ربما تكون الكويت من أكثر دول العالم في امتلاكها للتوصيات والاستشارات بشأن أوضاعها الداخلية بشتى المجالات، تعليمية أو اقتصادية أو سياسية كانت، وفي الوقت ذاته يكون مصير هذه التوصيات "الأدراج"، دون تنفيذ فعلي لها أو حتى لجزء منها، وربما كان عنوان مؤتمر غرفة تجارة وصناعة الكويت الثاني للقطاع الخاص في الكويت، والذي حمل عنوان "الإصلاح الاقتصادي: كلام مكرر وقرار مؤجل" دلالة واضحة على عدم الالتزام بكمية التوصيات والاقتراحات الرامية إلى تطوير النظام الاقتصادي في الكويت وإصلاح الإختلالات الواضحة فيه، وتقليل نسبة الاعتماد على النفط "الناضب ولو بعد حين"، والذي تشير التقارير إلى أن إيرادات النفط تموّل ما نسبته 90 في المئة من مصروفات الموازنة العامة، ويمثل النفط ومشتقاته نحو 66.7 في المئة من حجم الاقتصاد.

Ad

تصريحات رنانة

وبتنا نعتاد على إطلاق الحكومة لتصريحات اقتصادية "رنّانة" بشأن نيتها التطوير والإصلاح وتنويع مصادر الدخل ووضع خطط عمل ولجان لبحث آليات التنفيذ وعقد الاجتماعات تو الأخرى، لكنها سرعان ما تنكسر أمام أي مطالبة بزيادة كادر أو راتب ما، أو حتى زيادة الضغط على الميزانية العامة للدولة.

ويقول تقرير "الشال" إن "النفقات العامة للسنـوات المالية 2010/2011-2012/2013 زادت بمعدل نمو مركب بلغ 14.1 في المئة وهو الأعلى في ثلاث عقود، وفي الكويت، إن استمر معدل نمو النفقات العامة عند هذا المستوى، أي 14.1 في المئة، سوف تحتاج إلى إنفاق 53.3 مليار دينار كويتي، في السنة المالية 2020/2021، وذلك غير ممكن. وفي الكويت بلغ عدد العاملين، من المواطنين، في الحكومة، في يونيو 2012، نحو 300.6 ألف عامل، بينما يقدر أن يبلغ عدد القادمين الصافي من المواطنين إلى سوق العمل، بحلول عام 2030، نحو 600 ألف عامل جديد".

وفي مواجهة هذه الأرقام "المخيفة"، قامت الحكومة بتشكيل فرق عمل وطلب استشارات من متخصصين لوضع المقترحات والحلول، فكان تعاقدها مع رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير إحدى هذه الخطوات، كما تم تشكيل الفريق المالي لمعالجة الازمة المالية العالمية وانعكاساتها المحلية، بالإضافة إلى تشكيل سمو الامير للجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية المحلية، وغيرها من التوصيات الفردية أو تلك الصادرة من جمعيات مهنية أو فعاليات اقتصادية خبيرة، لكن وكما هي "الميزة" الأساسية في حكومات الكويت، أنها بقيت حبيسة الأدراج دون تنفيذ لها.

عجز في الميزانية

وعلى سبيل المثال، فقد أشار تقرير توني بلير إلى أن:

• الكويت ستبدأ بمواجهة عجز في الميزانية بحلول عام 2015 أو 2018.

• في السيناريو الأسوأ يمكن أن تواجه الكويت عجزا بمقدار 166 مليار دولار في 2030 وهو ما يمثل 55 في المئة من صندوق احتياطي الاجيال بافتراض نمو أصول النقود الى 300 مليار في ذلك الوقت أي صندوق الاجيال لن يكفي أكثر من 3 سنوات.

• الكويت أعلى دول العالم استهلاكا للكهرباء في العالم.

• بطالة مقنعة في القطاع الحكومي وقلة انتاجية تصل إلى 4 مرات أقل من الموظف الاميركي.

• على الرغم من الانفاق الحكومي المرتفع نسبيا على التعليم، يفشل النظام الحالي في توفير المؤهلات المتقدمة والضرورية واللازمة لسوق عمل قائم على القطاع الخاص.

