«ولا يوم من أيامك يا مبارك»

نشر في 08-02-2013
آخر تحديث 08-02-2013 | 00:01
ما زاد في شحنة الغضب وجرعة العنف ودرجة التوتر أن المواطن البسيط– سواء كان مشاركا في الثورة أم لا- كان طوال أكثر من ثلاثة عقود مضغوطا تحت حجم هائل من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ووجد في الثورة ملاذه الأمين والآمن لذلك انتظر فرجها سريعا.
 د. محمد لطفـي  عذراً لصدمة العنوان، وقبل أن يطول العجب بقارئي العزيز أذكره أن هذا بالتأكيد ليس رأيي ولن يكون في يوم من الأيام، ولكنه أمانٍ في نفوس بعض الكتّاب والسياسيين الخليجيين عامة والكويتيين خاصة الذين يتمنون أن يصل المواطن المصري إلى هذه القناعة، لذلك أقول لهم بكل طمأنينة وراحة اهدؤوا، وبالمصري "خفّوا"، وبالكويتي "اركدوا"، فما تحلمون به لن يحدث أبدا ولن يتمنى المصري ذلك يوما.

الثورة المصرية تواجه الكثير من الصعاب والعقبات، وهذا واقع لا ينكره أحد، وما لا يعرفه الكثيرون أو يعرفونه ويتجاهلونه هو أن كل الثورات تواجه مثل هذه المآزق سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، ولا ننسى حجم ما واجهته ثورة يوليو من مشاكل داخلية عندما أصدرت قوانين التأميم والتحول الاشتراكي، فغضب "باشاوات" ذلك الزمان وحاربوا الثورة، وكذلك واجهت ثورة يوليو حروباً وتحالفات خارجية ضد نظام عبدالناصر.

 فالعقبات التي تواجه الثورات أمر طبيعي كما أن الثورة– أي ثورة- تمر بمنحنيات ومنعطفات ترتفع أحيانا وتنخفض أحيانا، ويختلف شركاء الثورة ويتخاصم فرقاؤها؛ كل ذلك ليس بعجيب ولا غريب، ونتذكر جميعاً خلافات مجلس قيادة الثورة فيما بينهم، وتأثير ذلك في قرارات المجلس، ومن ثم في مسار الثورة ذاتها.

لكن الجديد فيما تمر به مصر الآن أن القائمين بالثورة أو عليها أقل خبرة وذكاء سياسيا من غيرهم، فوقعوا في الكثير من المشاكل والأزمات، وكلما أرادوا الخروج من أزمة أشعلوا أخرى، وكما يقول المثل الشعبي "كلما أرادوا الخروج من حفرة وقعوا في مطب".

كما أن من شعر أنه خرج من الثورة خالي الوفاض، وقد كان مشاركا فيها، أصابته لعنة الحقد والحسد، فأخذ يضرم النار يمينا ويسارا، آملا في إقصاء من تولوا الحكم وقيادة الثورة.

كل ذلك كان يمكن أيضا تجاوزه والتعامل معه بدون هذا الغضب والتدمير الشديدين، وكان يمكن أن يمر بهدوء أكبر، ولكن ما زاد في شحنة الغضب وجرعة العنف ودرجة التوتر أن المواطن البسيط– سواء كان مشاركا في الثورة أم لا- كان طوال أكثر من ثلاثة عقود مضغوطا تحت حجم هائل من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ووجد في الثورة ملاذه الأمين والآمن؛ لذلك انتظر فرجها سريعا، وتمنى جني ثمارها في أسرع وقت، ولم يدر بخلده، ولم يعبأ بكل ما يمكن أن تواجهه الثورة من تحديات ومعوقات وصعاب وأزمات، ولسان حاله يقول كفى... كفى ما عانيته واحتملته، وآن الأوان أن أستريح وأنعم بخيرات بلدي التي سرقها الآخرون طوال 30 عاما... آن الأوان أن أحقق أحلامي وآمالي فلم يعد لدي متسع من الوقت، ولا الجهد لمزيد من المعاناة.

كل ذلك زاد من حجم المصاعب والضغوط التي تواجهها الثورة، ورغم ذلك فهذا المواطن المصري البسيط لن يقولها أبدا، ولن يتمنى ساعة واحدة من أيام مبارك، ولمن مازال يحلم بذلك أقول لهم عذرا "موتوا بغيظكم"، فسيظل المصري مثالا للوطنية والإيمان ببلده وثورته وهو من قال:  

بلادي وإن جارت عليّ عزيزة

وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام

back to top