بعد قيام الثورات في كثيرٍ من البلدان العربية، بات يتحدث أغلب القادة أو السياسيين الذين هم في السلطة وجوارها عن خصوصية مجتمعاتهم وبلدانهم، وبُعد هذه الأنظمة عن الثورات والمظاهرات المطالبة بالإصلاحات وصولاً إلى إسقاط النظام.
وهذا الحديث ما هو إلا مجرد محاولات فاشلة للحفاظ على السلطة، لأن التغيير الذي يجوب العالم لم يكن ليفرق بين الخصوصيات، ما يعنيه هو أن المواطن يحصل على كل الحقوق والمكتسبات، غير هذا الكلام لا يمتّ للواقع بصلة.ويعتقد الساسة وأصحاب الاستشارات السياسية والاجتماعية، أن العدل هو أن يُعامل الجميع وفق مسطرة واحدة، وهذا صحيح ولكن من ناحية واحدة وهي القانون، ولكن باقي النواحي ليست كذلك، لأن حاجات الناس لا تتساوى، والمساواة ليست هي الحل، بل العدل ليس الذي يرونه، ولكن العدل الذي يوفر لكل فرد في المجتمع حاجاته، حسب حالته.إن الانفصال عن الواقع هو السبب الرئيسي لكل هذه الأقاويل والادعاءات، كمن يمضي أغلب وقته بالأكل ثم يُفاجأ بالتخمة، إن هذا التغيير ما هو إلا نتيجة حتمية لممارسة البيروقراطية في إعطاء الحقوق للمواطنين، والأدهى والأمرّ هو خلق ثقافة لدى الشعوب أن الحقوق تمنح كهبة ولا تعطى كاستحقاق.مثل هذه العقليات والثقافات إن لم تستطع مواكبة الواقع وتلاحق ما يمكن إصلاحه سوف تُفاجأ بالسمنة المفرطة التي لن تستطيع أن تفعل حيالها شيئاً.مخرج:من أقبح أنواع الاستبداد استبداد الجهل على العلم، واستبداد النفس على العقل.عبد الرحمن الكواكبي
مقالات
الاستبداد والتخمة
06-04-2013