زيادة إنتاج النفط الأميركي تسهم في استقرار الأسواق... و«الخليج» صمام أمان عالمي

نشر في 16-01-2013 | 00:01
آخر تحديث 16-01-2013 | 00:01
خبراء نفط لـ الجريدة: لا يمكن الجزم بتراجع الأهمية الاستراتيجية لنفط المنطقة

أكد خبراء نفطيون لـ"الجريدة" أن مستقبل التأثير الجيوستراتيجي لمنطقة الشرق الأوسط محل خلاف، خاصة بعد الإعلان عن اكتشافات جديدة للنفط والغاز في الولايات المتحدة الأميركية، مضيفين أنه لا يمكن الجزم بتراجع الأهمية الاستراتيجية لنفط المنطقة، إذ تختلف السيناريوهات التي تستشرف مستقبل السياسات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، واهتمامها بتأمين إمداداتها من النفط.
قال الخبير النفطي محمد الشطي ان منطقة الخليج العربي تبقى محور اهتمام العالم والسوق بما تمتلكه من احتياطيات ضخمة من النفط والغاز، وبما تنتجه وتسهم فيه في دعم الطاقة والاقتصاد في العالم، وبما تقوم بإيصاله لأسواق النفط المختلفة عبر الخليج العربي، بدليل أن أي تهديد بقطع الامدادات من الخليج العربي يسبب قلقا في الاسواق ويدفع بمستويات الاسعار عاليا.

وذكر الشطي ان هذه المنطقة تبقى مهمة سواء في السوق او في العالم، وتبقى صمام امان للأسواق المختلفة فيما يتعلق بوجود الامدادات النفطية، ولكن تطوير الانتاج في اميركا وزيادته يسهم في استقرار الاسواق.

واكد ان من الصعب جداً توقع أن تكتفي الولايات المتحدة الاميركية ذاتياً من النفط الخام دون الاعتماد على الواردات من الخارج في ضوء الطلب الأميركي على النفط الذي مازال يشكل مستوى كبيرا، ثم مقدار واردات الولايات المتحدة الاميركية من النفط الخام والتي تقف في عام ٢٠١٢ عند ٨ ملايين برميل يوميا تقريباً ومن الصعب تصور تغطية كافة الواردات من النفط الخام بإنتاج النفط محلياً من الصخر الزيتي رغم آفاقه الواسعة والتي ستؤثر بلا شك على تجارة النفط الخام في العالم.

واشار الى ان ما يمكن قبوله هو خفض في واردات الولايات المتحدة الاميركية بصورة تدريجية تتماشى مع حجم تطوير إنتاج النفط الخام من الصخر الزيتي.

تأثيرات في السوق

واوضح ان هذه التطورات سيكون لها تأثيرات على السوق النفطي من عدة اوجه اولا: زيادة تصريف النفط الخام الى الاسواق الاسيوية والواعدة وهو ما يعني ارتفاع وتيرة المنافسة. اما الامر الاخر فهو ضغوط متزايدة على مستويات الاسعار، وثالثا: هبوط في العلاوة التي تقدمها الاسواق الآسيوية للبلدان المنتجة للنفط والتي كانت تجعل هذا السوق الواعد مهما للبلدان المنتجة لأنها تضمن عائدا اكبر.

وذكر ان الامر الرابع يكمن في هذه الاجواء التي تفرض ان يكون الوضع التنافسي افضل للشركات والبلدان المنتجة التي ضمنت قدما في الاسواق الواعدة عن طريق استثمارات فعلية في هذه الاسواق خصوصا في قطاع التكرير، اما الخامس فهو استمرار التقدم التكنولوجي الذي يعني تعدي تطوير الصخر الزيتي الى خارج الولايات المتحدة الاميركية، في حين ان السادس يتعلق بتوسع استخدام الغاز الطبيعي الذي قد يتعدى في نهاية الامر قطاع الكهرباء الى قطاع النقل وهو ما يهدد حصة مساهمة النفط في خليط الطاقة على المدى البعيد مبينا ان البلدان المنتجة للنفط تتابع التطورات في السوق النفطي لتضمن الاستفادة منها بطريقه تحافظ على اعلى الايرادات النفطية.

وحول مصير اسعار النفط في المستقبل، قال الشطي ان اسعار النفط الخام يحددها توازن الطلب والعرض في السوق، وزيادة المعروض ستشكل ضغوطا متنامية في السوق على الاسعار ولعل الخطورة في ذلك من ناحيتين، اولاهما تأثير ذلك على وتيره الاستثمارات وتطوير الصخر الزيتي في الولايات المتحدة والعالم علاوة على النفوط الترابية والثقيلة وهذا يعتمد الى اي مستوى للأسعار يمكن ان تصل اليه والذي تتأثر معه الاستثمارات، اما الناحية الاخرى فهي تأثر ميزانيات البلدان المنتجة للنفط والتي تعتمد بشكل كبير على النفط وتحتاج الى مستويات اسعار عالية نسبيا للإيفاء بالالتزامات داخل تلك الموازنات.

