مَن كان يتوقع أن تشهد أوسلو، المدينة الهادئة، أكبر مذبحة في التاريخ؟ بالطبع هناك جرائم أكبر وأكثر فظاعة ربما، ولكن ما حدث في 22 يوليو 2011 كان أكبر جريمة قتل جماعي في التاريخ يرتكبها شخص بمفرده، وذهب ضحيتها 77 قتيلاً، 62 منهم أعمارهم دون الإحدى والعشرين سنة، وأكثر من 300 جريح.
الجريمة حدثت على مرحلتين، بدأت بسيارة مفخخة انفجرت قرب مبانٍ حكومية، في وسط أوسلو قرب مكتب رئيس الوزراء جينس ستولتنبرغ، وقد قُتِل في الانفجار 8 أشخاص وجُرِح نحو 209 أشخاص، منهم 12 كانت حالتهم خطيرة، أما العدوان الآخر فقد حدث بعد ساعتين من الأول، في معسكر صيفي ينظمه الفرع الشبابي لحزب العمل الحاكم في جزيرة قريبة تدعى أوتويا، حيث تنكّر شخص في ملابس رجل شرطة واستخدم هوية مزورة في الدخول إلى الجزيرة، ثم بدأ في إطلاق النار على المشاركين بالمعسكر فقتل منهم 69 وجرح ما لا يقل عن 110 من بينهم 55 في حالة حرجة. وتعد الحادثة من أكثر الجرائم دموية في تاريخ النرويج منذ الحرب العالمية الثانية، وتأثرت البلاد كلها بالحدث حتى قيل إن 1 من كل 4 أشخاص في النرويج يعرف شخصاً، على الأقل، متأثراً بالحدث.وقد تم القبض على المجرم في الجزيرة ولم تبدر منه مقاومة تُذكَر، واتضح أنه يدعى أندريه بريفيك، وهو نرويجي يبلغ من العمر 32 عاماً، وهو يميني متطرف، خطط لجريمته منذ سنوات، ويقول إنه قام بذلك لحماية النرويج من خطر السياسات الليبرالية الانفتاحية التي يقودها حزب العمل بتشجيعه هجرة الأجانب، وخصوصاً المسلمين، الذين يراهم خطراً يتهدد النرويج وسيقضي عليها، ولذا قام بعمل مدوٍّ يجذب الانتباه إلى خطورة الموقف، حسب زعمه.شعرت بأن الناس هناك يريدون نسيان الحدث لدرجة أن محاولاتي الوصول إلى الجزيرة باءت بالفشل، بل جاءت الإجابة باردة كالنرويج، وهي أن الحزب لا يريد أن يجعل من جزيرة أوتويا مزاراً، ولكن يريد استخدامها كمعسكر صيفي للشباب. ولكني كنت أكثر حظاً في الوصول إلى موقع تفجير السيارة المفخخة، ويبدو أن ملة التطرف واحدة. ولكن هل بالإمكان أن نستفيد شيئاً من كيفية تعامل أهل النرويج مع حدث بتلك الفداحة والدموية؟ وللحديث بقية.
أخر كلام
شيوخ عيونهم زرقاء 4
18-05-2013