ما كنا نصدق عندما كنا نسمع أن إيران الخمينية، دولة الولي الفقيه "تستضيف" إرهابيي "القاعدة" وفلول جماعات أسامة بن لادن، وأنها تقدم لهم الأسلحة والأموال وترسلهم إلى العراق ليقتلوا أبناء الطائفة الشيعية وليمنعوا هذا البلد من أن يلعق جراحه ويستيعد وحدته، ويضع حداً لحالة التشظي والتشرذم التي ازدادت تفاقماً في ظل الهيمة الإيرانية التي ازدادت تمادياً بعد رحيل القوات الأميركية التي من المفترض أنها جاءت إلى هذا البلد كي تخلصه من الاستبداد والبطش وتعيد إليه الاستقرار الذي كان ينعم به قبل ذلك الانقلاب الدموي الذي أطاح النظام الملكي في عام 1958.
لكن وقد بات مؤكداً، وهذا ما قاله السفير الأميركي في صنعاء جيرار فاير ستاين، أن طهران ضالعة في دعم الحراك الجنوبي الانفصالي في اليمن، وأنها تقدم دعماً لرئيس جنوب اليمن السابق علي سالم البيض لضرب الوحدة اليمنية، التي مر عليها ثلاثة وعشرون عاماً، فإن هذا يثبت أن طهران تنتهج سياسة "الغاية تبرر الوسيلة"، وأنها تقدم مصالحها كدولة على تشيعها، وأنها تتعامل مع الشيعة العرب كمجرد امتدادات لها كنظام في الدول العربية، سواء في دول الخليج أو في العراق أو في لبنان أو في كل مكان.المعروف أن أبناء جنوب اليمن يتبعون إسلامياً المذهب الشافعي، وأنهم في أغلبيتهم، إن لم يكن كلهم، من السنّة، حتى علي سالم البيض وكل أركان النظام الماركسي السابق الذي أكل بعضه، وقضى على رموزه في انقلابات عسكرية ومذابح متلاحقة، في حين أن أبناء الشمال باستثناء أهل تعز والحديدة من أتباع المذهب الزيدي، الذي يعتبر أحد فروع التشيع في الإسلام، لذلك فإن تدخل إيران في شؤون هذا البلد، ودفع أبناء الجنوب "الشوافع السنّة" للعودة إلى مرحلة "التشطير" والانفصال يثبت أن هذه الدولة لا يهمها إلا مصالحها الإقليمية وتحقيق تطلعاتها التوسعية الإمبراطورية في هذه المنطقة.إن هدف الدعم الإيراني لفصل جنوب اليمن عن شماله هو الوصول إلى مضيق باب المندب، والسيطرة على البحر الأحمر، والوصول إلى البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس، وبالتالي تطويق المملكة العربية السعودية، واختراق مصر، وتقوية رأس جسرها الذي أقامته في السودان... إن هذه هي الحقيقة، وإلا كيف يمكن تصديق أن دولة الولي الفقيه الخمينية تعمل على دعم مساعي علي سالم البيض الماركسي لاستعادة نظام كان يعتبر نفسه شيوعياً، وكان في الحقيقة يشكل قاعدة سوفياتية في الخاصرة الجنوبية للجزيرة العربية.ويبقى هنا، وهذا الكلام موجه إلى "الرفيق" علي سالم البيض و"الرفاق" في الحزب الاشتراكي اليمني، أنه لا بد من القول إنه إذا كان هناك مبرر للعودة إلى الانفصال والتشطير في عهد علي عبدالله صالح، الذي بقي يتبع سياسة تمييزية وإقصائية ضد الجنوب اليمني وأهل الجنوب اليمني على مدى ثلاثة وعشرين عاماً فإن المفترض أن هذا المبرر قد زال وانتهى نهائياً بعد زوال هذا العهد، بعدما تعززت الوحدة اليمنية بالبدء بمسيرة وحدوية حقيقية لا مكان فيها لا للاستحواذ الطائفي ولا معادلة أن الغلبة يجب أن تكون للشمال على الجنوب، والدليل أنه بات أمراً عادياً طبيعياً أن يكون رئيس الجمهورية وأيضاً رئيس الوزراء من الشطر الجنوبي ومن السنّة على المذهب الشافعي.
أخر كلام
هذا ما تريده إيران
16-01-2013