فرض تقليص اعداد الحجاج خلال العام الحالي نفسه على حملات الحج في مختلف الدول التي لجأت الى اتخاذ بعض الضوابط لمواكبة هذا الواقع المستجد.

Ad

وفي موازاة هذا الإجراء السعودي الناشئ عن ضرورات عمرانية في الحرم المكي برزت أسباب أخرى لدى الفئات الراغبة في الحج تتعلق برغبتها في إرجاء أداء هذه الفريضة، ابرزها اسباب صحية يخشى معها البعض الاصابة بمرض كورونا الذي تسبب في وفاة العشرات في السعودية.

وما بين هذين السببين وغيرهما تراجعت وتيرة العمل لدى اصحاب حملات الحج الذين سارعوا الى  تحميل وزارة الأوقاف مسؤولية خسائرهم المالية وعدم وجود آلية واضحة للتسجيل لدى الوزارة، وهو اتهام رفضه مدير مكتب شؤون الحج رومي الرومي، مؤكدا أنه "غير صحيح ويجافي الحقيقة".

يقول الرومي: "آلية توزيع الحجاج على الحملات تم توزيعها بالتساوي على جميع الحملات، وهي آلية جديدة تم تطبيقها هذا العام لأول مرة، إذ تم استقطاع نسبة 400 حاج المخصصة لفئة غير محددي الجنسية بهدف القضاء على السلبيات التي تصاحب عملية تسجيل هذه الفئة كل عام، بحيث يسجل الحاج من البدون في الوزارة ثم يذهب لاختيار الحملة التي يريد، وهذا خفف كثيرا من عملية بيع التأشيرات وغيرها، وبالنسبة للكويتيين تم أخذ العدد المتبقي والبالغ ستة آلاف ليصبح العدد الإجمالي 6400 حاج هي المخصصة للحجاج من الكويت، وبناء على ذلك حرصنا على توزيع الحجاج بالتساوي ليصبح لكل حملة 84 حاجا، وهذه الآلية وهي التوزيع بالتساوي وجدنا فيها بعض السلبيات والملاحظات سيتم عرضها على لجنة الحج الكويتية لتلافيها في المواسم القادمة".

وضع مأساوي

وفي إحدى الشبرات المخصصة للحملات بمنطقة النهضة، جلس صاحب حملة فيصل المطيري متأففا رافضا في البداية الحديث عن الوضع المأساوي، كما وصفه، قائلا "الكلام عن الحملات وما أصابها من خسائر مادية كبيرة لا ينفع الآن".

ويضيف بصوت تملأه الحسرة: "وزارة الأوقاف أجبرتنا على استئجار عمارات في وقت مبكر بسبب كشف لجنة الحج على هذه المواقع، وبالفعل أجّرنا العمارات بأكثر من 700 ألف ريال، لكننا فوجئنا أن الإيجارات في الأيام الأخيرة انخفضت إلى قرابة 400 ألف ريال"، متسائلا "من الذي سيعوضنا المبالغ التي دفعناها، لاسيما أن الأعداد قليلة هذا العام، وبالتالي فإن عملية التعويض شبه مستحيلة إن لم تكن معدومة نهائيا".

الرومي من جهته فند هذه الادعاءات، بقوله "العملية تجارية بحتة، ومن يعمل في هذا المجال عليه أن يعرف إلى أين تسير الأمور، فبعض أصحاب الحملات يبحثون عن خدمات راقية للحجاج وهذا حقهم، ولذلك تجدهم يستأجرون عمارات منذ عدة أشهر، لكن الوزارة لم تطالب الحملات بتأجير عماراتها في شهر يونيو أو غيره، لأن لجنة ترخيص العمارات ذهبت منتصف شوال واستمرت فترة طويلة، كما يجب ألا ننسى أننا غير مرتبطين بترخيصنا فقط كوزارة أوقاف".

