من عجائب واقعنا الكويتي أن المواطنين هم من يستنجدون ويستجدون الحكومة من أجل تطبيق القانون، نعم يجب أن نعترف أولاً بأننا ككويتيين من أكثر شعوب العالم انتهاكاً للقانون ومخالفته عمداً مع سبق الإصرار، ومن اللاهثين وراء "الواسطة" في سبيل القفز فوق القانون أياً كان شكله، ومهما كان مستواه في درجة الأهمية!

Ad

ولكن في المقابل هناك شعور داخلي يفصح عنه الجميع في ضرورة تطبيق القوانين والتعامل معها بمسطرة واحدة، ولعل هذا مكمن السر في تناقض الكويتيين بين السلوك الواقعي والقناعة الداخلية، فالقانون لا يطبق على الكبير، وفقط يبهدل الصغير ومن لا ظهر له، وهناك مخارج كثيرة للخروج من طائلة العقوبة في حالة تجاوز القانون، وهذه القناعة تكفي لوحدها في الرفض المجتمعي للقانون رغم قدسيته ما دام يطبق على ناس وناس.

ولذلك فإنه بمجرد الشعور بأن القانون سوف يطبق على الجميع وتبين مصداقية القائمين على تنفيذه، فإننا نحتفل وكأننا نحقق أحد الإنجازات العظيمة، ويتحول هذا الأمر إلى حديث الناس وإشادتهم والدفاع عنه، بل يتطور سريعاً إلى فزعة وطنية جادة.

ولعلنا جميعاً نستذكر تلك الفزعة مع لجنة الإزالات بقيادة الفريق محمد البدر، رغم الأخطاء والقسوة والمبالغة في تصرفاتها، ومع ذلك بادر الكثير من المواطنين بإزالة مخالفتهم من تلقاء أنفسهم.

واليوم تبرز ظاهرة اللواء عبدالفتاح العلي كرجل للقانون يتمتع بالجرأة والشجاعة والمصداقية، ليس لأنه على رأس المرور الآن ولكن لتاريخه الطويل في مختلف مواقع وزارة الداخلية وتدرجه الوظيفي فيها، ولذلك بمجرد ظهور اسمه كمسؤول أول على المرور ساد الانطباع العام بأنه سيحدث تغييراً مهماً وملموساً، وهذا ما حدث بالفعل.

فصيت الرجل سبق أداءه، وأداؤه الميداني أثبت سمعته ومصداقيته، ولا نريد أن نفصل في الهيبة التي أعادها اللواء العلي إلى قانون المرور من باب المديح، ولكن نريد أن نشد على يديه وفريقه الميداني من الشباب والشابات لاستكمال هذا المشروع بذات الروحية المتحمسة والشديدة لعدة أسباب منها إعادة أمن الطريق الذي تحول إلى مسرح للموت والإصابات والاستهتار، ومنها أن قانون المرور بطبيعته يفتح المجال لتطبيق الكثير من القوانين الأخرى المتعلقة بالسلوك الفردي.

والأهم من ذلك أن بلدنا يملك الكثير من الطاقات الوطنية من أمثال عبدالفتاح العلي في كل المواقع والأجهزة، والناس تتمنى قيادتها لهذه الأجهزة ولسان حالها يقول: يا حكومة طبقوا علينا القانون بحزم ولكن بعدالة ومصداقية على الجميع.

"فكفووو عليك" يا أبا أحمد، وندعو لك بالخير والتوفيق ليس لأنك تطبق القانون الآن، ولكن أيضاً لأنك مفتاح الأمل في تطبيق قوانين البلد الأخرى برجال من أمثالك!