من أكبر الأكاذيب التي نعيشها يومياً أننا نخدع أنفسنا بتكرار كلمة نحن شعب محافظ، فنغلق عقولنا بالإنكار، وهو وسيلة دفاعية للعقل يعمل بها لما لا يستطيع تقبله أو فهمه أو تصديقه.
ولا شك أن تحول مقطعي فيديو الأسبوع الماضي إلى قضية رأي عام هو دليل على سطحيتنا وإنكارنا لواقعنا وكأننا لا نعلم أن هذه الأشياء موجودة في مجتمعنا، مصدقين أننا نعيش في "يوتوبيا" أفلاطون وأننا شعب الله المختار وملائكته المنزلون.لكي لا يسارع البعض كعادته بتقويلي ما لم أتفوه به فأنا لا أشجع ما حدث، ولكنني بكل بساطة أعتقد أننا نعلم أن هذه الممارسات موجودة في مجتمعنا، ولو نظرت- عزيزي القارئ- يميناً وشمالاً لعلمت ما أقصده وأعنيه، فلماذا نسارع بالتبرؤ والهلع وتحويل الموضوع إلى قضية رأي عام يصرح بها حتى نواب الأمة الذين لم تحركهم ملايين الفساد الضائعة، وألوف المنتظرين لطابور الإسكان، بل حركتهم قبلة؟ ما أتفه ذلك!ما حصل ذكرني بنقاش مع أحد الأشخاص حول موضوع "الاختلاط" في الجامعة، والذي بدأه بالقول إننا شعب محافظ لذلك نرفض الاختلاط، وعندما هدأ قليلاً وتفكر بما حوله، فهم- أو على الأقل هذا ما اعتقدته- أننا شعب "مو حافظ ولا عارف تاريخه وثوابته"، وليس شعباً محافظاً، نحن في الكويت شعب نعشق الحرية التي تصاحبها المسؤولية، ونعشق التحرر دون ابتذال وسفاهة.وما ترهات المحافظة وغيرها إلا نتيجة البروبوغاندا السياسية- الإسلامية التي حاولت وجاهدت وقاتلت وسعت بكل ما تملك من قوة إعلامية ومالية وتنظيمية لنشر فكرة الشعب المحافظ الذي يهتم بالشكل لا بالأخلاق، وبالمظهر لا بالجوهر، وما الحملات الإعلامية التي تضع فتاة محجبة تفتخر بحيائها بوجه مبتسم ضاحك، وبجانبها "السفور" مغطيات الوجوه إلا مثال لما يريدون أن يكون عليه مجتمعنا... وأيضا المنشورات التي توزع في جامعة الكويت من قبل الاتحاد "الإخونجي-السلفي" حول نشرات الحجاب وأن غير المحجبات في جهنم وبئس المصير مثال حي آخر.إن الكبت يولد الانفجار، والمنع يولد الرغبة، والإنكار لا يزيد المشاكل إلا سوءاً، لذلك لنكن صريحين مع أنفسنا قبل أن نكون مع غيرنا ونعترف أننا شعب يحب الحرية، لسنا دولة من دول الجوار، فينا الصالح والطالح، الخير والسيئ، لا نصلح الأمور بل نلغيها، فيزداد الناس رغبة فيها... فهل نتعظ؟
مقالات
شعب «مو... حافظ»
12-10-2013