مبالغ ضخمة

وفي شارع الحملات بمنطقة الفحيحيل، لا يختلف الوضع كثيرا، فأصحاب الحملات جلسوا يشكون همومهم لبعضهم على أمل معالجة الأخطاء مستقبلا، إذ يؤكد فهد الهاشمي من حملة البدر، ان "الاستعدادات كانت مبكرة من شهر رمضان لكن قلة الحجاج والرغبة بالحج وعزوف الناس سببت لنا مشكلة تمثلت في تكبد الحملة خسائر مادية كبيرة، خصوصا ان حملتنا لديها نظام سويت للحجاج، كما قمنا بحجز الفنادق منذ شهر يونيو، ووفرنا جميع المتطلبات من أثاث وباصات لنقل الحجاج وغيرها من الأمور، وهذه الاستعدادات تجاوزت المليون ريال سعودي وهو مبلغ ضخم يصعب تعويضه في الموسم الحالي نظرا لقلة أعداد الحجاج".

حملات الرصيف

وعن الأسباب التي يعتقد أنها سببا في تكبد الحملات خسائر مالية كبيرة، يقول ان "حملات الرصيف تعد أحد هذه الأسباب المهمة، خصوصا أنها تقوم بنشر إعلاناتها بشكل صريح وواضح على مرأى المسؤولين في وزارة الأوقاف، فانتشار حملات الرصيف بهذا الشكل يشجع الناس على اللجوء اليها وترك الحملات الرسمية المعترف بها سواء من الجهات المعنية في الكويت أو السعودية"، مبينا أن "حملات الرصيف لعبت دورا كبيرا في هذه الخسائر، والمطلوب من الوزارة تشديد الرقابة على الحملات المخالفة، وكان في السابق غرامة مالية لا تتجاوز 200 دينار، ويجب أن ترفع الغرامة إلى 10 آلاف أو 20 ألف دينار".

وتابع، "سمعنا بدمج بعض الحملات وأخرى أغلقت تماما، ومهما تكبدت الحملة خسائر مالية كبيرة، خصوصا التي لها باع طويل، تستطيع السيطرة على الوضع، وحتى إن خرجت بخسارة مادية فإنها في سبيل بقاء اسمها في السوق يجب عليها أن تتحمل الوضع الحالي الذي يتوقع أن يستمر حتى العام القادم، ونحن نطالب بتشديد الرقابة على حملات الرصيف، فمن الممكن أن الوزارة تجتهد في هذا الشأن لكنها لن تستطيع القضاء على حملات الرصيف التي تعتبر أحد أسباب عزوف الحجاج عن الحملات المعترف بها من قبل الجهات المعنية".

عزوف الحجاج

أحد العاملين في حملة المنشد، أكد ان المشكلة الرئيسية التي واجهت الحملات هذا العام هي التضييق في أعداد الحجاج، كان في البداية التسجيل للكويتيين فقط، ورغم ذلك هناك عدة أسباب ساهمت في عزوف الحجاج، منها الأوضاع الإقليمية خصوصا أنه تزامن مع موسم الحج توقعات بتوجيه ضربة عسكرية إلى سورية واحتمال استمرار الأوضاع غير المستقرة، بالإضافة إلى التوسعة في الحرم، وكنا متخوفين في الفترة الأولى من عدم وجود أعداد مرضية من الحجاج، من رمضان حتى منتصف سبتمبر عانت الحملات عزوفا غير طبيعي، لكن بعد أن فتح المجال أمام الأخوة البدون الراغبين بأداء مناسك الحج بدأ السوق ينتعش قليلا، علما بأنه في البداية سمح لنا بعشرة حجاج فقط، لكن ذهبنا إلى وزارة الأوقاف وطلبنا بدل حجاج كويتيين بغير محددي الجنسية".

وقال، "الحملات قامت بتأجير عمارات لأن وزارة الأوقاف لن تفتح ملفا للحملة إلا بعد أن تقوم الحملة بإحضار عقد إيجار مدفوع القيمة، وقمنا على أثرها برفع الأسعار لتعويض المبالغ التي دفعناها للإيجار، لكن ذلك لم يعجب الناس، اضطررنا بعد ذلك إلى خفض أسعارنا كمحاولة أخيرة لجذب الحجاج، علما بأن بعض الحملات ضمت حجاجها مع حجاج حملة أخرى، ونحن حفاظا على سمعة الحملة كنا مصرين على الذهاب حتى وإن كان معنا عشرة حجاج فقط"، موضحا "عندما فتحت الوزارة المجال للبدون بدأت الحركة تعدل من جديد في شارع الحملات، بعد ذلك اطمأن الجميع ان الأمور تسير على خير ما يرام فتقدم لدينا عدد من الحجاج خلال الأيام الأخيرة، كما تمت الموافقة على ذهاب عشرة من الوافدين ضمن الحملة، ونحن أكملنا العدد الخاص بالحملة والحمدلله، لا أعتقد ان هناك حملة حققت ربحا ماليا هذا العام، والمشكلة تتمثل في أننا كأصحاب حملات عانينا في البداية من عزوف كبير"، متسائلا "لماذا لم تبادر الوزارة إلى فتح المجال أمام البدون أو الوافدين لسد الخلل، خصوصا ان هناك رغبة من الوافدين وغير محددي الجنسية بالذهاب إلى الحج، علما بأنه عند حضور أي وافد أو بدون نذهب للوزارة لاستثنائه للحصول على الفيزا، الحل كان في متناول الوزارة لكنها ماطلت دون أسباب واضحة"!

