قال رئيس مجلس إدارة شركة الضيافة الاهلية العقارية محمود عاشور الجعفر ان ما حصل ويحصل في قطاع العقار هو ان الناس يتجهون الى هذا القطاع تزامنا مع ما يشهده سوق المال من ازمة يعانيها منذ فترة ليست قصيرة.

Ad

وذكر جعفر في لقاء مع "الجريدة" ان هذا التوجه ليس عل مستوى الملاءات المالية الكبرى والشركات العقارية او غيرها الاخرى الكبرى، انما كان على مستويات متدنية من رؤوس الاموال، منها ما كان على مستوى الاستثمار الفردي.

وبين ان هناك بعض صغار المستثمرين في سوق المال رأوا ان قطاع العقار افضل عوائد من قطاع الاسهم، وهذا ما دفع المسثتمرين الى التوجه الى العقار اضافة الى حالة سوق المال المزرية، اضافة الى ان قطاع العقار الاكثر أمنا واقل مخاطر الى التوجه نحو الاستثمار في قطاع العقار.

وقال ان الكثيرين ممن لديهم مدخرات بسيطة يجدون ان استغلالها في استثمارات عقارية سريعة وعالية العوائد افضل من استغلالها كوديعة.

واضاف ان ما حصل في الكويت من هذه الناحية هو سوء تخطيط موجه ومتعمد في ظل اقدام الجهات المعنية على فسح المجال لاقامة ابراج وعمارات شاهقة يشتريها صغار وكبار المستثمرين مع التوجه لدى المعنيين نحو اعطاء المرأة قرضا قيمته 40 الف دينار كويتي ساهم هو الآخر في رفع القيمة الايجارية اولا ثم قيمة العقارات ايضا.

وقال ان منح المرأة هذا الحق من شأنه ان يزيد الطلب على الشقق علما ان وضع الشقق لايزال للاسف دون المستوى المطلوب من حيث التشطيبات والخدمات التي لم تتجاوز كونها تشطيبات تجارية فيما الاولى التوجه نحو فرض تشييد الشقق النموذجية وليس التجارية ضمن مواصفات جيدة.

واردف الجعفر ان زائر منطقة المهبولة يلحظ بعينه سوء التخطيط بالنسبة للمناطق وكيفية تخديمها وسوء تشطيب العمارات فيها والتي اضحت تجارية بكل مافي الكلمة من معنى مع سوء الخدمات وغياب المرافق الضرورية فيها، مثل الشوارع والانارة والصرف الصحي وسواها.

واكد ان كثافة تلك المنطقة اضحت عبئا على الخدمات التي لم تدرس بشكل جيد قبل ان تبنى، فضلا عن ان مداخلها محدودة بثلاثة مداخل لم تبن على اساس صحيح.

واكد ان المهبولة، على سبيل المثال لا الحصر، لها مدخل من الفنطاس، وآخر من على البحر، ومدخل من ابو حليفة، فيما تبقى بحاجة الى مدخل مباشر لها عن طريق طريق الفحيحيل السريع وهذا ما تفتقر اليه منذ تأسيسها.

ولفت الى ان الجهات المعنية اوجدت كارثة بيئية عندما بدأت منطقة علي صباح السالم (ام الهيمان سابقا)، لان المنطقة انشئت من غير دراسة، ومن غير تخطيط سوي فأضحت تجارية بكل ما فيها بابراجها وباختلاط قاطنيها وليس فيها فرز لاي طبقة مخصصة للسكن، ففيها العائلات والعزاب، وهذا ما سيؤدي الى الكثير من المشكلات وخصوصا الجرائم الامنية وغيرها.

ومن هذا الجانب يختم الجعفر بالقول ان الغالبية من الذين تأثروا بحالة البورصة سلبيا لجأوا الى العقار كأأمن قطاع للاستثمار واقل مخاطر في الفترة المقبلة.

العقار الإداري

يرى الجعفر ان سماح الحكومة بزيادة نسبة البناء على عقار المكاتب مما ادى الى بناء هذه الابراج الشاهقة انها خطوة غير موفقة، ففي شارع فهد السالم مثلا بنيت ابراج ضخمة غير انها تفتقر الى ابسط الخدمات مثل مواقف السيارات!

