كل تغيير يشهده النظام العالمي أو الإقليمي لا بد أن يكون وراءه أسباب ودوافع لتغيرات جيوسياسية، والنتيجة في أغلب الأحيان هي تغيير في موازين القوى، ويقول بوتشالا في هذا الشأن، وهو شخصية معروفة لدى أبنائنا من الباحثين المبتدئين، وذلك لسهولة هضم مؤلفاته وكتبه في سياسات الأمم المتحدة والنظرية والسياسة الدولية "إن السياسة الدولية هي في نهاية الأمر سلوك تقوم به الدول لتحقيق أهداف معينة بطبيعة تفاعلية مع الدول الأخرى".
وفي فترة ما بعد الحرب الباردة كثر الحديث عن القطبية: من يقود العالم؟ وما مصير دول العالم الثالث أو حتى العالم العربي؟ وهل تنبئ الفترة القادمة بحال أفضل أم بحال أكثر سوءاً؟يتنبأ البعض بعودة النظام ثنائي القطبية بمواجهة واختلاف واضحين، فيرى بريجنسكي على سبيل المثال، قيام تكتل صيني روسي، أو صيني ياباني، لمواجهة الولايات المتحدة، ويرى باحثون في العلاقات الدولية بروز نظام أكثر تعقيداً، وظهور نمط تنافسي يقترب من نظرية توازن القوى، فتكون الولايات المتحدة والصين واليابان وروسيا والهند والاتحاد الأوروبي مراكز القوى العالمية "المراكز الستة". وبالتالي يفترض أن تصبح القوة موزعة بمساواة وتجانس، وكل لاعب سيصبح أكثر استقلالا وتنافسية، أي لعبة شطرنج ضخمة كما يحلو للبعض تسميتها، ولكن بعلاقات جيواستراتيجية جديدة متطورة، والعالم العربي يتابع اللاعبين الأساسيين في تحالفاتهم وخروجهم من كتلة إلى أخرى.وتبرز بعد كل تغيير جيواستراتيجي علاقة تحوّل أعداء الأمس إلى أصدقاء المستقبل، لذلك فما لنا كعالم عربي إلا متابعة المصافحات والابتسامات عبر القنوات الإخبارية، وأين نحن من الترتيبات التي تتفق عليها الدول الكبرى، وهل نحن طرف في اتخاذ القرار بالقضايا التي تتجاوز قدراتنا على التعامل معها بشكل منفرد؟عالمنا العربي بعد انطلاق الانتفاضات العربية الإفريقية تأثر بالهجرات السكانية والتحولات الاجتماعية بشكل يفوق خيال القارئ, هذه الهجرات القسرية ابتدأت بكارثة اللاجئين على حدود الدول العربية، واستمرت حتى يومنا هذا باللاجئين السوريين وتكتلهم بشكل مؤلم في المناطق الحدودية العراقية والأردنية واللبنانية. أما إعلامنا العربي فما زال مصابا بانفصام الشخصية، وذلك لأنه مستمر رسمياً بالصورة الخيالية التجميلية، وواقعيا منشغل بالثورة الاتصالية والتكنولوجية، والعودة إلى مدارس التحليل السياسي، ويفعل ذلك دائما عندما يحتار في قراءة الطالع السياسي للحاضر والمستقبل.وخلال العصر اليوناني استقطبت الحروب والأزمات هواة العلم والمعرفة والمهارات التحليلية من التخصصات المختلفة لدراسة دوافع قيام الحروب والنزاعات، رغبة في الوصول إلى مقومات السلام والأمن، فهذا أفلاطون في محاورته مع أديمانتوس يقول "إن الغنى والفقر يفسدان الصناع... الغنى يزيدهم خمولا وإهمالا, والفقر يعيق الحصول على الأدوات اللازمة للصناعة".* باقة ورد: نبارك لصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز توليه منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء السعودي، وكما أشرت في مقال سابق، فإن الأمير مقرن معروف بفكره الإصلاحي المرن ودعمه لبرامج تمكين المرأة في المملكة العربية السعودية.
مقالات
نافذة على العالم
06-02-2013