• أكثر الدول النفطية اعتماداً على النفط فقط.

• ان الاحتياطيات النفطية الرسمية بلغت اكثر من 100 مليار برميل في 2007، وكان هناك جدل وشكّ في تلك الارقام منذ ان نشرت مجلة نفطية عالمية محترمة موضوعا في 2006 يتكهن بأن احتياطيات النفط في الكويت هي اقل من نصف التقديرات الرسمية، وفي حال صدقت تلك التكهنات فإن احتياطيات النفط الكويتية ستنضب بمعدل اسرع بكثير مما هو متوقع عموماً، ونظرا الى تنامي معدلات الطلب في السوق العالمي، فإن الكويت ربما تقرر زيادة انتاجها النفطي الى معدل يتجاوز ما هو مخطط له عند 4 ملايين برميل يوميا في 2020، مما يعجل ويزيد من نضوب الاحتياطيات النفطية، وقد شكل خطر نضوب امدادات النفط، حقيقة، مصدر القلق الاكثر اهمية عند غالبية الكويتيين الذين استطلعت اراؤهم في مسح اجري في مارس 2009 على عينة شملت 1000 كويتي.

محدودية دور «الخاص»

أما تقرير اللجنة الاستشارية فركز على أنه:

• تُجمع مختلف الدراسات والتقارير التي اعدتها جهات محلية او اجنبية متخصصة على ان الاختلالات الهيكلية الرئيسية التي يعاني منها اقتصادنا الوطني هي محدودية دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، واختلالات سوق العمل، واختلالات الموازنة العامة. وتشكل تلك الاختلالات الوجه الآخر لهيمنة الحكومة على النشاط الاقتصادي.

• جاءت الاختلالات الهيكلية المشار اليها كنتيجة مباشرة لتضافر مجموعة من الاسباب الجذرية في مجالي السياسات الحكومية وبيئة ومناخ العمل الحكومي.

• الاختلالات الرئيسية الثلاثة المشار اليها وجذور اسباب نشأتها وتفاقم تداعياتها، هي بالضرورة قضايا متداخلة تؤثر في بعضها بعضا. فهيمنة الحكومة على النشاط الاقتصادي على سبيل المثال، تجسدها سياسات التوظيف الحكومية التي ينجم عنها احد جوانب الاختلال الهيكلي للموازنة العامة، وتعاظم مصروفاتها على المرتبات، الامر الذي يرسخ بدوره محدودية مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وبالتالي قدرته على زيادة استيعابه للعمالة الوطنية.

وحدد تقرير اللجنة الاستشارية مطالبات الإصلاح بـ:

• في مجال تقليص هيمنة الدولة على النشاط الاقتصادي وتهيئة الأجواء لزيادة مساهمة القطاع الخاص في دفع عجلة التنمية، ينبغي العمل على ما يلي:

• على الحكومة اتخاذ خطوات ملموسة للبدء فوراً، وفق برنامج تنفيذي محدد بجدول زمني واضح، بخصخصة مشروعات الكهرباء والماء والاتصالات والمواصلات، والصناعة النفطية وناقلات النفط والبريد والهواتف الثابتة والصرف الصحي والاسكان وأسواق المال وسرعة تنفيذ كل من قانوني مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، ومشروعات المنافذ الحدودية، وتخصيص الموانئ والمطار ومشروعات التخزين وتحصيل حقوق الدولة، بالاضافة الى ادارة بعض المؤسسات الحكومية مثل المستشفيات والمدارس وغيرها، والتوسع بعد ذلك بخصخصة الخدمات الحكومية الأخرى في مجالات التعليم والصحة وغيرها، على ضوء التجارب والخبرات المستفادة من عمليات التخصيص السابقة بعد اجراء التعديلات التشريعية المناسبة، بما يُفضي الى تركيز دور الحكومة في النشاط الاقتصادي مستقبلاً في المجالات الاشرافية والرقابية.

