في لقاء تلفزيوني مساء أمس الأول انتقد ممثل الائتلاف الوطني السوري في باريس منذر ماخوس موقف النظام المصري من الثورة السورية، وإصرار مصر على إعطاء إيران امتيازاً في حل الأزمة السورية وتعظيم دور طهران فيها، مشيراً إلى أن مواقف مصر من نضال الشعب السوري أصبحت تثير الشكوك، وفي نفس الليلة أعلن الصحافي المصري الإسلامي المقرب من النظام الحاكم في مصر وتيار الإخوان المسلمين فهمي هويدي أنه يرى أن حل الأزمة السورية ممكن من خلال إقامة دولة علوية على الساحل السوري تكون عاصمتها مدينة اللاذقية!

Ad

الغريب أن مصر أو نظامها الحاكم الذي يقود دفته الإخوان المسلمون يلعب لعبة "مناورة+مشاكسة" دول مجلس التعاون الخليجي بهدف تحقيق غايات أبعد عبر التقرب من طهران وتخويف الدول الخليجية لاسيما المملكة العربية السعودية من تطويقها من الغرب، من خلال تحالف المتضادين، وهما القاهرة – طهران، وهو حلف لا يوفر أي قيمة لمصر، لأن الرابح الأكبر منه هو المنافس الأكبر على دورها في المنطقة؛ إيران فهي التي ستجني ثمار ذاك الحلف بالحصول على الغنيمة الكبرى وهي الهيمنة على الخليج العربي بموقعه وثرواته، وخروج مصر وعمالتها بخفي حنين، كما حدث في العراق بعد أن سادته المظلة الإيرانية.

فهل يعقل أن مصر؛ مركز الثقل العربي السكاني تصمت صمت القبور على مذابح بانياس وحمص والقصير، بينما تطالب في المحافل الدولية بدور فعال لإيران في سورية قلب المشرق العربي! ويسرب منظرون مصريون مقربون من الحكم المصري مشروع تفتيت سورية المتمثل في إقامة دولة علوية، وهي بلا شك علامات على أن القاهرة أعلنت انسحاباً من دورها وموقعها العربي وأنها تقترب من النموذج النيجيري؛ تلك الدولة الإفريقية ذات الثقل السكاني الكبير الذي يتجاوز المئة مليون نسمة، وهي كذلك دولة نفطية ولكنها بلا قيمة استراتيجية أو سياسية، بل إن دولاً أصغر وأفقر منها في إفريقيا، مثل أثيوبيا وكينيا، لها ثقل بسبب مواقفها السياسية في الأمن والحفظ على السلام في إقليمها.

مصر التي تلعب حالياً مع طهران هذه الألعاب الخطرة، وتفتح ثغرات في الجدار العربي، ثمنها دماء الشعب السوري، ومجازر الشام الفظيعة، والمجازفة بأمن المشرق العربي لحسابات الإخوان الضيقة وتحالفاتهم الظرفية الانتهازية، وحالة صمت تشبه الرضا من الجيش المصري على تلك الممارسات، تعلن علينا بشكل ضمني في دول الخليج وحتى الأردن ولبنان حرباً بالنيابة عن طرف آخر أو بالتواطؤ معه.

وهنا نحن أي –عرب المشرق- في حالة دفاع عن النفس، وعلى الإخوان المسلمين أن يعوا إن كانوا الآن في وضع تفاهم حقيقي مع الولايات المتحدة الأميركية أم أنها تسحبهم لخوض تجربة حكم قصيرة تليها الهاوية، لاسيما أن إخوان مصر فشلوا في تكرار التجربة التركية أو الماليزية بسبب اختلافات اجتماعية وثقافية كبيرة بين شعب مصر وشعبي تركيا وماليزيا.

وحالة الدفاع عن النفس تلك تستدعي منا أن نستخدم كل الأوراق التي نملكها كخليجيين وأردنيين وأغلبية سورية ولبنانية، وبقية المعتدى عليهم في المشرق العربي، وعلى مصر وبخاصة جيشها البطل ذو التاريخ العربي العريق، أن تختار بين دورها المشهود كقلعة للعروبة وبين أن تكون نسخة من النموذج النيجيري بعد أن تفقد دورها بين أهلها العرب، وتكون الحليف الغرمان مع طهران، وعليها كذلك أن تقرر ما إذا كانت تريد أن تعبث بمستقبل ملايين المصريين الذين تحتضنهم دول الخليج العربي واستثمارات متبادلة وروابط مختلفة مهمة في جميع المجالات مع دول الخليج، لأن العبث المصري مع طهران وصل مداه، والأمر وصل إلى العظم ولا يحتمل مزيداً من السكوت والتهاون بسبب ما يحدث من تطهير عرقي ومذابح مروعة في سورية.