توحد الشاعر
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
جميع اقتناصات شعرائنا الشباب اليوم تركز على ما يؤكد همهم الداخلي حتى تبدو حالة السعادة مطلبا غبيا لا نجرؤ على المطالبة به.العالم أمنية / وأنا أشعر بالاحباط / ثم بالتقيح كلما قرأت: "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل". لم يعد اليأس مرتبطا بالراهن في حياة الشاعر وانما يمتد الى الأمل والذي يتضاءل كثيرا في أوضاع تسير نحو المزيد من الأزمات التي يتوقعها حدس الشاعر. والسؤال عن سبب توحد الشاعر واغترابه له اجابة واحدة لا غير: الوطن. الوطن الذي يحمل الشاعر همومه من مدينة يتوهمها أجمل من مدينته وأكثر هدوءا من صخب الطغاة فيها ليجد نفسه متوحدا معها في منفاه يحملها أينما ذهب. مدينة لا تترك له حرية المتعة في وجه مدينة اغترابه. في السويد أو القاهرة أو الكويت هناك دائما مدينته الأولى تسكنه وتحدد نبض شعره.يحاول أن يقسو عليها ويسميها بلاد ما بين النارين ويعدها أن يكون مهرجها الذي نذر نفسه للترفيه عنها ولكنه لا يفعل. ليس لأنه لا يريد ولكن لأنه لا يستطيع. حالة العشق الناقصة التي يعيشها مع مدينته تمتد الى جميع علاقاته بالآخر، الصديق الخائن، المرأة العابرة، والشوارع الغائرة كجراح في روحه. انه لا يتأقلم الا مع ذاته وما في ذاته غير توحده.الأكثر أهمية في سر الشعر العربي المهاجر عدم تآلف الشاعر المغترب مع حالته الراهنة مهما طال زمن غربته ومهما اقتنع أن بإمكانه التعايش معها بجدية، ليس كوطن بديل بل كحالة شعرية بديلة يمكن لها أن تنتج نصا مغايرا. والياسري يختصر الاجابة عن ذلك:العالم وطن / وأنا لدي مشكلة واحدة / أهفو الى فهم معنى (وطن)!بالتأكيد تلك ليست مشكلة واحدة فقط، ربما مأساة واحدة. لأن حل المشكلة ممكن أما انهاء المأساة فمأساة أخرى.