ويتساءل الجعفر بالقول: اين الزام الجهات المعنية لملاك هذه الابراج بتوفير الخدمات الاولية كمواقف السيارات التي تخلق المزيد من المشكلات داخل "الديره"؟!

وقال ان غياب الخدمات مرده الى وجود سوء تخطيط موجه وممنهج، وسوء استخدام للسلطات، وغياب الهدف الاساس الا وهو المصلحة العامة، متسائلا: اين المصلحة العامة في ظل السماح ببناء عشرة ابراج متجاورة دون وجود موقف سيارات واحد لها؟! وفوق هذا وذاك فإن هذا القطاع يعاني مشكلات ليس لها حل تتمثل في الفائض الكبير من المكاتب المعروضة دون ان يكون عليها طلب، ثم انخفاض القيمة التأجيرية، مستشهدا بالقول "اننا في شركة الضيافة الاهليه العقارية نستأجر المتر المربع في منتصف العاصمة بـ 5 دنانير بدلا من 13 دينارا قبل هذا الفائض من ابراج المكاتب!".

السكن الخاص... مشكلات جمة

ولفت جعفر الى ان اقدام الحكومة على سن القانون 8/9/2008 كان يستهدف كبح جماح الاسعار التي وصلت الى درجات غير منطقية، فيما ثبت ان هذا الاجراء ليس بوارد كبح جماح الاسعار ولم يحقق الهدف منه وليس هذا النوع من القوانين التي من شأنها ان تضع حدا لهذه الارتفاعات غير العقلانية للاسعار بالنسبة للسكن الخاص!

واكد ان الاسعار التي تظهر في هذه الاوقات ليست اسعارا حقيقية بل ناجمة عن عمليات احتكار لكبار الملاك في المناطق الخارجية مثل ابو فطيرة والتي وصلت الزيادات فيها الى درجات اكبر من تلك التي كانت عليها في فترة ما قبل سن القانونين سالفي الذكر.

وقال ان الاسعار قبل سن القانونين الخاصين بالسكن الخاص كانت حول 180 الف دينار كويتي للقسيمة البالغة مساحتها 400 متر مربع فيما وصلت بعد سن القانونين مباشرة مع اقفال باب التمويل امام الشركات التمويلية والبنوك الى نحو 65 الفا، وعادت اليوم لتصل الى نحو 220 الف دينار كويتي مع استمرار القانونين!

واكد ان هذا دلالة واضحة على ان القانونين جاءا بنتيجة عكسية ولم يحققا الهدف المنشود منهما المتمثل بتخفيض الاسعار!

وقال ان ملاك البلوكات الكبيرة يقومون باجراء صفقات وهمية من اجل ضبط ايقاع السوق وفق ما يرونه مناسباً لهم وليس بتأثر بقانون العرض والطلب، مؤكدا ان عمليات المضاربة الوهمية لا تعطي قراءة حقيقية للاسعار فيما السوق راكد في حقيقة الواقع بينما الاسعار في ارتفاع.

واكد ان معظم الناس انساقوا وراء تلك الاسعار التي اصبحت غير حقيقية بل وصلت الى حدود طاولت فيها اسعار العقارات في المناطق القريبة من الداخلية من حيث الخدمات، مؤكدا ان هناك مضاربات وهمية اوصلت الاسعار في تلك المناطق الى ما وصلت اليه وهي غير حقيقية.

زيادة القرض تعني زيادة الأسعار

وحول توجه الحكومة نحو زيادة القرض الاسكاني قال الجعفر ان زيادة القرض تعني بالضرورة زيادة اسعار العقار السكني وبهذا تكون الحكومة خلقت مشكلة جديدة اعقد من المشكلة الاولى.

واضاف ان الحكومة طرحت فكرة المشاركة بين القطاعين العام والخاص لحل المشكلة الاسكانية، ضمن نظام "بي بي بي" الذي يعني المشاركة بين القطاعين العام والخاص، لحل المشكلة الاسكانية وبذلك نكون قد خلقنا فرص استثمار للقطاع الخاص بمشاركة القطاع العام، وبذات الوقت نكون مشينا في اولى الخطوات على طريق حل المشكلة الاسكانية.