واشار الى ان المهم في كل هذا الاعتراف بان نجاحات ارتفاع انتاج النفط من تطوير الصخر الزيتي هو حدث في غاية الاهمية وسيظل يؤثر في الاسواق سنوات قادمة ويؤثر في تجارة الاسواق.

شعارات سياسية

من جهته، وصف خبير استراتيجيات واقتصادات النفط المهندس الشيخ فهد الداود الصباح التقارير التي تشير الى أن أميركا ستستغني عن نفط الخليج والدول العربية مستقبلا وتستقل بذاتها، بأنها شعارات سياسية فقط لإرضاء بعض الناس في الولايات المتحدة، لكنه كلام بعيد عن الواقع، مدللا على ذلك بأن أميركا تستورد يوميا ما بين 8 و9 ملايين برميل يوميا من النفط، وهي كمية ضخمة.

وأكد الداود أن النفط الذي ينتج في الولايات المتحدة هو نفط عالي الجودة من أنواع النفط الخفيف، وقدرة المصافي في أميركا لا تتناسب ونوعية هذا المنتج، ولذلك ستصدر الولايات المتحدة النفط الخام الخفيف وتظل تستورد النفط الثقيل ومن هنا ستبقى تعتمد على نفط الخليج والوطن العربي.

واضاف: "لو نظرنا الى واردات أميركا خلال الفترة الماضية، نجدها انخفضت في الجزائر ونيجيريا وزادت في السعودية، ولذلك فان افريقيا هي المتضررة، وليس دول الخليج"، مبينا انه ليس من مصلحة أميركا وقف وارداتها من الشرق الأوسط والاعتماد على دول مثل فنزويلا ونيجيريا وكلاهما لديه مشاكل سياسية ضخمة جدا ومن هنا ظل تنويع الواردات من أعمدة سياساتها، ومؤكدا أن واردات الشرق الأوسط ستبقى مهمة جدا بالنسبة لواشنطن.

وحول من يطالب الكويت بتغيير سياستها النفطية والاستعداد لتخلي اميركا عن نفط الكويت، قال الداود ان هناك اعتقادا بان معظم صادرات الكويت النفطية يتجه الى اميركا وهذا غير صحيح حيث ان الكويت تصدر ما يقارب 400 الف برميل يوميا لاميركا من اجمالي واردات النفط الخام لديها، مضيفا ان اغلب نفوط الكويت تتجه الى آسيا وما تبقى يتجه الى اوروبا واميركا.

واوضح الداود ان مستقبل التأثير الجيوستراتيجي لمنطقة الشرق الأوسط هو محل خلاف، ولا يمكن الجزم بتراجع الأهمية الاستراتيجية لنفط المنطقة؛ حيث تختلف السيناريوهات التي تستشرف مستقبل السياسات الأميركية بمنطقة الشرق الأوسط، واهتمامها بتأمين إمداداتها من النفط.

انخفاض أسعار النفط

وبدوره، اكد الكاتب والمحلل النفطي المستقل كامل الحرمي أن أسعار النفط في الأسواق الأميركية ستنخفض وستقل عن بقية أسعار نفوط العالم بداية من العام الحالي، وهذا يمثل واقعا مرا جديدا مع رفض الكونغرس والحكومة الأميركية تصدير أي انتاج محلي الى الخارج، الا أن من المحتمل أن يتم تصدير الغاز الصخري الى الخارج خلال السنوات الأربع القادمة، اذا ما تمكنت من تثبيت استمرار انتاج واستخراج الغاز الصخري بنفس المعدلات الحالية أو أكثر. وتتوقع الأوساط النفطية الأميركية أن تنخفض أسعار النفط الى ما دون 100 دولار عالميا، ومن المتوقع أن يصل معدل سعر النفط الأميركي محليا الى ما دون 90 دولارا.

واشار الى ان هذا سينعكس لاحقا على أسعار النفوط العالمية، وستستغل الحكومة الأميركية ضعف أسعار الطاقة لصالح مصانعها وزيادة انتاجيتها وزيادة منافستها الخارجية في قطاعات النفط والبتروكيماويات والحديد والصلب وصناعاتها الأخرى، مبينا ان ضعف أسعار النفط والغاز لن يصب في صالح المستهلك العادي بزيادة الدعم، لكن من المؤكد أنه سيصب في صالح الصناعات الأميركية المختلفة بزيادة الانتاجية والمنافسة العالمية وزيادة فرص العمل وخلق الوظائف الجديدة.

back to top