرب، ثم السلطة بما فيها من تسلط أحياناً، ثم غياب المواهب وأحياناً تهجيرها وأحياناً أخرى عجزها عن التنمية، فكل ما سبق من معوقات فقه الأمة.

• وما هي الحلول المقترحة لاستعادته مجدداً؟

الحل في التجديد بمفهومه الواسع، وإحياء فقه السنن ومراعاة فقه الزمان والمكان، وأحكام المستوى والرموز والشعار والتي ذكرها الأصوليون، وإيجاد مناخ تعددي تشاوري يجمع الكل ويقبل الآخر دون تربص أو ترهص، وأن يتسم خطابنا الدعوي بمستوى معتدل يسير تحت غطاء الشريعة السمحة، التي تقطع الأسر وتفك الأغلال التي قيدت الأمم السابقة.

• هل المسلمون اليوم مطالبون بتغيير معاملاتهم مع الآخر؟

نحن في عالم سريع ومتغير ومتطور يحتاج منا إلى عمل مستمر ليل نهار لاستيعاب الواقع من حولنا، وإلى تغيير سياستنا بما يتواءم دائماً مع الواقع لتحقيق أهدافنا، وعلى ذلك فنحن نطالب أنفسنا أولاً وجميع من يشترك معنا في أداء مهمة المؤسسة الدينية أن يعتبر نفسه في رباط دائم وجهاد مستمر.

• هل هذا يعني تغيير في بعض الثوابت الإسلامية؟

لا يجوز بأي حال المساس بثوابت الإسلام بزعم التجديد، وتجديد الخطاب الديني ينحصر في معنى واحد هو العودة المباشرة إلى المصادر الأصلية، التي ينطلق منها الخطاب الديني وهي القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وما تعارف عليه أئمة المسلمين وعلماؤهم وأجمعوا عليه، والعودة المباشرة إلى المصادر الأصلية تعني تنقية الخطاب الديني مما لحقه من الحقب المتأخرة من التأثر بالعادات والتقاليد والابتعاد - قليلاً أو كثيراً - عن روح النصوص المقدسة ومقاصدها.

• اختلط الرأي الشخصي والفتاوى في هذه الأيام فبات صعباً التفريق بينهما، ما تعليقك؟

إذا أطلق من يتولى الفتوى رأياً شخصياً فهو أمر يحاسب عليه وحده، أما إذا أصدر فتوى فهي لبيان حكم الإسلام في هذا العقل البشري الذي سئل عنه، والفارق كبير جداً بين الفتوى والرأي الخاص للمفتي، فعندما يطلب مني رأيا أو فكرا أو تقييما للواقع، فهذا ليس فتوى وقد أمتنع عن الكلام فيه، لأنني قد أكون غير مدرك للموضوع أو أنتظر حتى أدرسه أولاً، وربما أريد أن أفصح عن رأي فهذه حرية شخصية، أما الفتوى فلا أستطيع أن أكتمها ولا أن أتخلف عنها.

• ما هي الحقوق التي أقرها الإسلام للمرأة في مسألة الزواج؟

ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في حق اختيار كل منهما للآخر، ولم يجعل للوالدين سلطة للإجبار عليهما، فدور الوالدين في تزويج الأبناء يتمثل في النصح والتوجيه والإرشاد، والزواج يعتبر من خصوصيات المرء والإجبار فيه محرم شرعاً، لأنه ظلم وتعد على حقوق الآخرين، كما أن للمرأة حريتها الكاملة في قبول أو رد من يأتي لخطبتها، لأن الحياة الزوجية لا يمكن أن تقوم على القهر.

• الإسلام متهم بأنه دين ذكوري خاصة في مسألة الزواج والطلاق، ما تعليقك؟

من المفاهيم التي يروج لها أعداء الإسلام أن الرجل وحده هو الذي يملك حق إنهاء العلاقة الزوجية، على الرغم من أن التشريع أعطى المرأة حق إنهاء العلاقة الزوجبة أو أن تكون العصمة في يدها، فتطلق نفسها وقتما تشاء، وأن تطلب التفريق بينها وبين زوجها للضرر، إذا لحقها منه ضرر بالغ فيفرق بينهما القاضي مع حصولها على جميع حقوقها، ولها كذلك أن تختلع، وفي هذه الحالة فقط تنفصل عن زوجها، لكنها تتنازل عن حقوقها لعدم وجود سبب لإنهاء العلاقة الزوجية.