وتابع "قمنا بخفض أسعار الحملة حاليا للكويتي 1400 دينار ولغير محدد الجنسية 1500 دينار، وهذا الفرق بسبب رسوم للمطوّف، والوزارة تتحمل مسوؤلية سوء التنسيق والتأخير في عمل الحملات، هناك حملات قامت بتأجير رخصة أو رخصتين لأنها بالفعل مؤجرة لعمارات في السعودية وتكبدت خسائر غير طبيعية".

أين التنسيق؟!

صاحب الحملة عبدالرحمن المنشد، كان له عتب كبير على الوزارة التي حملها مسؤولية "غياب التنسيق مع الحملات بشكل واضح"، مشيرا إلى أن "الأعداد التي وصلتنا من الوزارة 250 حاج لكل حملة، وعلى هذا الأساس أجرنا البنايات الخاصة لاستيعاب هذه الأعداد، وتحملنا مصاريف كبيرة، بعد ذلك تم إبلاغنا أنه تم تخفيض العدد إلى 120 حاجا فقط، ثم إلى 81 حاجا وثلاثين إداريا وهذه صدمة كبيرة، لأن الإيجارات مكلفة جدا خصوصا أننا كنا نبحث عن سكن راق في وقت مبكر بهدف راحة الحجاج، بعد ذلك نزل قرار من الوزارة بخفض الإداريين من 30 إلى 15 ثم إلى 10 فقط، علما بأن الحملات تحتاج أعدادا كبيرة من الإداريين سواء في السكن أو في المطار أو المطبخ أو الطاقم النسائي، فلماذا لم تبلغنا الوزارة منذ وقت حتى نتدارك الأخطاء ونقوم بالتنسيق لاختيار من يذهب مع الحجاج ومن يبقى".

وأضاف: "أعتقد ان الخلل يكمن في ان السلطات السعودية الشقيقة لم تعط التعليمات للوزارة من البداية، واستفسر "هل الوزارة كانت مهملة في هذا الجانب؟ نتمنى أن تكون القرارات من بداية الموسم، لاسيما أن استعداداتنا دائما تبدأ قبل شهر رمضان بستة أشهر كي نكون على استعداد تام لحجز تذاكر الطيران والعمارات والمطبخ والهدايا والباصات وغيرها، علما بأنني حجزت باصات لأكثر من 150 شخصا في حين أن عدد الحجاج لا يتجاوز 81 حاجا، فمن سيقوم بدفع قيمة الباصات الخالية من الحجاج"، مؤكدا أن "خسائرنا تجاوزت 500 ألف ريال بسبب سوء التنسيق بين الوزارة وأصحاب الحملات".

ويرد مدير "شؤون الحج" رومي الرومي، ان "صاحب الحملة لديه اجراءات وعقود يجب ان توثق في السعودية مثل عقود العمارة وعقود مؤسسات الطوافة، وعقود مؤسسات الأدلّاء وهي امور تحتاجها الحملات، فالذي استأجر في شوال لاحظ انخفاضا في الإيجار وصلت لأكثر من 70 في المئة، بمعنى ان من دفع مليون ريال إيجار في يونيو لو انتظر قليلا لما تكبد هذه الأموال الطائلة، وهذا يؤكد ان الوزارة ليست سببا في هذه الخسارة، حددنا للحملات وقت ذهاب اللجنة ولذلك تتحمل كل حملة نتيجة اختيار وقت ذهابها، علما بأنه لم يسبق للجنة الذهاب إلى السعودية قبل شهر رمضان، إلا في حالات استثنائية ونادرة جدا".

