يقول درور فيرد، مدير الشحن في المحطة التي افتتحت في عام 1994 بعد توقيع معاهدة السلام بين إسرائيل والأردن: «لدينا حجم كبير من البضائع السائبة بسبب إغلاق سورية».

Ad

تصطف أكثر من 20 شاحنة على الحدود الأردنية- الإسرائيلية، تحمل بضائع تركية تتراوح بين الجزر والأقمشة إلى الفولاذ، وهناك شاحنتان تحملان الملابس، تسيران في الاتجاه المعاكس عائدتين إلى ميناء حيفا في إسرائيل، ومن هناك ستتجهان إلى تركيا. 

يعتبر كل ذلك جزءاً من ممر تجاري إقليمي لا يعرفه كثيرون يمر خلال إسرائيل، مخصص للشاحنات التركية المتجهة من وإلى الأردن. 

نتيجة للحرب الدائرة في سورية، التي كانت في الماضي الجسر البري الرئيس بين تركيا والشرق الأوسط، اكتسب الطريق المار من خلال إسرائيل أهمية استراتيجية سياسية واقتصادية. يشهد نمو هذا الطريق على العلاقات الاقتصادية المتزايدة بين إسرائيل وتركيا، رغم العلاقات السياسية المضطربة في المنطقة، والمرارة التي طال أمدها في العلاقات السياسية الثنائية بينهما، وتوقف عملية مصالحة توسطها الرئيس باراك أوباما في مارس. 

يقول مسؤولون حكوميون إسرائيليون وشركات شحن إسرائيلية، إنه منذ فُتح هذا الطريق في نوفمبر في العام الماضي، وصلت نحو ألفي شاحنة تركية إلى حيفا على سفن شحن، ومن هناك يتجه السائقون الأتراك من خلال شمال إسرائيل إلى معبر الحدود المقام على نهر الأردن، حيث يتجهون إلى زبائن في الأردن ودول أبعد منها. 

وتشهد محطة وادي الأردن القريبة من الحدود أيضاً تجارة متنامية في البضائع السائبة المتجهة من وإلى الأردن، منها القمح والشعير وعلف الحيوانات. 

يقول درور فيرد، مدير الشحن في المحطة التي افتتحت في عام 1994 بعد توقيع معاهدة السلام بين إسرائيل والأردن: «لدينا حجم كبير من البضائع السائبة بسبب إغلاق سورية». 

بدأ المسؤولون الإسرائيليون، الذين التزموا الصمت حول ممر النقل التركي حتى الآن، التصريح عنه علناً- بل إنهم حتى بدأوا يطنطنون بفوائده لإسرائيل، على أنه ملجأ آمن للبضائع المارة بالترانزيت إلى الشرق الأوسط الذي تشتعل فيه النيران وتعمه الصراعات. 

يقول يائيل رافيا زادوك، رئيس دائرة الشؤون الاقتصادية للشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإسرائيلية: «يوفر الممر الإسرائيلي أرخص وأسرع طريق بري إقليمي للبضائع التجارية، وهو أيضاً الأكثر أماناً. إنه مثال جيد على قدرة اللاعبين الإقليميين على التعاون مع إسرائيل عند الحاجة إلى إيجاد حل لمشكلاتهم». 

ورغم الحرب في سورية وحالات عدم الاستقرار المتفاقمة في البلدين المجاورين مصر ولبنان، حقق الاقتصاد الإسرائيلي نمواً صحياً بلغ 5 في المئة في الربع الثاني من هذه السنة. ومع ذلك، أدى القلق من نشوب صراع سياسي من تداعيات الضربات الجوية الأميركية المتوقعة على سورية، في الأيام الأخيرة، إلى تخفيض قيمة الشيكل والأسهم في تل أبيب. 

لم تتم استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين تركيا وإسرائيل بعد، وهي العلاقات التي قطعت بعد الهجوم المميت على سفينة تركية خارج قطاع غزة في عام 2010، كما لم يتفقا بعد على تعويض عائلات الضحايا الـ9 لذلك الهجوم. 

وإضافة إلى ذلك، وفي خضم حرب الكلمات الدائرة بين الدولتين، أغضب رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي، الحكومة الإسرائيلية في الأسبوع الماضي، عندما ادعى أن الدولة اليهودية هي التي خططت لانقلاب يوليو الذي أسقط الرئيس المصري محمد مرسي. 

وقال أفيدور ليبرمان، وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، إن كلمات أردوغان «مليئة بالحقد والتحريض»، وشبهه بأنه خليفة لمروج الدعايات النازي، جوزيف جوبلز. 

ورغم العلاقات السياسية المتجمدة بين البلدين، ارتفعت الصادرات الإسرائيلية منذ عام 2009 بنسبة 60 في المئة لتصل إلى 1.5 مليار دولار، والصادرات التركية إلى إسرائيل بنسبة 40 في المئة لتصل إلى نحو ملياري دولار، وذلك حسب أقوال رابطة الصناعيين في إسرائيل. 

يشهد الممر الإسرائيلي شاحنات من تركيا وعدداً أقل من اليونان وبلغاريا ورومانيا، وهي تتجه من ميناء الإسكندرونة على البحر الأبيض المتوسط عبر البحر إلى حيفا، ثم تتجه من هناك براً إلى زبائن في الأردن وإلى دول ثالثة أخرى غير محددة. 

يقول ديفيد بيريش، مالك شركة تيران، وهي شركة إسرائيلية ناشطة في التجارة مع تركيا: «لكل ناقل شاحنة وكيل في الأردن، ونحن لا نعرف بالفعل أين يذهبون، نحن نرى البضائع تتجه للأردن». 

تأمل إسرائيل أن تُسَوق طريق حيفا-الأردن، ليس فقط كمكان توقف، ولكن كممر اقتصادي مناسب وفعال، يمكن أن تختاره شركات الشحن، بغض النظر عن الصراع السوري. 

وهناك ممر ثان للشحن إلى المنطقة، مازال مستخدماً حتى اليوم يمر من خلال مصر، تستخدمه البضائع التركية المتجهة إلى بورسعيد أو الموانئ المصرية الأخرى، ثم العبور من خلال قناة السويس أو عن طريق البر من خلال جنوب سيناء. 

يقول مسؤول إسرائيلي آخر: «الحاجة أم الاختراع». 

ويضيف: «لا تعتبر الحكومة التركية من أكبر المعجبين بإسرائيل، ولكن عندما يتعلق الأمر بالتجارة، تصبح المسألة في مصلحة إسرائيل. الأردنيون يستفيدون من هذا أيضاً، ولذلك الجميع سعداء بذلك».

* (فايننشال تايمز)