الإصلاحات السياسية
![د. أسيل العوضي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1646677413853007800/1646677426000/1280x960.jpg)
يقوم نظامنا السياسي على تركيبة فريدة من نوعها، وقد تكون تلك التركيبة هي العائق الأساسي أمام تقدم النظام. فالمفترض أن يتكون النظام من ثلاث سلطات مستقلة هي التنفيذية والتشريعية والقضائية، واستقلالية السلطات الثلاث ضرورية لضمان التوازن في توزيع القوى بين الشعب والأسرة الحاكمة، وهما طرفا العقد الاجتماعي الذي أفرز نظامنا السياسي. إلا أن واقع الحال غير ذلك فلا الاستقلالية متحققة ولا التوازن في القوى. فالسلطة القضائية تابعة إدارياً ومالياً للسلطة التنفيذية، والسلطة التنفيذية أصبحت إحدى الأدوات السياسية للأسرة الحاكمة، والسلطة التشريعية يخضع العديد من أفرادها لسطوة المتنفذين في السلطة التنفيذية أو أسرة الحكم، من خلال تدخلهم في الانتخابات وفي تركيبة المجالس النيابية. هذا النظام (أو بالأحرى تطبيقه على أرض الواقع) بما يحمله من تداخل في الاختصاصات وخلل واضح في توازن القوى حوّل مشروع بناء الدولة وتطورها إلى مشروع للحكم وللصراع حوله. ندرك أن الإصلاحات السياسية ضرورية عندما يصل النظام السياسي إلى مرحلة يعيد فيها إنتاج مشاكله دون أدنى محاولة لحلها، وتصبح المشاكل السياسية عائقاً للتنمية ولتلبية حاجات المواطنين الأساسية. عندما يدور النظام في حلقة مفرغة، نصل إلى مرحلة تتطلب التغيير لضمان سير العجلة إلى الأمام بدل دورانها حول نفسها. وتبقى المشكلة الأهم هي الاتفاق على آليات التطوير والإصلاحات السياسية المطلوبة التي لابد أن تأتي نتيجة لتشخيص سليم وعقلاني للواقع السياسي، ونتيجة للتوافق بين جميع الأطراف كي تحقق هدفها في إعادة التوازن. لكن الإصلاحات السياسية لن تكون مجدية إذا صاحبها تطور النهج، وفي المنظومة الاجتماعية، وفي عقلية الفرد كونه المكون الأساسي للمجتمع، وسوف أتناول هذا الموضوع في مقالات لاحقة.