تعرّف إلى المتلاعبين والنرجسيّين

نشر في 23-02-2013 | 00:01
آخر تحديث 23-02-2013 | 00:01
No Image Caption
أن تثق بالآخرين ميزة لا ينبغي أن تخلو من الحذر، ومن السهل أن تترك نفسك ليتلاعب بك الآخرون من دون أن ينتابك شكّ أو ريبة. لا يتعلّق الأمر هنا بالسذاجة أو الذكاء، إنما بقلة الخبرة أو المعرفة بهذه النوعية من الشخصيات المنحرفة النرجسية. في ما يلي أفكار تساعدك على حماية نفسك.
 المحلل النفسي بول كلود راكاميه أول من تكلّم عن الانحراف النرجسي منذ 30 عامًا. يسعى النرجسي عادةً إلى زعزعة الآخر فيتخذ لنفسه مكانة الشريك أو الأهل أو الرئيس الأعلى وغالبًا ما تجمعه بالضحية علاقة وطيدة تتيح له فرصة التلاعب بها متى يشاء. وقد تصل به الأمور إلى حدّ زعزعة استقرار شخصٍ معين أو القضاء على مهنةٍ إنسان ما.

في معظم الأحيان، يعمل المنحرف نرجسيًا على نمط الإغواء، ولا يرى في العلاقة إلا رابط قوة يرمي من خلاله إلى السيطرة على الآخر مستعملا الضحية كأداة.

يُظهِر مفهوم الانحراف النرجسي قبل كلّ شيء مبدأ «الانحراف»، إنما لا ينبغي الخلط بينه وبين النرجسية العادية التي يميل المصاب بها إلى التلاعب بالآخرين أيضًا وإلى التفكير بمصالحه الشخصية. يختلف الانحراف النرجسي عن النرجسية العادية من ناحية الألم الذي يرافق النرجسية العادية الناتجة من أسباب متنوعة غالبًا ما تعود أسسها إلى الطفولة، فيما لا يشعر به المنحرف نرجسيًا حين يفرض سيطرته كونه لا يتميز بشخصية حساسة، بمعنى أنه لا يرضى إلا حين يدمّر الآخر، فتراه يتصرف كمفترس إلى حدٍّ  يشبه السادية أحيانًا.

لفهم هذا النوع من التصرفات، لا بدّ من إدراك أن المتلاعب النموذجي يكوّن صورة سيئة عن نفسه. ليضمن وجوده، يحاول استصغار من يرافقه والتقليل من أهميته ليبقى هو الأعلى والأهم إذا أمكن. على الصعيد النفسي، يشعر بالسوء إلا أنه لا يعرف أين يصنف نفسه أو كيف يضع خطة بناءة للخروج من قلقه.

خصائص

لا تُعتبر هذه النوعية من الشخصيات نادرة، فهي تتميز بذكاءٍ وبعض الجاذبية التي ترمي إلى التحكّم بالآخرين وتنفيذ مآربها الشخصية ليس من خلال أساليب عنيفة كالخطف الذي شاعت أخباره في السنوات الأخيرة في وسائل الإعلام، بل من خلال استخدام تقنيات تؤثر على ضحيتها وتزعزع استقرارها.

- تأثير مُركز

يحرص المنحرف نرجسيًا على اكتشاف نقاط ضعف الآخر بشكلٍ سريع، بعد ذلك يزرع الشعور بالذنب في نفس الآخر بهدف بناء حالة من الاتكالية العاطفية. وغالبًا ما يكون هذا الشخص ضليعًا في تناوب الشخصيات بين الساخنة والباردة والأوامر المتناقضة، فيبدو متهكمًا ولطيفًا في آن ويوقع الآخر في حيرة من أمره فلا يعرف كيف يفكر، ويؤاخذ نفسه حين تراوده أفكار خاطئة ما يعزز شعوره بالذنب. نتيجة ذلك: دائرةٌ مغلقة بإحكام!

