«النقد» يريد التزامات جديرة بالثقة... والولايات المتحدة تدعم القرض

Ad

عبر وزير الخزينة الأميركي عن دعم بلاده لمنح صندوق النقد الدولي قرضاً لمصر لمساعدة اقتصادها، مؤكداً أن «من مصلحة الولايات المتحدة أن تكون مصر على مسار أكثر استقراراً».

كشفت الإحصاءات الرسمية في مصر أن نسبة من يعيشون تحت خط الفقر تزايدت إلى حد كبير، في ظل الاضطرابات المتواصلة بعد ثورة 25 يناير 2011، لتتجاوز 25 في المئة، أي أكثر من ربع المصريين.

وبينما اعتاد عادل البارودي كسب عيشه على مدى الـ50 عاماً الماضية، من عمله في تصنيع «المراتب» من قصاصات الأقمشة القديمة، وجد نفسه اليوم في أشد الحاجة إلى «مرتبة» ليفرغ همومه عليها، بعد أن فقد مصدر رزقه، وتراكم الديون التي أثقلت كاهله.

وأصبح البارودي على موعد مع «صدمة» تصيبه شهرياً، عندما يتقاضى راتبه ويهرع إلى الجزار لشراء وجبة من اللحوم يسد بها رمق أسرته المكونة من أربعة أفراد، ليكتشف أن نصف راتبه لا يكفي لشراء احتياجات أسرته من الغذاء فقط.

ويقول محللون اقتصاديون إن عائلة البارودي تعد مثالاً واحداً على التدهور المستمر للأوضاع الاقتصادية في مصر، والذي أخذ مجراه بعد ثورة 2011.

ورغم أن الثورة رفعت شعار «العيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية»، فإن الاقتصاد شهد انكماشاً جذرياً، فالتظاهرات التي شهدتها الشوارع المصرية، ومازالت، إضافة إلى تدهور الوضع الأمني، أبعد المستثمرين الأجانب والسياح، وهما المصدران اللذان يعتمد عليهما الاقتصاد المصري بشكل أساسي.

ويشير المحللون إلى إغلاق أكثر من 4 آلاف مصنع منذ عام 2011، مما ترك مئات الآلاف من العاطلين عن العمل.

وبحسب احصائيات حكومية فإن أكثر من 25 في المئة من المصريين يعيشون في خط الفقر أو تحته، وهي نسبة تزيد بـ4 في المئة عما كانت عليه عام 2009، وهذا ما يعني أن واحداً من كل أربعة مصريين ينفق دولارين أو أقل شهرياً.

وتكمن المشكلة الآن في أن ميزانية مصر تشارف على الانتهاء، إذ تلجأ الحكومة إلى الأخذ من المخزون الاحتياطي المخصص للمواد الأساسية، والذي تراجع إلى 13 مليار دولار، من 36 مليار دولار على مدى العامين السابقين.

وأدى نقص في الاحتياطي النقدي، بالتبعية إلى انخفاض الميزانية، فضلاً عن النقص الحاد في مستلزمات الوقود، والزيادة المطردة في طوابير الانتظار بمحطات تعبئته.

ويعول محللون على أن القرض الذي تسعى الحكومة المصرية للحصول عليه من صندوق النقد الدولي، والذي يقارب خمسة مليارات دولار، يمكنها أن تسد جزءاً من العجز.

لكن الصندوق يطلب من الحكومة، في المقابل، رفع الدعم الحكومي في بعض النواحي، وهي خطوة يمكنها أن ترفع من أسعار الخبز والوقود، وأن تحيل العديد من المصريين، مثل عادل البارودي الى حافة الإفلاس التام.

دعم أميركي

وفي سياق متصل، عبر وزير الخزينة الأميركي جاكوب ليو أمس الاول عن دعم بلاده لمنح صندوق النقد الدولي قرضا لمصر لمساعدة اقتصادها. وأضاف خلال جلسة للجنة الفرعية للمخصصات بمجلس النواب الأميركي أن «ما يسعى الصندوق للحصول عليه من مصر هو التزامات جديرة بالثقة».

وأكد المسؤول الأميركي أن «من مصلحة الولايات المتحدة أن تكون مصر على مسار أكثر استقرارا».

وكانت بعثة فنية من الصندوق قد فشلت في التوصل إلى اتفاق بشأن القرض خلال زيارة للقاهرة في النصف الأول من الشهر الجاري استمرت 12 يوماً، لكن من المنتظر استمرار المحادثات في الأسابيع المقبلة. وقد حث الصندوق مصر على خفض دعم مواد الطاقة لتحسين الوضع المالي للحكومة.

وسبق لوزير الخارجية الأميركي جون كيري أن صرح الشهر الماضي بأن حاجة مصر لعودة اقتصادها للتعافي أمر بالغ الأهمية وملح، مضيفا أن على القاهرة التوصل لاتفاق بشأن قرض النقد الدولي.

لاغارد ومرسي

وذكرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد الأسبوع الماضي أن المباحثات مع مصر بشأن القرض عادت إلى مرحلة البداية، وأن هناك حاجة للمزيد من العمل بشأن الاتفاق حول القرض، واعتبرت أن قرار القاهرة العام الماضي بتعديل مسار تغييرات مزمعة بالسياسة الاقتصادية «عرقل تحقيق تقدم في المباحثات».

وقبل أيام صرح الرئيس المصري محمد مرسي في لقاء خاص مع «الجزيرة» أن عدم توصل بلاده لاتفاق مع الصندوق دليل على أن مصر لا تخضع للشروط، مضيفا أن الحوار بين القاهرة وهذه المؤسسة الدولية لايزال مستمرا «لتحقيق مصلحة المواطن المصري المستقبلية، بحيث لا نجور عليه أيضاً مرحلياً بالشكل الذي يؤثر عليه بالأسعار وغيرها».

وأضاف مرسي أنه لا يفضل الاقتراض الخارجي لأن القروض لا تحل المشاكل، غير أنها تكون أحيانا لازمة كالدواء، ففي مرحلة من المراحل يكون ضروريا لمساعدة الجسد على التعافي.

(سي إن إن)