غرافيتي فيروز... لبيروت من قلبي سلام
العمل الفني الأخير الذي رسمه فريق {أشكمان} لفن {الراب} على أحد جدران العاصمة اللبنانية بيروت، ونُشرت صورته على صفحات الفيسبوك قبل نحو أسبوع، كان غرافيتي للفنانة اللبنانية فيروز، أيقونة الصوت على جدران أيقونة المكان.
يتضمن الغرافيتي الأشكماني الأخير في بيروت صورة تقليدية لفيروز مع كلمة {لبيروت} بالخط العريض والأنيق، إلى جانب عبارة {من قلبي سلام} باللون البرتقالي وبالخط الرفيع والصغير. العبارة نفسها مكررة بالأبيض على مساحة واسعة من الجدار، وهي جملة مأخوذة من أغنية فيروز الشهيرة بقلم الشاعر اللبناني جوزف حرب وبلحن مقتبس من الفنان الأسباني يواخين رودريغو أعده زياد الرحباني. وقد أطلقت عام 1983 في خضم الحرب الأهلية اللبنانية.الجملة نفسها كتبها سابقاً أحد الغرافيتيين بشكل متسرع على أحد جدران منطقة رأس بيروت.
فريق {أشكمان} اللبناني المؤلف من الأخوين عمر ومحمد قباني والذي انطلق عام 2003، اختار أن يرسم على جدار منزل قديم، باهت الطلاء ومصاب بالتصدع، صورة فيروز التي ظهرت على غلاف ألبوم {أنا وسهرانة} وتظهر ملامحها وسط خلفية سوداء قاتمة، محافظاً في الرسم على خلفية سوداء لصورة صارت {أيقونة} في لوحات تشكيلية لبعض الفنانين اللبنانيين وفي ثقافة الـ{بوب آرت} على طريقة الأميركي أندي وارهول، حيث يمكن رصد عشرات اللوحات في هذا المجال منتشرة في مواقع إلكترونية. وفي مصر رسمت الصورة كغرافيتي مرفقة بعبارة {تواشيح فيروز} في حملة ضد النشاز في الطرب العربي. حتى في مجال الألبسة، حضرت الأيقونة الفيروزية المذكورة وطبعت على {تي شيرتات} شبابية في بعض البلدان العربية وهي تباع على الإنترنت.تقافة الراب غرافيتي فيروز الموقَّع من فريق {أشكمان} يتميَّز بأنه يجمع ثقافة الراب والهيب هوب، وهي هواية الأخوين قباني، إلى جانب تصميم الغرافيتي (أي مهنتهما)، وقد جعلا الجدار في مشهد جذاب ومريح يعطي رونقاً للمدينة إذا جاز التعبير. وهما، كما كثير من الغرافتيين وهواة فن الشارع في لبنان، يعملان على مبدأ الغرافيتي الحضاري الاحترافي الذي يجمّل الأماكن العامة ويعيدها إلى مدينتيهما، ذلك في مواجهة الغرافيتي الميليشياوي والحزبي، حيث التعابير النابية والطائفية السوقية المكتوبة بطريقة عشوائية تشوه المشهد العام، والذي بدأ رواجه منذ بداية الحرب الأهلية ولم تنته فصوله بعد.يأتي اختيار {أشكمان} لأغنية {لبيروت} الفيروزية في إطار سلسلة رسوم تدور في فلك العاصمة اللبنانية مثل {العيون على بيروت} و{الشارع لنا}، أي لفناني الراب الهيب هوب وراسمي الغرافيتي.على أن {أشكمان} الذي اعتاد أن يغني كلاماً نقدياً واجتماعياً مستلهماً من الواقع اللبناني ومشاكله وأزماته، في رسمه لفيروز تغني بيروت، كأنه يرسم غرافيتي لأيقونتين في آن، أيقونة الصوت وأيقونة المكان. واختيار أغنية تقول {من قلبي سلام} إشارة إلى أحوال غير مريحة تمر بها هذه المدينة منذ مدة.فيروز حضرت سابقاً كغرافيتي على جدران بيروت، حيث انتشرت طبعة إستنسل تظهر وجهها كأيقونة صغيرة، فيما اختار الرسام أن يبدل في شعرها ليتضمن ما يشبه ملامح رموز المدينة، من المباني السكنية إلى المقامات الدينية والشوارع. كأن الإستنسل يقول إن فيروز وجه بيروت ووجه لبنان معاً. وطبع العمل بعض عشاق فيروز تضامناً معها في خضم خلاف حصل بينها من جهة وورثة الراحل منصور الرحباني من جهة ثانية، على خلفية منعها من أداء بعض الأغاني التي تشارك منصور مع عاصي الرحباني في تلحينها وكتابتها.