- تبادل الأدوار

عندما يعيش زوجان هذا النوع من العلاقة، يُلاحظ أن حالة من الضغط شبه الدائم تسيطر على المرأة من دون أن تتمكن من لوم شريكها، فتنتابها نوبات اكتئاب لأنها تعلم في داخلها أنها ضحية وتدرك أن علاقتها بهذا الشخص هي السبب إلا أنها لا ترغب فعلاً في اتهام شريكها. تبعًا لذلك، تخجل حين تشعر بهذا الانزعاج حتى تكاد تظن أنها سبب ما يحصل معها. هنا لا بدّ من الإشارة إلى إحدى ميزات المنحرف نرجسيًا، وهي قدرته على قلب الأدوار فيرمي الخطأ على الآخر.

- إخفاء اللعبة

إحدى خصائص المنحرف نرجسيًا معاملته لشريكته على أنها شيء وليست إنسانًا ما يزعزع ثقتها بنفسها. أما بين الناس فيختلف الأمر، إذ يعاملها معاملة رائعة ويقدّرها ويبتعد قدر المستطاع عن الفضائح. كذلك يتأقلم المنحرف نرجسيًا بشكلٍ رائع مع محيطه ويُظهِر شخصية مختلفة وفقًا للظروف المحيطة، تتناقض مع تلك التي تظهر حين ينفرد بضحيته. كذلك لا يتحمل النقد ويبدو في علاقته العاطفية غيّورًا وخائنًا في الوقت عينه.

 

ضحية بريئة

غالبًا ما تكون ضحية المنحرف نرجسيًا شخصية كريمة واجتماعية ومحبة للآخرين وقليلة التهكم، نادرًا ما تكون هذه الصفات مزعجة إلا إذا كنا أمام شاب يفتقر إلى النضج. قد يحصل أحيانًا أن تفتقر الضحية إلى الثقة بالذات فتصدّق ما يقول المنحرف نرجسيًا حين يحاول التقليل من شأنها.  

قد نقع جميعنا تقريبًا ضحية لشخصٍ منحرف نرجسيًا، لا سيما في إطار العلاقات العاطفية التي تؤمن ظرفًا مثاليًا لهذه النوعية من الشخصيات.

صعوبة الابتعاد

عن المتلاعب

يصعب الابتعاد عن المتلاعب لأنه يرغب في الحفاظ على سيطرته ويتربص بمحاولات إعادة تقييم سلطته. على غرار المنحرفين جميعهم، حين ينجح في السيطرة على ضحيته تراه لا يخشى إطلاقًا أن تهرب منه ويبدأ فورًا بالتحرك إن لاحظ بعض علامات الاستقلال.

ولا يعتمد المنحرف نرجسيًا العنف طريقةً لاستعادة سيطرته على ضحيةٍ على وشك الفرار، بل يلعب على حساسيتها فيبرهن لها عن حبه وقد يبكي ويقلب الأدوار ليبدو الضحية التي تعاني بسبب رغبة شريكته بالتخلي عنه وتركه من دون عزاء للانتحار ينهش حياته.

لا عجب أن يجد المنحرف نرجسيًا وسائل فاعلة تسمح له بفرض سطوته على ضحيته التي تقتنع في نهاية المطاف بأنها أساءت تقدير الظروف وبهذا تقع في الفخّ.

للابتعاد عن المنحرف النرجسي، لا بدّ من إصرار كبير وقدرة هائلة على المقاومة. في البداية، يجب تجنّب النقاشات والاحتكاك الجسدي وينبغي اللجوء إلى شخصٍ مطلع على مجريات العلاقة يمكن الاعتماد عليه. وإذا كان الانفصال عن هذا الشخص هو فعلاً الغاية المنشودة، من الضروري نسيان المشاعر والأحاسيس لضمان النجاة.

تتجلى التقنية رقم واحد التي يستعملها الشخص المتلاعب والمنحرف نرجسيًا في الأوامر المتناقضة. زرع الشعور بالذنب في نفس الآخر، تشجيع الآخر على الاعتماد عليه، التقليل من قيمته والعزلة، هي المصطلحات الأساسية التي يستخدمها النرجسي الذي يعرف كيف يتقدّم متخفيًا.

back to top