• زيادة الاهتمام بالمشروعات والأعمال الصغيرة والمتوسطة، والمبادرات الشبابية وتشجيعها بآليات وأدوات فاعلة، والعمل على ضمان تحقيق التنوع في أنشطتها وتكاملها مع المشروعات الكبرى، بما يعزز من درجة التشابك القطاعي.

الشراكة بين القطاعين

ينبغي على الحكومة الاحتذاء بالامثلة الناجحة للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وخصوصاً في المشاريع ذات القيمة المضافة العالية والفرص الوظيفية الجاذبة للمواطنين (مشروع ايكويت على سبيل المثال) وبما يعزز جهود التنمية المستدامة.

تبني آليات تضمن تشجيع المواطنين على تملك المشاريع العامة التي يتقرر خصخصتها في ضوء ما ورد بذلك الشأن في العديد من الدراسات والتقرير، لمساندة عملية الخصخصة وزياد مشاركتهم الفاعلة في انتاج واستهلاك السلع والخدمات العامة وادارتها بشكل يكفل تحسين الاداء المالي والنوعي لتلك المشاريع.

زيادة الاهتمام بالمشروعات الانتاجية الواعدة للقطاع الخاص في مختلف المجالات، واستخدام الدعم الموجه لتشجيع نمو تلك المشروعات بما يتيح زيادة التنويع الاقتصادي وتعزيز جهود التنمية، وخلق فرص العمل الجاذبة للمواطنين خارج القطاع الحكومي، ومتابعة ومراجعة مدى كفاءة الدعم الموجه لتلك المشروعات في تحقيق اهدافه.

ينبغي على الاجهزة الحكومية، وضمن اطار دورها التنظيمي والرقابي زيادة الاهتمام بتحديات الاختلالات في الاوضاع المالية للعديد من الشركات الكويتية، واثر استمرار تلك التحديات على جهود تنمية دور القطاع الخاص، والمبادرة ببلورة مقترحات محددة تساهم بفاعلية في تحفيز ومساندة جهود تلك الشركات، لتسوية اوضاعها بشكل منظم.

تبسيط الاجراءات الحكومية وزيادة كفاءة الجهاز التنفيذي للدولة، وازالة المعوقات والقيود التي تعوق المبادرات التطويرية للقطاع الخاص، ووضع السياسات والاليات المناسبة، لزيادة دور القطاع الخاص في تقديم الخدمات العامة في مجالي التعليم والصحة وتقديم الدعم المالي للطلبة الدارسين في المدارس الخاصة المتميزة وانجاز قانون الضمان الصحي.

احداث نقلة نوعية في التركيب المؤسسي لوحدات القطاع الخاص من خلال السياسات التحفيزية والتشجيعية لتبني هيكلة الشركات المساهمة، مع التأكيد على اهمية تطبيق معايير الحوكمة والشفافية في اعمالها.

خلق الاجواء المشجعة للاستثمار بالتأكيد على زيادة كفاءة الاقتصاد ووضوح السياسات العامة واستقرارها.

• في مجال معالجة اختلالات سوق العمل.

العمل على ازالة التشوهات القائمة في هياكل الاجور يين القطاعين العام والخاص، وتبني الاجراءات التي تمكن القطاع الخاص من استيعاب المزيد من العمالة الوطنية، وتحفيز العمالة الوطنية (الحالية والمستقبلية) للعمل في القطاع الخاص، بالاضافة الى ذلك، ينبغي زيادة الاهتمام بكل من:

تطوير نظم التعليم والتدريب وفقاً لاستراتيجية وخطط واضحة بما يكفل توفير الكوادر الوطنية المؤهلة للوفاء باحتياجات سوق العمل.

تطوير وتنظيم استقدام وانتقال العمالة الوافدة، بما يتلاءم مع احتياجات سوق العمل وبما يكفل زيادة فرص العمل للمواطنين في القطاع الخاص.

•  في مجال معالجة اختلالات الموازنة العامة.

