الكليبات اليوم... كميّة تغلب على النوعية

نشر في 05-06-2013 | 00:01
آخر تحديث 05-06-2013 | 00:01
كثيرة هي الكليبات التي تعرض على الشاشة وقليلة تلك التي ترسخ في بال المشاهد ومشغولة بطريقة حرفية وجديدة. الأسباب كثيرة، أهمها أن هذا القطاع الفني دخل عليه متعدون على الإخراج تماماً كما القطاعات الأخرى، لا هدف لهم سوى الكسب المادي، فسحبوا البساط من تحت المخرجين الجادين والمبدعين وملؤوا الشاشات بأعمال تلوث الذوق العام.
ترى المخرجة رندا العلم، (أخرجت أعمالا لكبار الفنانين على غرار أحلام ونجوى كرم...) أن وجود كمّ من النجوم على الساحة الفنية ينعكس بشكل تلقائي على وفرة الأغنيات المصورة، «خصوصاً أننا في زمن الصوت والصورة، إلا أن العمل المتقن يفرض نفسه أمام الجمهور والصحافة وأهل الاختصاص».

تضيف: «الناس أذكياء ويميّزون بين العمل الجيد والعمل السيئ، والدليل أن أعمالا كثيرة بقيت في ذاكرة المشاهد فيما أصبحت أعمال أخرى طيّ النسيان. الإخراج عمل فني بحت وليس تجارة».

وصفت العلم، في حديث سابق لها، واقع الكليبات اليوم بأنها «أصبحت «أوكازيون»، مؤكد أن المخرج سيأخذ لدى تنفيذها أفكاراً من مكان ما، لكن ثمة كليبات Copy-Paste عن أعمال أخرى، وبعضها لفنانين مهمين. أتحدى أن يجد أحد كليباً لي مستنسخاً عن أعمال أخرى، لذا يتطلب مني الكليب وقتاً طويلاً».

حرفية مفقودة

ميرنا خياط التي لها باع في عالم الإخراج وتعاملت مع أهم النجوم مثل نوال الزغبي ونوال الكويتية وجورج وسوف... تعتبر أن الأعمال المشغولة بحرفية معدودة فيما تحتلّ الأعمال التجارية الشاشات، «تغلب الكميّة اليوم على النوعية، قلة فقط من المخرجين تعمل على النوعية وقدمت كليبات ترسخ في الأذهان».

عن تجربتها توضح: «عندما أقدم عملا آخذ وقتي فيه وأشتغله كأنه آخر عمل لي، أو طفل أحتضنه وأهدهده، وأعمل بحذر حتى يعرض على الشاشة. أشعر بمسؤولية وخوف على الصورة التي سأقدمها للناس وعلى صورة الفنان التي سأظهرها أمام أعين المشاهدين، وكيف ستبقى مطبوعة في أذهانهم. لذا سيذكر المشاهد معظم الأعمال التي قدمتها».

بدوره يشير المخرج وليد ناصيف إلى أن كثراً يمارسون الإخراج وهم ليسوا مخرجين وأن الشاشات تزدحم بكليبات لا تمت إلى معنى الكليب الحقيقي بصلة. «ليس الكليب صورة وماكياجاً وشعراً، بل عمل فني حرفي متكامل».

يضيف: «للأسف، غلبت الكمية على النوعية، وقلة هي الأعمال التي يمكن اعتبارها جميلة ومميزة»، مشيراً إلى أن كل مخرج يمكن أن يستوحي أفكاراً من أعمال أخرى لكن التنفيذ يجب أن يكون بطريقته الخاصة، ويتابع: «لا تقتصر السرقة من الأعمال الأجنبية بل تطاول المحلية أيضاً، والدليل أنني شاهدت كماً من الكليبات المستنسخة عن كليب «بتمون» مثلاً. صحيح ألا جديد تحت الشمس، لكن على المخرج التعامل مع الأمور بطريقة مختلفة، وهنا تبرز موهبة الخلق وابتكار رؤى جديدة، يتطلّب هذا الأمر خبرة ودراسة وبحث معمّق».

 

تراجع وأزمات

يعزو المخرج سعيد المراوق التراجع في مجال الكليب إلى الأوضاع المتأزمة التي يعيشها بعض الدول العربية وأرخت بثقلها على الفن، وقبول شركات الإنتاج بأي شيء نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية. قال في حديث سابق له: «لا شك في أن المستوى تراجع، ولا يمكن لوم المخرج وحده، فالهبوط الذي يشهده مستوى الكليب اليوم ناجم عن أسباب مترابطة ببعضها البعض وعوامل مشتركة، من شركات الإنتاج الى فنان بات يقبل بكل ما يُقدم له، وصولاً الى التكنولوجيا الجديدة التي اقتحمت الساحة الإخراجية وسهلت الطريق أمام أشخاص غير أكفاء بالتعدي على المهنة لسهولة عمل هذه المعدات وبيعها بأسعار زهيدة».

عن الأثر الذي تتركه الأوضاع الراهنة على المخرجين الذين باتوا يقبلون بأي عمل لتأمين استمراريتهم المادية، يؤكد الماروق أنه خارج هذه اللعبة ويرفضها، خصوصاً أنه من مؤسسي الكليب في العالم العربي عموماً ولبنان خصوصاً، وبالتالي لا يقبل بأن يكون شريكاً في تدميره على حدّ تعبيره.

لا تنكر المخرجة إنجي الجمال أن ثمة كليبات لا تنطبق عليها المواصفات الفنية المطلوبة، مشددة على أن هذه الموجة يجب محاربتها بأعمال الجيدة من مخرجين يملكون باعاً في هذا المجال وموهبة حقيقية.

حول طريقة عملها  تقول: «أسعى بداية إلى التعرف شخصياً إلى الفنان وسبر أغوار حقيقته الإنسانية لا الفنيّة لابتكار ما يليق به في قالب قصة درامية قصيرة، من ثمّ أبحث معه عن المكان المناسب للتصوير ونحدد الأفكار وكلفة الإنتاج التي تتفاوت وفق التقنيات المستخدمة في التنفيذ. أخيراً، وهو الأساس، يجب أن أكون معجبة بالأغنية لأنها مصدر وحيي الأول والأخير، وما الكليب سوى لخدمتها».

back to top