واوضح ان هذه الخطوة لو طبقت لحلت المشكلة منذ ذلك التاريخ، بحيث تكون الشركات الخاصة وبالمشاركة مع القطاع العام قد بنت مدنا سكنية نموذجية للمواطنين تكفيهم حاجة القرض السكني وحاجة الزيادة فيه، وحاجة البحث وانتظار الرعاية السكنية حتى تقيم المساكن لهم.

وقال ان دعم المواد الانشائية ما هو الا هدر مبالغ مالية على حساب المال العام تستفيد منه شركات بعينها سواء الحديد او سواها.

الكويت في أزمة قبل الأزمة

على صعيد ذي صلة قال الجعفر ان الكويت تعيش ازمة قبل بدء الازمة الاقتصادية العالمية، مبينا ان هناك الكثير من الاقتصاديين لم ينبهوا اليها من قبل، لان الرائج في الكويت ان الاقتصاد يعني سوق الكويت للاوراق الماليه فقط، والحديث عن الاقتصاد في اي محفل اقتصادي ينحصر في معظمه في الحديث عن سوق الكويت للاوراق المالية.

واشار الى ان الاقتصاد ليس محصورا في سوق الاوراق المالية، بل هناك مشاريع "بي او تي" علينا ان نفعلها بشكل صحيح، ثم المشاريع الصناعية والقطاع الصناعي الذي يجب ان نوليه عناية اكبر اذ يفتقد العناية والاهتمام.

وقال ان الخطة التنموية يجب ان تكون مرتبطة بالشراكات مع القطاع الخاص ومن غير هذه الشراكات الحقيقية فلا خطة تنمية نتكلم عنها!

واضاف ان هناك حاجة الى مثل هذه الشراكات في تطوير القطاع الصحي وتطوير القطاع البيئي وقطاع التعلم والقطاع الصناعي وغيرها من القطاعات.

ولفت الى ان القطاع العقاري وبشكل خاص السكني بحاجة الى وجود هيئة خاصة به تعنى باموره، مشيرا الى ان "الرعاية السكنيه" تحتاج الى اعادة هيكلتها كي تضطلع بدور حل المشكلة الاسكانية برمتها.

واضاف ان القطاع الزراعي يحتاج ايضا الى بنك خاص بالتمويل الزراعي والكويت تفتقر الى هذا النوع من البنوك اضافة الى القطاع الحرفي الذي يعاني ذات المسألة.

السكن منخفض التكاليف ليس علاجاً للمشكلة الإسكانية

لفت الجعفر الى ان الدولة لكي تحل المشكلات الاسكانية عليها ان تبدأ بالحل من المناطق الخارجية ثم تنتقل الى الداخلية وليس العكس، مبينا ان وضع شبكة خدمات متطورة قوية تستمر 50 عاما هو جزء من حل المشكلة الاسكانية كاملة.

ولفت الى ان مدينة الاسكندرية المصرية عندما بنيت منذ زمن بنيت بنظرة استراتيجية مستقبلية بشوارع تشمل خمسة مسارب مرور (حارات) تستطيع استيعاب الكثافة السكانية لمدة خمسين عاما مقبلة وليس كما يحدث في الكويت خطة خمسية او اقل من هذا!

وقال ان شبكة الصرف الصحي في الكويت تقام لخدمة الف بيت فيما هي على الواقع تخدم اكثر من هذا العدد بكثير بعد تحويل اجزاء من السكن الخاص نفسه الى شقق استثمارية يؤجرها المالك بقصد الاستفادة من فائض حاجته من السكن!

واشار الجعفر الى اهمية النظر في مجمع الصوابر قبل التوجه نحو بناء 109 آلاف وحدة سكنية اذ اثبت المجمع فشل الحكومة الذريع في مثل هذه التوجهات.

وقال ان السكن المنخفض التكاليف لن يكون الا على حساب امور اخرى مثل الخدمات او المساحة او البنية التحتية او غيرها من نوافذ تكلفة البناء، مؤكدا ان الدولة بتوجهها نحو بناء المساكن المنخفضة التكاليف يعني ان الدولة تبني مشكلة اكبر من المشكلة التي تتجه لحلها!