على الحكومة ان تباشر دون تردد او تأجيل باتخاذ الاجراءات الكفيلة لتكريس الانضباط الوظيفي في الدوائر الحكومية المختلفة والقضاء على مظاهر التسيب والانفلات في تلك الدوائر، وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب من خلال ربط امتيازات الوظيفة الحكومية بالانتاجية والانضباط، والعمل بشكل عاجل على مراجعة وتطوير قوانين وانظمة الخدمة المدنية لتحقيق ذلك.

• وقف مظاهر الهدر المختلفة في المصروفات الحكومية من خلال زيادة الاهتمام بتطبيق القوانين واللوائح والنظم ذات الصلة بأوامر الشراء والمناقصات وأوجه الصرف المختلفة للأموال العامة.

• وقف أي زيادات غير مبررة في الرواتب من خلال الكوادر الخاصة وأي زيادات أخرى مماثلة، وربط الامتيازات الوظيفية بالانتاجية وكفاءة الأداء.

• مراجعة قانون دعم العمالة الوطنية واللوائح والنظم الخاصة به، بما يكفل التطبيق السليم له وصرف الدعم للمستحقين فقط ويمنع سوء استغلاله ويعزز كفاءة تحقيق الأهداف التي يسعى القانون لبلوغها.

• الاسراع في تحصيل المستحقات المالية للحكومة سواء في مجال الكهرباء والمياه أو المجالات الأخرى وفق آليات وإجراءات محكمة وذات كفاءة، وربط الاستفادة من الخدمة الحكومية بسداد الالتزامات المستحقة مقابلها.

• إعادة النظر بسياسات التوظيف الحكومية وامتيازات الوظيفة الحكومية وربط التعيين في الجهات الحكومية بالاحتياجات الفعلية، وترسيخ مبدأ الثواب والعقاب في العمل الحكومي في إطار سياسة شمولية تستند الى دراسات علمية مبنية على مسوحات دقيقة لسوق العمل وتكلفة المعيشة والوظائف المماثلة.

• تطوير برامج التسعير والرسوم على السلع والخدمات العامة بما يساهم في الحد من الاسراف في استهلاكها أو سوء استغلالها ونشوء سوق سوداء لها من جهة، وتنمية الايرادات غير النفطية للموازنة العامة من جهة أخرى، مع الحرص على عدالة تلك البرامج وكفاءتها دون المساس بمتطلبات العيش الكريم لذوي الدخول المتدنية، وإعادة النظر في أنظمة وبرامج الدعم للسلع والخدمات العامة المختلفة والعمل على تقنينها، لضمان حصر الانتفاع من تلك البرامج على المستحقين من المحتاجين فقط.

• وضع نظام ضريبي متطور على مراحل زمنية مناسبة تواكب اتمام عمليات خصخصة الأنشطة الحكومية وإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، بما يحقق العدالة الاجتماعي في توزيع الأعباء الضريبية، ولا يترتب عليه ما قد يثقل كاهل أصحاب الدخول المتدنية في مواجهة أعباء الحياة وتكاليفها، ويعزز دور الموازنة العامة كأداة أساسية للسياسة المالية، والبدء بتطبيق ضرائب المبيعات على السلع غير الضرورية والفاخرة للحد من تنامي النزعة الاستهلاكية في المجتمع.

• الزيادة المتدرجة في اشتراكات المؤمن عليهم في الصناديق التقاعدية والنظر في إمكانية إنشاء أنظمة تقاعدية خاصة.

خطوات قليلة

علماً أن تقرير اللجنة الاستشارية صُدر في يناير 2012، أما تقرير توني بلير فقد صدر في فبراير 2011، ونحن الآن مقبلون على أبريل 2013 دون أن نرى تحركاً ملحوظاً على مستوى جميع البنود والتوصيات.

في إطار هذه التوصيات، ربما لم تتقدم الحكومة أو المجلس إلا خطوات قليلة تمثلت في إقرار بعض القوانين الاقتصادية الهامة والتي كان ينتظرها الاقتصاد الكويتي منذ رمن، أهمها قانون الشركات الجديد، والذي سيكون حسب تصريحات وزير التجارة والصناعة وعضو اللجنة الاستشارية سابقاً انس الصالح بأنه المظلة التشريعية لبقية القوانين الاقتصادية الأخرى.

