يبدو قصر "الاتحادية" المنيف (مقر رئاسة الجمهورية في مصر)، متربعاً في قلب ضاحية مصر الجديدة، كاشفاً بمكانه وزمانه، حقيقة التغيرات التي طرأت على المشهد السياسي المصري، وربما التركيبة النفسية للمصريين، منذ عامين بالضبط، حين تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، في مثل هذا اليوم، 11 فبراير 2011.

Ad

قبل الثورة، كان القصر والمنطقة المحيطة به "ساحة مقدسة"، وأسطورية محظورة على المواطنين، طوال ثلاثين عاماً، لكنه أصبح الآن أقرب إلى "جبهة حرب"، بين معارضين ومؤيدين لحكم الرئيس القادم من خلفية إخوانية، محمد مرسي حيناً، ومعارضين وقوات "الحرس الجمهوري"، المُكلفة حماية القصر والشرعية، أحياناً أخرى، إلى درجة أن دعوات تعالت بين القوى الثورية، باقتحامه اليوم، في ذكرى تنحي الرئيس السابق.

ونال القصر، منذ تربع مرسي على مقعده الوثير أواخر يونيو من العام الماضي، ما يزيد على 10 دعوات لمحاصرته، وتجلت ذروتها مع إقدام الرئيس على منح نفسه صلاحيات وصفتها المعارضة بالديكتاتورية عبر الإعلان الدستوري الصادر في 22 نوفمبر 2012.

وعلى الرغم من فقدان مصر ثماني ضحايا أغلبهم من شباب الثورة، فضلاً عن مئات المصابين، فإن تلك الدماء المسفوكة على عتبة "الاتحادية"، لم تثنِ مرسي عن إعلانه، ولا الثوار عن تظاهراتهم أمام القصر.

وعرف سكان المنطقة المحيطة بالقصر أشكال الملثمين المتشحين بالسواد قبل اندلاع الثورة، عندما كانت فرق العمليات الخاصة التابعة للحرس الجمهوري من ذوي البنيان الجسدي الضخم، تنتشر بمحيط المنطقة، لتأمين موكب الرئيس السابق، لكنه وبعد وصول مرسي إلى الحكم حط ملثمون من نوع آخر رحالهم على هذه البقعة - التي كانت هادئة - وعرفوا باسم "البلاك بلوك" مرتدين اللون نفسه، لكن لأهداف مختلفة.

الأشهر الثلاثة الماضية، هي الأولى من نوعها التي استنشق فيها سكان "مصر الجديدة" ـ ورثة الارستقراطية المصرية ـ الغاز المسيل للدموع، ونال سور القصر نصيبه من الكتابات بـ"الإسبراي" الناقدة، والتي وصلت إلى درجة السباب لجماعة "الإخوان" والرئيس، وبلغ "الاجتراء الثوري" – بحسب أنصار الرئيس وجماعته - مداه عندما استخدم المتظاهرون "سيارات" لنزع إحدى بوابات للقصر، لكن تدخل قوات الحرس الجمهوري حال دون ذلك، وبعدها بيومين كان "المولوتوف" يشق طريقه إلى ساحة "الاتحادية" مجتازاً الأسوار العالية.

يُذكر أن القصر ـ الذي حمل من قبل اسم "العروبة" ـ تم بناؤه كفندق ضخم عام 1910، ويعد أحد المعالم الأثرية الفريدة، حيث يحتوى على 400 غرفة، وهو من تصميم المعماري البلجيكي "ايرنست خاسبار"، وكان يعتبر أحد أضخم فنادق العالم في ذلك الوقت، تحت اسم "غراند أوتيل".