وأضاف: "الإشكالية التي حصلت ان البعض يعتقد ان الوزارة هي من اوقع الحملات بهذ المشكلة، لكن الحقيقة ان من تأثر تأثيرا كبيرا ومباشرا هو الحملات التي ارتبطت بعقود من أربع او خمس سنوات، لأنها ارتبطت بعقود طويلة الاجل ولا تعلم ماذا سيكون في السنوات القادمة، وكذلك الحملات التي استأجرت بعد موسم الحج العام الماضي مباشرة، وهذه الأمور ليست للوزارة أو مكتب الحج أي علاقة بها".

وزاد، "شعارنا كان ولا يزال الحاج اولا وثانيا وثالثا وصاحب الحملة رابعا، وأؤكد أننا اجتهدنا وعقدنا اكثر من عشرة لقاءات مع اصحاب الحملات للوصول إلى آلية تخدم الحجاج، فآلية توزيع الحجاج بالتساوي لم تكن الوزارة موافقة عليها، إذ قدمنا مقترحا أفضل من التوزيع بالتساوي، فقدموا اعتراضات وقالوا ان آلية الوزارة تبخسنا حقوقنا، والآن بعد التوزيع بالتساوي حملوا الوزارة المسؤولية، فماذا نفعل؟!

التسجيل المبكر لطلبات الحج

أكد الرومي اننا بحاجة الى ثقافة مجتمع في ما يتعلق بالحج، فمن يريد أداء هذه الفريضة يجب أن يقرر خلال شهر رمضان، يعني ان عملية تشغيل السيارة والذهاب للحج في أي وقت تغيرت، ولم تعد كما في السابق، فكل منا عندما يريد الذهاب في رحلة يخطط لها مبكرا، فما بالك وهو يريد الذهاب إلى بيت الله لأداء مناسك الحج، لذا فإن عدم الحسم في هذا الأمر يربك أصحاب الحملات والجهات المعنية في المملكة العربية السعودية الشقيقة ويسبب لنا أيضا في مكتب شؤون الحج إرباكا شديدا، وكل ما أتمناه أن يقوم كل من يرغب في أداء الحج بالتسجيل في بداية الإعلان عن استقبال طلبات الراغبين بالحج، لأن الحاج لا يعلم ما هي الإجراءات والخطوات المطلوبة بعد عملية التسجيل سواء من صاحب الحملة ومن العاملين بوزارة الاوقاف ومن مسؤولي وزارة الحج في السعودية.

خلفيات متعددة لعزوف الحجاج

تباينت آراء أصحاب الحملات حول الأسباب الحقيقة وراء عزوف الحجاج هذا العام، إذ يؤكد صاحب حملة عواش المطيري ان «عزوف الحجاج في البداية كان بسبب تخوف الناس من مرض كورونا الذي ظهر في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى دعوات المشايخ لعدم الحج هذا العام وإفساح المجال أمام من لم يؤد هذه الفريضة، خصوصا ان الجهات المعنية في السعودية قلصت أعداد الحجاج لجميع الدول بسبب أعمال التوسعة في الحرم.

أما رومي الرومي مدير مكتب الحج فقال، «من خلال الدراسات التي أجريناها كان العزوف لعدة أسباب منها العطلة الصيفية، وتزامن دخول موسم المدارس وعيد الفطر بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الحملات كلها أنهكت الأسر الكويتية، خصوصا ان بعض الحملات اسعارها وصلت الى اربعة آلاف دينار.

الذي شجع الناس على التسجيل في وقت متأخر هو انتشار فكرة ان الحجاج عددهم قليل والحج مريح، بدأت تتحرك، وصلنا 5800 حاج مع آخر يوم للتسجيل»، مبينا أنه «تم تحديد موعد لإغلاق التسجيل في مكتب شؤون الحج بالأوقاف على سبيل الاحتياط خوفا من إغلاق النظام لدى وزارة الحج السعودية وبالتالي صعوبة استخراج تصاريح لهم، فلا يوجد تاريخ معين لإغلاق النظام لدى وزارة الحج السعودية، لذلك اضطررنا لتحديد يوم لإغلاق التسجيل في المكتب».