بعد 11 عاماً من الصعود... الذهب يفقد بريقه رغم تنامي المخاوف من حالة الاقتصاد العالمي

نشر في 20-04-2013 | 00:01
آخر تحديث 20-04-2013 | 00:01
No Image Caption
يظن العديد من المستثمرين أن الذهب يشكل استثماراً بديلاً في أوقات الضيق الاقتصادي. وقد ارتفع المعدن الثمين بقوة في السنوات التي أعقبت الأزمة المالية واستمر في الارتفاع مع معالجة أوروبا لمشاكل ديونها القاسية، غير أن الأسعار هبطت نتيجة وجود مؤشرات على أن الاقتصاد الأميركي بدأ مرحلة التعافي.
ذهب "أي ميل برنت" هو عادة ملاذاً آمناً بالنسبة الى المستثمرين خلال أوقات الاضطرابات الاقتصادية. ولكن ليس في هذه المرة. وحسب توقعات وول ستريت فإن الوضع سوف يزداد سوءاً.

ومع هبوط سعر الذهب الى أدنى مستوياته خلال عامين فقد برزت المفارقة، فهذا الهبوط يعكس أنباء جيدة بالنسبة الى الاقتصاد الأميركي، غير أن فقدان الذهب لبريقه بوصفه ملاذا آمنا يحمل أخبارا سيئة في أنحاء اخرى من العالم.

وبعد ارتفاعه على مدى احدى عشرة سنة متتالية بدأ سعر الذهب بالهبوط بصورة ثابتة منذ شهر أكتوبر الماضي، ثم ازداد هبوطه بنسبة 5 في المئة يوم الجمعة الماضي، ودخل بشكل رسمي منطقة سوق السعر الأرخص. وقد استمر هبوط الأسعار في يوم الاثنين الفائت مع انخفاض السعر بأكثر من 9 في المئة ليصل سعر الأونصة الى 1.361.70 دولار.

ويظن العديد من المستثمرين ان الذهب يشكل استثماراً بديلاً في أوقات الضيق الاقتصادي. وقد ارتفع المعدن الثمين بقوة في السنوات التي أعقبت الأزمة المالية واستمر في الارتفاع مع معالجة أوروبا لمشاكل ديونها القاسية.

وقد وصل سعر الذهب الى ذروته في شهر سبتمبر من سنة 2011 وتم تداوله عند أكثر من 1900 دولار للأونصة، غير أن الأسعار هبطت منذئذ بنسبة 24 في المئة نتيجة وجود مؤشرات على أن الاقتصاد الأميركي بدأ مرحلة التعافي. وارتفعت أسعار المنازل بصورة ثابتة، ومنذ بداية السنة ارتفعت مؤشرات سوق الأسهم الى مستويات قياسية مع تحول المستثمرين الى استثمارات مجازفة بقدر أكبر. ولكن في ما بدت أوضاع الولايات المتحدة في تحسن كانت مؤشرات الصين وأوروبا تبدو مقلقة حيث لا يبدو أن المستثمرين لديهم قناعة في أن الذهب سوف يحميهم من الخسائر.

وفي الأسبوع الماضي هبط سعر الذهب نتيجة القلق من احتمال قيام قبرص المرهقة بالديون ببيع كمية من احتياطيها من الذهب ضمن عملية انقاذ. وقد عزز ذلك المخاوف من اقدام دول أوروبية اخرى تكافح ضد ديون سيادية عالية، وخاصة ايطاليا واسبانيا والبرتغال، على بيع البعض من احتياطيها من الذهب أيضاً.

وفي الأسبوع الفائت استمر الهبوط بعد أن أعلنت الصين – وهي أكبر دولة مشترية للذهب اضافة الى الهند – عن نمو أقل من المتوقع. وخلال بداية السنة نما اقتصاد الصين 7.7 في المئة وهو أقل من السعر الحكومي المستهدف البالغ 8 في المئة وأدنى كثيراً من النمو السنوي الثنائي الرقم الذي شهدته الصين خلال ثلاثة عقود. وشعر المستثمرون بقلق من اقدام المستهلك الصيني الذي يواجه نقصاً في المبالغ النقدية على شراء كميات أقل من الذهب. واذا استمر اقتصاد الصين في التباطؤ بصورة كبيرة فإنه سوف يؤثر على الاقتصادات في شتى أنحاء العالم ويلحق الضرر بمصدري المواد الخام التي غدت مطلوبة نتيجة ارتفاع الطلب الصيني خلال العقد الماضي.

وفي تقرير صدر الأسبوع الفائت خفض غولدمان ساكس من سعره المستهدف لثلاثة شهور لأونصة الذهب من 1615 دولاراً  الى 1530 دولاراً كما خفض من توقعاته لـ 12 شهراً من 1550 دولاراً الى 1390 دولاراً. وجاء ذلك في أعقاب مذكرة صدرت عن بنك سوسيته جنرال في 2 ابريل وصفت الذهب على أنه "فقاعة". وهذا البنك اضافة الى باركليز وكريديه سويس ضمن اولئك الذين يتوقعون متوسط أسعار أدنى في سنة 2014 عن أسعار هذه السنة.

غير أن هذه الصورة قد تنطوي على مبالغة – وبينما خفض دويتشه بنك في الأسبوع الماضي من تنبؤاته لأسعار الذهب في 2013 الى 1637 دولاراً فهو لايزال يتوقع وصول الأسعار الى معدل وسطي يبلغ 1810 دولارات للأونصة في السنة المقبلة.

المعروف أن سعر الذهب يرتفع في العادة عندما تسوء أوضاع الاقتصاد، غير أن من الواضح أن تلك لم تكن الحال ازاء الصين وأوروبا. وقد يغدو اتجاه الأسعار أكثر تعقيداً. ويقول جاكوب فنك كيركيغارد من معهد بيترسون للاقتصادات الدولية إن خطط قبرص لبيع احتياطي الذهب قد أفضت الى تعزيز مخاوف المستثمرين من إقدام دول أوروبية اخرى على خطوات مماثلة، ولكن من غير المحتمل حدوث ذلك.

ويضيف "لا تواجه أي دولة أوروبية الضغط المالي الحاد الذي تعاني قبرص منه في الوقت الراهن، والقيام ببيع الذهب بصورة مفاجئة سوف يوجه اشارة يأس". ويمضي الى القول إن دولة قد تقرر الإعلان عن برنامج طويل الأجل يمتد من خمس سنوات الى 10 سنوات عن مبيعات ذهب بسعر محدد مسبقاً على غرار ما فعلته عدة دول في الاتحاد الأوروبي قبل سنوات، ولكن حتى ذلك يبدو غير محتمل. وسوف يكون لدى معظم الدول الأوروبية أشياء اخرى للبيع أو الخصخصة لتوفير المبالغ النقدية التي تحتاج اليها بشدة.

وفي نهاية المطاف، سوف يتوقف استمرار سعر الذهب في مساره الهابط على كيفية قدرة الصين وأجزاء من أوروبا على تحمل المزيد من المشاكل الكبرى.

(مجلة فورتشن)

back to top