إذ ما أخذ في الحسبان أن "رابطة الأدباء الكويتيين" تأسست عام 1964، وأنها لعبت دوراً ريادياً وتنويرياً حيوياً وهاماً ومؤثراً في مسيرة الثقافة في الكويت، وانعكس ذلك بوضوح على الحياة الاجتماعية في الكويت، فإنه والحال هذه لابدَّ من وقفة صادقة مع النفس للحديث عن الرابطة وهي تُقْدِم مساء غد الأربعاء الموافق 24 أبريل على انتخاب مجلس إدارة جديد يقود أنشطتها وحضورها داخل وخارج الكويت للسنتين القادمتين.

Ad

إن معايشتنا لعالم جديد بعلاقاته ونبض لحظته وسرعة تغيّره يحتم علينا القول بأن رابطة الأدباء الكويتيين  تعيش خارج سياق اللحظة الراهنة، وأنها تنتمي إلى عقد الستينات والسبعينات، ولبيان ذلك نقف على النقاط التالية:

أولاً: مبنى رابطة الأدباء المتداعي يدعو للخجل، ولقد بات من الضروري هدمه والبدء في بناء مقر جديد للرابطة، يتولى مكتب معماري تصميمه، بما يتسق ويرتبط معمارياً وإنشائياً بمعنى الإبداع والأدب والثقافة، ويستلهم التراث الكويتي، ويليق بسمعة الكويت وريادتها الثقافية في منطقة الخليج والعالم العربي، ويقدم وجهاً مشرقاً للأدب والأدباء الكويتيين لأي ضيف أو زائر يأتي قاصداً الرابطة من داخل أو خارج الكويت.

ثانياً: مجلة "البيان" الناطقة باسم الرابطة، بحاجة لنسف كامل سياقها الحالي، والنظر بجدية لإصدار مجلة ثقافية جديدة تحاكي نبض العصر، فما زالت البيان تحتفظ بإخراجها وورقها وحرفها وتقسيم مواضيعها، الذي بدأت فيه في منتصف الستينات، علماً بأن توزيعها داخل الكويت يكاد يكون منعدماً، وأن استبياناً بين شرائح المجتمع الكويتي المهتم بالثقافة وغير المهتم سيظهر دون أدنى شك أن لا أحد يعرفها أو يتابعها، إلا الدائرة الضيقة داخل رابطة الأدباء، أو من يأتي لزيارة الرابطة ويرى المجلة أمامه.

ثالثاً: نشاط الرابطة الأسبوعي، فما زالت الرابطة مصرة على نشاطها الأسبوعي المعروف بأمسية الأربعاء، علماً بأن هذا النشاط كان لافتاً ومقصداً للكثيرين من الأدباء والمثقفين في الستينات والسبعينات وحتى بداية الثمانينات، لأنه كان ناطقاً ومتفاعلاً مع قضايا ذاك الزمن، ولأن الأنشطة الثقافية والفنية كانت محدودة في حينه، أما والحال اليوم بتجدد وانفتاح نبض المجتمع الكويتي، ووجود كل المغريات الاستهلاكية الطاردة عن الثقافة، فمن المؤكد أن أعضاء مجلس الإدارة واللجنة الثقافية تحديداً، بحاجة لإعادة النظر في كيفية تقديم نشاط جاذب شكلاً ومضموناً، نشاط يقدم الثقافة والإبداع بحلة جديدة، حلة لامعة وناطقة بروح العصر وألوانه، حلة تخوض في الأدبي المبدع من زاوية اجتماعية، وتقدم الثقافة لا بوصفها حكراً على المثقفين والمهتمين بل بوصفها زاداً يخصّ المجتمع بمختلف شرائحه وتباين اهتماماته.

رابعاً: ضرورة إعادة النظر في علاقة الرابطة بالأدباء، سواء المخضرمين أو الشباب. فليس أقل من محاولة الاستفادة القصوى من خبرة الأدباء المخضرمين، ووصلهم بالأدباء الشباب، وليس أقل من الوقوف الجاد لاستقطاب شرائح جديدة من الشباب المتحمس للكتابة والأدب والثقافة، وإذا كان "منتدى المبدعين الجدد" يشكل علامة طيبة في مسيرة الرابطة وعلاقتها بالشباب، فإن أعمال وجلسات المنتدى باتت بحاجة لدراسة وافية للوقوف عندها والتعامل معها بعلمية وموضوعية واستقطاب أساتذة متخصصين من داخل وخارج الكويت لتقديم دورات علمية حول أجناس الإبداع، وإتاحة الفرصة للشباب الكويتي للانكشاف على تجارب إبداعية حقيقية متجددة، وبما يمهد الطريق أمامه لصقل مواهبه وتقديم أفضل ما عنده.

إن انتخابات الرابطة يوم غد، تضع على الأدباء الكويتيين مسؤولية كبيرة في انتخاب مجلس إدارة جديد، يؤمن بحرية الكلمة، ويعيش نبض العصر الذي نحيا، ويكون قادراً على تطوير نهج ومسيرة وأنشطة الرابطة، وإلا فمزيد من التخلف بانتظار المؤسسة الأهلية الأولى المسؤولة عن الثقافة في الكويت.