في مقال الأحد الماضي، قلت إن جماعة الإخوان والرئيس المعزول اختزلا الشرعية في صندوق انتخابات الرئاسة التي جرت في يونيو من العام الماضي، وطرحت سؤالاً حول أسباب رفضهما الرجوع إلى شرعية الصندوق مرة أخرى في انتخابات رئاسية مبكرة، قامت ثورة 30 يونيو تطالب بها، وطرحت من هذه الأسباب:

Ad

1- التزوير الذي ارتكبته الجماعة في انتخابات الرئاسة من خلال أوراق الأصوات سابقة التجهيز لمصلحة الرئيسي المعزول، والتي كشفت عنها بعض اللجان القضائية الفرعية، التي قامت بالإشراف على هذه الانتخابات.

2- التهديد بالعنف وحرب أهلية، إن لم تعلن لجنة الانتخابات الرئاسية فوز الرئيس المخلوع، بالرغم من التزوير سالف الذكر، والذي كان يحتم على اللجنة إعادة الانتخابات الرئاسية.

تآكل شعبية الرئيس المخلوع

فهي انتخابات كانت تفوح منها رائحة التزوير والعنف، وقد تآكلت شعبية الرئيس المعزول ونظامه، بعد أن فشل في الوفاء بوعوده، التي قطعها على نفسه في الانتخابات، والتي وعد بتحقيقها في المئة يوم الأولى، وفشل في تحقيقها طيلة عام كامل، لأنه ونظامه كانا يفتقدان أي رؤية لشؤون الحكم والإدارة.

كما فشل في أن يكون رئيسا لكل المصريين، وقد عمل ونظامه طوال مدة حكمه على إقصاء كل القوى الثورية والسياسة الأخرى التي صوتت له في انتخابات الإعادة، ومن هنا كان خوض الجماعة لانتخابات رئاسية مبكرة، مغامرة كبيرة، سوف تقصي الجماعة من الحكم والمسرح السياسي.

ممارسات أخرى للرئيس وجماعته في الانقلاب على الشرعية:

1- أصدر الرئيس– بعد أسبوع واحد من توليه الرئاسة– قراراً بإعادة مجلس الشعب المنحل بحكم قضائي، الأمر الذي انطوى على عدوان على حكم القضاء بحله، فتنفيذ أحكام القضاء، هو جوهر استقلال القضاء.

2- استعداء الرئيس المخلوع الشعب على القضاء، وقيام جماعته بالدعوة إلى حشود تحمل لافتات "البراءة للجميع" وقيامها بحصار مجلس الدولة والمحكمة الدستورية لمنعهما من أداء رسالتهما في الدعوى المقامة أمام المجلس، طعنا على الجمعية التأسيسية، وفي الدعوى المقامة أمام الدستورية طعنا على انتخابات مجلس الشورى.

3- الموقف السلبي للرئيس المخلوع من حصار المحاكم بل مباركته لهذا الحصار، بإصدار إعلان دستوري في 21/11/2012 وإعلان دستوري في 9/12/2012، حصن كلاهما الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى من رقابة القضاء.

4- عزل النائب العام د. عبدالمجيد محمود، مخالفة لأحكام الإعلان الدستوري الصادر في 30/3/2012، ثم عزل النائب العام بإعلان دستوري، وتعيين نائب عام، يحصن أعمال القتل والعنف التي قام بها أنصار الرئيس المخلوع أمام الاتحادية وغيرها، ويحمي مرتكبيها.

5- حصن الرئيس المخلوع كل القوانين والقرارات التي أصدرها والتي سوف يصدرها، حتى انتخاب مجلس النواب بالإعلانين الدستوريين المشار إليهما، وهو ما يمثل عدوانا على ولاية القضاء، وعلى الدولة القانونية، وتحولا إلى نظام شمولي وحكم فردي.

6- أن الرئيس المخلوع دعا إلى استفتاء الشعب على الدستور فور تسلمه مسودته خلال أسبوعين، وهو دستور وضعه فصيله الإسلامي، دون توافق باقي القوى السياسية والثورية، وكل طوائف المجتمع وأطيافه، ودون أي حوار مجتمعي، الأمر الذي أفرز دستوراً هو ثمرة فجة غير ناضجة، يجعل تداول السلطة مستحيلاً.

7- عزل أكثر من ثلث أعضاء المحكمة الدستورية بنص الدستور وتحجيمها، وإعداد مخطط لعزل جماعي لـ3500 مستشار بقانون كانت تجري مناقشته في مجلس الشورى، وكان سوف يتم إقراره رغم دعوة الرئيس المخلوع لمؤتمر لـ"العدالة" لمناقشة هذا المشروع، الأمر الذي أدى إلى وأد المؤتمر قبل عقده، وكان الهدف هو أن يجري إحلال قضاة من التيار الإسلامي محل القضاة المعزولين، لإحكام قبضة النظام على كل مؤسسات الدولة، وعلى كل مفاصلها.

8- إساءة استخدام الرئيس لحق العفو الرئاسي في العفو عن تجار المخدرات ومرتكبي جرائم الإبادة الجماعية من الإرهابيين، وبعضهم محكوم عليه بالإعدام.

9- الامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء، بالتحايل على تنفيذ بعضها بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية بالعوار الدستوري ذاته الذي كان سببا في بطلان تشكيل الجمعية الأولى، التي أبطلها حكم قضائي صادر من مجلس الدولة، وبرفض تنفيذ البعض الآخر.

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.