أوباما يرجئ «الضربة» ويعطي الأولوية للمبادرة الروسية
● هولاند يرمي بثقله في مجلس الأمن ● المعارضة السورية تعلن تلقيها أسلحة أميركية فتاكة
بعد أيام من التوتر الذي أصاب منطقة الشرق الأوسط انفرج المشهد الدولي عن إرجاء الضربة العسكرية الأميركية على سورية إلى أجل غير محدد، وذلك لمنح فرصة للمبادرة الروسية الدبلوماسية التي تهدف إلى وضع السلاح الكيماوي السوري تحت الرقابة الدولية ثم تفكيكه وإتلافه، لمنع استخدامه مجدداً.
أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطاب متلفز وجهه الى الشعب الأميركي مساء أمس الأول أن الوقت ما زال مبكراً لمعرفة ما اذا كانت المبادرة الروسية لوضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت إشراف دولي يمكن ان تجنب هذا البلد ضربة عسكرية أميركية، لكنه تعهد بإعطاء الدبلوماسية الأولوية مع الابقاء على الضغط العسكري. وركز أوباما على إقناع الأميركيين المترددين جداً حيال توجيه ضربة عسكرية لسورية بأنه لا يمكنهم الاكتفاء بتحويل انظارهم، في حين يُقتل مدنيون واطفال ابرياء بالغازات السامة في هجوم ألقى مسؤوليته على نظام الرئيس السوري بشار الاسد، سواء لأسباب تتعلق بالامن القومي أو بالمبادئ الاخلاقية. وتعهد أوباما بإبقاء القوات الاميركية في مواقعها قبالة السواحل السورية لابقاء الضغط على نظام الاسد في حين تتواصل المساعي الدبلوماسية. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحدى أوباما أمس الأول قائلا ان المبادرة الروسية يمكن أن تكون مفيدة فقط اذا أعلنت واشنطن عدولها عن التهديد باستخدام القوة. ولم يعلق أوباما على هذه النقطة بل على العكس تعهد بالعمل مع بوتين جديا للتوصل الى اختراق، كاشفا أنه سيرسل وزير الخارجية جون كيري الى جنيف لبحث المسألة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف اليوم الخميس. وأوضح الرئيس الأميركي أنه طلب من الكونغرس إرجاء التصويت على طلبه للسماح باستخدام القوة العسكرية في سورية، لاعطاء فرصة للدبلوماسية. وفي مؤشر اضافي الى ان القوات الاميركية لن تشن ضربات جوية في المدى القريب، أكد اوباما انه لن يتم استخدام القوة الى ان يصدر مفتشو الامم المتحدة تقريرهم حول وقائع هجوم الغوطة. وظل انصار التحرك العسكري ومعارضوه في الكونغرس على مواقفهم بعد خطاب اوباما، لكنهم اجمعوا على تأييد قراره بتقصي السبل الدبلوماسية قبل اي عملية عسكرية. باريس وفي باريس، اكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند امس سعي بلاده الحثيث في مجلس الأمن الدولي للتوصل الى «رقابة دولية فاعلة» على الترسانة الكيماوية السورية دون تأخير، ملتزما بالتوجه الأميركي الجديد لإعطاء المبادرة الروسية فرصة. وذكرت الرئاسة الفرنسية في بيان عقب اجتماع للمجلس الاعلى للدفاع ان هولاند اكد ان «فرنسا مصممة على اعطاء المفاوضات الدبلوماسية الرامية الى وضع الاسلحة الكيماوية السورية تحت رقابة دولية فرصة للنجاح». وشدد الرئيس الفرنسي على ان «فرنسا ستسعى لاستكشاف كل السبل للسماح لذلك عبر مجلس الامن الدولي في اسرع وقت ممكن للسيطرة على الاسلحة الكيماوية في سورية»، مؤكداً في الوقت ذاته أن بلاده ستبقى مستعدة لمعاقبة النظام السوري على المجزرة الكيماوية لردعه عن استخدامها مجددا. وكانت روسيا اعلنت امس الأول رفضها مشروع القرار الفرنسي حول سورية المقدم لمجلس الامن تحت البند السابع معتبرة اياه «غير مقبول». مواقف من المبادرة وجدد رئيس المفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروسو، دعم الاتحاد الأوروبي للمبادرة الروسية، داعياً الحكومة السورية إلى تنفيذه من دون إبطاء. ورحبت تركيا بالاقتراح، لكنها طالبت في الوقت نفسه بمعاقبة المسؤولين عن هجوم الغوطة الكيماوي. كما أعلن العراق دعمه للمبادرة الروسية، فيما اعتبرتها منظمة التعاون الإسلامي خطوة باتجاه إيجاد حل سلمي للأزمة السورية. بوتين في السياق، أعلن الكرملين أمس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيستقبل اليوم الخميس ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ويبحث معه الوضع في سورية. وجاء في بيان للكرملين ان بوتين وولي عهد ابوظبي، وهو ايضا نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة الاماراتية، سيتبادلان «وجهات النظر بشأن القضايا الدولية الراهنة وخاصة الوضع في سورية». ويأتي هذا الاجتماع بعد أن رفض مجلس التعاون الخليجي أمس الأول المبادرة الروسيةن واعتبر انها لا توقف نزف الدماء في سورية. كما انضمت الامارات الى إعلان الدول الـ 11 الذي صدر على هامش قمة العشرين في بطرسبورغ والذي بات يضم حتى الآن 26 دولة بينها الكويت والسعودية والبحرين والمغرب. طهران وأعرب مرشد الثورة في ايران علي خامنئي، عن أمله أن يتحلى الأميركيون بما وصفه بـ»الجدية» في موقفهم الجديد من الأزمة السورية. وقال خامنئي أمس خلال استقباله مسؤولي بعثة الحج الايرانية وقطاعات مختلفة من الشعب، إنه يأمل «أن يكون الاميركيون جادون في توجهاتهم الجديدة إزاء قضية سورية، وألا يكون ذلك مجرد الخوض في لعبة سياسية اخرى». المعارضة الى ذلك، اعلن متحدث باسم ائتلاف جماعات المعارضة المسلحة عبدالقادر صالح في مؤتمر صحافي في واشنطن أمس الأول أن الولايات المتحدة بدأت توزيع بعض الاسلحة الفتاكة على مقاتلي المعارضة. وقال صالح: «الولايات المتحدة توزع مساعدات غير فتاكة... وبعض المساعدات الفتاكة أيضاً على المجلس العسكري الأعلى» في إشارة الى «المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر» الذي يقوده اللواء سليم ادريس. واشار المتحدث الى أن الولايات المتحدة بدأت تقديم المساعدات الفتاكة «لانهم متأكدون ان الآليات التي ارساها المجلس العسكري الاعلى جرى اختبارها بشكل جيد وانهم سيكونون متأكدين من ان الاسلحة لن تقع في الايدي الخطأ». وتعليقات صالح ربما تكون أول اشارة علنية الى ان معدات عسكرية اميركية مثل اسلحة أو ذخائر تجد طريقها بالفعل الى المقاتلين الذين يقاتلون قوات الاسد. وقال صالح ان قادة عسكريين من المعارضة ينسقون مع الدول التي ربما تشارك في ضربة تقودها الولايات المتحدة. (واشنطن، باريس، طهران، موسكو ـــ أ ف ب، رويترز، د ب أ، يو بي آي)