باريس تقترح «البند السابع» لتفكيك «الكيماوي» السوري
دعم صيني وإيراني وترحيب «غربي حذر» بالمقترح... وأوباما يرى إمكانية لتحقيق «اختراق كبير»
لقيت «المبادرة الروسية» لوضع السلاح الكيماوي السوري تحت إشراف دولي والتي وافق عليها نظام الرئيس بشار الأسد فوراً، ترحيباً غربياً حذراً ودعماً مفتوحاً من الصين وإيران. وبينما رأى الرئيس الأميركي باراك أوباما أن الخطوة الروسية قد تشكل اختراقاً للأزمة، تحركت باريس لتضع جدية الطرح الروسي في الاختبار عبر صياغة مشروع قرار لعرضه على مجلس الأمن هو بمثابة آلية تنفيذية لما اقترحته موسكو.
رحبت الدول الغربية بحذر بالمبادرة الروسية التي وافقت عليها دمشق لوضع السلاح الكيماوي السوري تحت إشراف دولي، في حين لقي الاقتراح ترحيباً من الصين وإيران. وتحركت باريس أمس لتضع جدية الطرح الروسي في الاختبار عبر صياغة مشروع قرار لعرضه على مجلس الأمن هو بمثابة آلية تنفيذية لما اقترحته موسكو. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في مؤتمر صحافي في باريس أمس: «فرنسا ستعرض اليوم على شركائها في مجلس الأمن الدولي مشروع قرار دولي تحت الفصل السابع»، مشيراً الى أن «القرار سيهدد بعواقب وخيمة جدا إذا انتهكت سورية حظر الأسلحة الكيماوية». وأوضح فابيوس أن «الهدف من القرار هو مطالبة النظام السوري بأن يقوم بدون أي تأخير بتوضيح برنامجه للأسلحة الكيماوية، وأن يضعها تحت رقابة دولية وأن يتم تفكيكها»، مؤكداً أن مشروع القرار يهدف أيضاً الى «وضع آلية كاملة للتفتيش ومراقبة التزاماته تحت إشراف منظمة حظر الأسلحة الكيماوية». ورأى الوزير الفرنسي أنه «عبر قبول هذه الشروط المحددة سنحكم على مصداقية النوايا التي تم التعبير عنها»، مشيراً في الوقت نفسه الى أن جميع الخيارات مازالت مطروحة على الطاولة في إشارة الى الضربة العسكرية المحتملة. موسكو في السياق، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن سورية ابلغت روسيا أمس موافقتها رسمياً على المبادرة، وأن بلاده تعمل مع النظام السوري على بلورة «خطة ملموسة» لتنفيذ المبادرة، مضيفاً: «نعتزم عرض هذه الخطة في أقرب وقت ممكن، وسنكون على استعداد للعمل عليها مع الأمين العام للامم المتحدة وأعضاء مجلس الامن الدولي ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية». ولفت لافروف الى أن هذه المبادرة «ليست روسية بالكامل» موضحاً أنها «انبثقت عن الاتصالات التي اجريناها مع زملائنا الاميركيين وتصريحات جون كيري». وأكد الكرملين أمس أن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما بحثا على هامش قمة «مجموعة العشرين» في بطرسبورغ المبادرة الروسية المتعلقة بوضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت الرقابة الدولية، وذلك في نفي للرواية الأميركية التي قالت إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري منح الأسد مهلة اسبوع لتسليم السلاح الكيماوي بطريقة استطرادية وبلاغية. الصين وإيران وأعلنت الصين ترحيبها بالمقترح الروسي و»دعمها» له. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي أمس: «طالما أن هذا العرض يقود الى تخفيف التوتر في سورية وأنه يذهب في اتجاه تسوية سياسية للازمة السورية مع الحفاظ على السلام والاستقرار في سورية والمنطقة، فعلى الاسرة الدولية ان تدرسه بشكل ايجابي». وفي طهران، اعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية افخم أمس أن بلادها «ترحب بالمبادرة الروسية الرامية الى منع اي عمل عسكري» ضد سورية، وأضافت: «نريد أن تكون منطقتنا خالية من كل أسلحة الدمار الشامل... ويجب أن تستهدف هذه الجهود أيضاً الأسلحة الكيماوية التي بحوزة المجموعات السورية المتمردة». أوباما وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما اعتبر في مقابلة تلفزيونية مساء أمس الأول أن الاقتراح الروسي قد يشكل «اختراقا كبيرا» في الأزمة السورية. وقال اوباما لشبكة «ان بي سي» التلفزيونية الأميركية: «أعتقد أن ما نراه هو أن تهديداً ذا مصداقية من الولايات المتحدة بشن ضربة عسكرية، بدعم محتمل من عدد من دول العالم الاخرى، جعلهم يتوقفون قليلاً للتفكير ويدرسون ما اذا كان يتحتم عليهم الاقدام على هذه الخطوة»، وتابع: «اذا ما فعلوا ذلك، فقد يشكل الامر اختراقا هاما. لكن علينا التشكيك لأن هذا ليس الاسلوب الذي رأيناهم يتصرفون بموجبه خلال السنتين الماضيتين». وشكك أوباما في الحصول على تفويض من الكونغرس لشن ضربة عسكرية على سورية، وذلك في حين أعلن مجلس الشيوخ الأميركي الذي يملك الديمقراطيون فيه أغلبية إرجاء التصويت على التفويض حتى إشعار آخر. المعارضة السورية وبعد التردد والارتباك الذي اصابها أمس الأول، عادت المعارضة السورية لتؤكد أمس رفضها للمبادرة الروسية، معتبرة انها «مناورة سياسية». وأعلن الائتلاف الوطني السوري في بيان ان «دعوة لافروف الاخيرة... تعتبر مناورة سياسية تصب في باب المماطلة غير المجدية والتي ستسبب مزيدا من الموت والدمار للشعب السوري». وأكد الائتلاف الوطني السوري أن «مخالفة القانون الدولي تستوجب رداً دولياً حقيقياً ومتناسباً مع حجمها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسقط جرائم الحرب بالتقادم عن مرتكبيها، فالجرائم الجنائية ضد الإنسانية لا تسقط بتقديم تنازلات سياسية، أو بتسليم الأداة التي ارتكبت بها هذه الجرائم»، وأضاف أن «الضمان الوحيد لمفاوضات مجدية يمرّ بتوفير جو جدي لهذه المفاوضات، من خلال وقف آلة القتل التي يستخدمها النظام المستنفد لجميع المهل، والمنتهج لكل أنواع القتل منذ سنتين ونصف، بدءاً من الذبح بالسكاكين مروراً بالحرق على قيد الحياة وصولاً إلى استخدام الأسلحة الكيماوية». العربي و«الأوروبي» وأعلن أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي تأييده للمبادرة الروسية، معرباً عن أمله «امكانية الخروج بنتائج ايجابية لحل الأزمة السورية من خلال مباحثات بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا تفضي الى حل سياسي». من ناحيته، قال مايكل مان المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون «ندرس الاقتراح الروسي باهتمام. ونرحب بكل اقتراح يمكن ان يقلص العنف في سورية»، مضيفاً: «نحن على استعداد للمساعدة في عملية السلام (...) لكن يتعين علينا أولا أن نطلع على تفاصيل الاقتراح، ان كان جديا ويمكن تطبيقه». (باريس، موسكو، واشنطن - أ ف ب، رويترز، د ب أ، يو بي آي)