أما في ما يتعلق بالبنود الأخرى، فلم تتحرك الدولة شبراً فيها، كما أن توجهاتها الأخيرة، ربما تعزز الشعور بأنها تسير في اتجاه معاكس تماماً لما نادت به التقارير من ضرورة تخفيض الاستهلاك في الميزانية العامة وتقليص النفقات، فنراها تارةً تفكر في زيادة الرواتب أو الكوادر، وتارةً أخرى في إهمال المشاريع التنموية وبالتالي عدم خلق فرص عمل للكويتيين، انتهاء بتفكيرها في إسقاط فوائد القروض، دون أن تركز على العوامل الفنية لها والتي تسبب ضرراً بالغاً على الميزانية العامة، بل وتفكر أيضاً في منحة لمن لن يستفيد من إسقاط فوائد القروض أيضاً!

ولا نعلم إن كانت "السنوات السبع السمان" أوشكت على النهاية ومن ثم الدخول في "السبع العجاف"، لكن ما هو أكيد هو أن الحكومة إلى الآن لا تعلم متى وأين وكيف ستقوم بتطبيق هذه التوصيات، ومحاولة انتشال الكويت من غرقها القادم بكل تأكيد، إذا ما استمرت السياسة المالية الحالية على ما هي عليه.

عجز في تنفيذ «التنمية»

نجم عن تضافر تلك الاختلالات تراجع للعديد من مؤشرات التنمية البشرية في الدولة، الذي نجم بدوره عن عدم تمكن معظم الاجهزة التنفيذية الحكومية من تنفيذ العديد من مشاريع خطة التنمية على النحو المنشود، وتعطل هذه المشاريع وتدني نسبة الانجاز، فضلا عن تقصير العديد من الاجهزة التنفيذية في تطوير الخدمات التي تقدمها لمواكبة متطلبات النمو الطبيعي لتلك الخدمات. وجاء كل ذلك انعكاسا لانخفاض قدرات وإنتاجية معظم الاجهزة الحكومية وتفاقمت تلك الاوضاع مع ظهور وتزايد الاضرابات والاعتصامات وما ينجم عنها من ارباك في اولويات العمل الحكومي.

بالإضافة إلى التقارير المتخصصة الأخرى والتي أشارت إلى نفس مواطن العلة المذكورة سابقاً، وإلى نفس أسباب التدهورات التي نراها حالياً على جميع الأصعدة، وإلى دور كل طرف فيها، لكن ما جمعها أكثر هو التجاهل الحكومي لها، وعدم الالتفات لما جاء ضمن بنودها.

زيادة الولاءات

بين فترة وأخرى تخرج علينا الحكومة بتصريحات تؤكد ضرورة الحزم في القرارات المالية وأنها بصدد تقليص النفقات وتنويع مصادر الدخل وتنفيذ توصيات التنمية الاقتصادية و... الخ، لكنها سرعان ما تعاكس نفسها بقرارات شعبية بعيدة جداً عن الشق الفني والمالي لعواقبها، مثل زيادات الرواتب أو توزيع المنح أو إسقاط فوائد القروض أو غيرها، ما يؤكد أن الهدف منها هو زيادة الولاءات لا تنمية الدولة.

تأخر في التعليم

أشار تقرير بلير إلى أنه لايزال الطلبة الكويتيون يحتلون المراكز شبه الاخيرة في الامتحانات الدولية (على سبيل المثال Timms وPirls) وانطلاقا بالحكم في المعيار نفسه، فان نتائج امتحان Timms التي سجلها طلاب الصف الرابع والثامن في عامي 1995 و2007 تظهر انه لم يطرأ اي تحسن ملموس على التعليم العام خلال فترة الـ13 عاما. فضلا عن ان المعدلات المنخفضة للالتحاق في الجامعة في الكويت (27 في المئة مقارنة مع 84 في المئة في كوريا) تشير الى ان هيكلية سوق العمل الحالية لا توفر الحوافز اللازمة لمعظم الكويتيين لمتابعة تحصيلهم العلمي العالمي.