طغى الاعتداء الإرهابي الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت أمس الأول، على الوضع في لبنان أمس، الذي أُعلِن فيه الحداد الوطني، بينما استمرّت التحقيقات والاجتماعات الأمنية المكثفة، لكشف ملابسات الجريمة، فضلاً عن محاولة رفع الإجراءات الأمنية في عدد من المناطق، وسط تصاعد المخاوف من وقوع تفجيرات في مناطق أخرى بهدف بث الفتنة المذهبية.

Ad

وارتفعت حصيلة التفجير، الذي ضرب منطقة الرويس، ونفذ بواسطة سيارة مفخخة أشارت بعض المعلومات إلى أن انتحارياً كان يقودها، إلى 22 قتيلاً وأكثر من 325 جريحاً، بينما بقي نحو خمسة أشخاص في عداد المفقودين بينهم ثلاثة أطفال.

ودعا الجيش اللبناني، في بيان، أهالي المفقودين إلى التقدم لــ"إجراء فحوصات الحمض النووي بغية التعرف على ذويهم".

وكان التفجير الضخم الذي تسبب بحرائق كبيرة في المباني والمحال التجارية، أدى الى محاصرة العديد من السكان في منازلهم قبل أن يعمل رجال الإطفاء على اجلائهم باستخدام سلالم طويلة.

وقالت كارول، التي تملك عائلاتها ثلاثة متاجر قريبة من مكان التفجير، إن عصف الانفجار أدى الى قذف إحدى الموظفات الى داخل المتجر، قبل أن تُرفَع جثتها من تحت الأنقاض بعد ساعات.

 

«مجلس الدفاع»

 

إلى ذلك، عقد المجلس الأعلى للدفاع اجتماعا برئاسة الرئيس ميشال سليمان في القصر الجمهوري قبل ظهر أمس. وقال الأمين العام للمجلس اللواء محمد خير، في بيان، ان المجلس "طلب من قادة الأجهزة الأمنية القيام بأقصى ما يمكنهم فعله لكشف المخططين والمنفذين لهذا العمل وسوقهم الى القضاء المختص".

وفرضت عناصر "حزب الله" اجراءات امنية مشددة في احياء الضاحية، شملت تفتيش السيارات الداخلة الى المنطقة والتدقيق في الهويات.

ورفع سكان في المنطقة صورة عملاقة على احد المباني للأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله. كما رفعوا لافتة بالإنكليزية كتب فيها "صنع في الولايات المتحدة الأميركية" في اشارة الى الانفجار.

وتبنت التفجير مجموعة غير معروفة تطلق على نفسها اسم "سرايا عائشة ام المؤمنين للمهام الخارجية"، مشيرة الى أن هذا التفجير "رسالة" الى "حزب الله" بسبب قتاله الى جانب النظام السوري في المعارك ضد مقاتلي المعارضة.

في المقابل، أكد المنسق السياسي والإعلامي للجيش السوري الحر لؤي المقداد لـ"فرانس برس" أنه لا علاقة لهذا الجيش الذي يشكل مظلة لغالبية مقاتلي المعارضة السورية، بالتفجير الذي وقع في الضاحية. وقال: "نحن في هيئة اركان الجيش السوري الحر نندد بهذه العملية، ونعتبرها عملا اجراميا يستهدف مدنيين"، متهما حليفتَي "حزب الله" دمشق وطهران بالوقوف خلف الهجوم.

من جهتها، لم توجه السلطات اللبنانية اتهاما رسميا إلى اي جهة بالوقوف خلف العملية، الا ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان قال امس ان "هذا الأسلوب الإجرامي يحمل بصمات الإرهاب واسرائيل".

وهذا التفجير هو الثاني الذي يستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، بعد التفجير الذي استهدف منطقة بئر العبد في التاسع من يوليو الماضي، وأسفر عن وقوع 50 جريحاً، فضلاً عن دمار في الممتلكات.

 

بيريز

 

ورفض الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز أمس هذه الاتهامات، وقال المتحدث باسمه: "لقد فوجئت بتأكيد الرئيس اللبناني مجددا أن اسرائيل تتحمل مسؤولية التفجير. لماذا ينظر في اتجاه اسرائيل في حين ان (حزب الله) يكسر عظام لبنان ويقتل الناس في سورية من دون موافقة الحكومة اللبنانية؟".

 

إدانات 

 

وتواصلت أمس، الإدانات الدولية للتفجير الدموي الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث دانت روسيا أمس، التفجير، وشددت على ضرورة التصدي لمن يحاولون إشعال الفتنة الطائفية في الشرق الأوسط من خلال أعمال "إرهابية".

ونقلت وسائل إعلام روسية عن بيان للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الكسندر لوكاشيفيتش أن "موسكو تدين هذه الجريمة الشنيعة التي يجب أن ينال مدبروها العقاب الذي يستحقونه". وقال: "نؤكد مرة أخرى على ضرورة التصدي العاجل لمن يسعون من خلال عمليات إرهابية، كالتي تجري في لبنان وسورية والدول الأخرى بالشرق الأوسط، إلى إشعال الفتنة الطائفية الفتاكة بالنسبة إلى المنطقة".

ودانت فرنسا أمس، "بأكبر قدر من الحزم" الاعتداء. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية فنسان فرولياني إنه "من الضروري كشف الحقيقة كاملة حول هذا الاعتداء وإحالة المسؤولين عنه الى القضاء".

وكانت السفيرة اِلأميركية في بيروت مورا كونيللي دانت أمس الأول التفجير، كما دان مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون هذا التفجير الذي يعد الأكثر دموية في الضاحية الجنوبية منذ نحو ثلاثة عقود.