شويكار: تكريمي الحقيقي هو رؤية مصر في أفضل حال
شويكار فنانة من زمن الفن الجميل... كونت وفؤاد المهندس أجمل الثنائيات... مسرحياتها علامات مضيئة في تاريخنا الفني، نجحت في تقديم ألوان الدراما المختلفة وبرزت في الكوميديا التي جسدتها بطريقة خاصة بها. اليوم تدمع عينا شويكار لرؤية مصر تتخبط في أزمات لا تحصى لذا اعتذرت عن تكريمها في مهرجان الإسكندرية، مؤكدة أن الجهود يجب أن تنصبّ لإزاحة الغيمة السوداء عن البلد.
مشوار طويل من التألق والنجاح تحدثت عنه شويكار في الحوار التالي.
مشوار طويل من التألق والنجاح تحدثت عنه شويكار في الحوار التالي.
لماذا ابتعدت عن الفن والسينما فترة طويلة؟
لم أنقطع عن الفن فأنا موجودة وحاضرة للعمل، لكن مع التقدم في السن تقلّ العروض، وهذا طبيعي لأن سني بعيدة عن محور الأحداث الدرامية، إضافة إلى أن ما عرض عليّ لا يحترم تاريخي الفني، لذا رفضت احتراماً لاسمي، فأنا أحرص على تقديم ما يضيف إلي ولست على استعداد للتضحية بهذا التاريخ الطويل لمجرد الظهور.هل نفهم من كلامك أنك لن تعملي مجدداً؟ ليس هذا بالتحديد، لكن لا شيء يجبرني على قبول أعمال دون المستوى، فأنا لا أبحث عن شهرة أو أضواء أو مال، كل هذه المقومات أملكها والحمد لله، ولن أضحي برصيدي الفني الذي بنيته على مدى سنوات طويلة، لذا لن أعمل إلا إذا وجدت ما أبحث عنه، وفي حال لم أجده سأظل عزيزة مُكرمة في بيتي، وهذا أشرف لي كفنانة.إذاً لا يحترم الفن في مصر الفنان عندما يتقدم به العمر.للأسف، هذا هو الواقع، في أحيان كثيرة لا يُحترم تاريخ الفنان ولا يُقدّم له ما يوازي تجربته الطويلة، ويقيه شر تقديم أعمال رديئة لا يرضى عنها لكي يؤمن لقمة العيش. كذلك يظلم الكتّاب هذا الفنان ويضعونه في دائرة صغيرة وغير محورية لا تتناسب مع مسيرته المجيدة، ولا يهتم صنّاع العمل إلا بتلميع صورة البطل والبطلة وهذا خطأ كبير ومعيب، إذ لا بد من وجود أدوار محورية يقوم عليها العمل الدرامي بعيداً عنهما، لهذه الأسباب وغيرها رفضت أكثر من أربعين مسلسلا في عام واحد احتراماً لاسمي وتاريخي.كانت بداياتك عبر التراجيديا والرومنسية ثم تحوّلتِ إلى الكوميديا فهل كان ذلك بقرار منك أم اكتشاف فؤاد المهندس؟بالطبع كان قراري، فضلت تقديم الكوميديا مع فؤاد لثقتي به وبما يقدمه، لذا شاركته في معظم المسرحيات الكوميدية وبعض الأفلام السينمائية، وعندما تعذر تقديم هذا النوع مع فؤاد اقتصر عملي على السينما. اعتز بتاريخي المسرحي ولفؤاد الفضل الأول والأخير بالطبع.هل اختلفت كوميديا زمان عن كوميديا اليوم؟ كوميديا الريحاني والكسار وفؤاد ومدبولي هي الكوميديا الحقيقية، أما ما يقدّم اليوم فهو ابتذال وإهانة لهذا الفن الراقي، لا تعني الكوميديا ألفاظا خارجة أو رجلا يتحدث بطريقة غريبة أو يرقص بطريقة تشبه رقص النساء.برأيك لماذا قلت الأعمال المسرحية الجيدة؟لأن الفنانين ابتعدوا عن المسرح كونه يأخذ وقتهم كله ويبعدهم عن السينما والتلفزيون حيث الأجور الخيالية. في الماضي كنا نعشق المسرح ونسخر له مجهودنا، فيما لا يهتمّ الفنانون اليوم بالمسرح، رغم توافر فنانين كوميديين يمكنهم أداء أدوار مسرحية جيدة، لكن نظراً إلى عدم الاهتمام به، لا نشاهد أعمالا مسرحية قوية.هل ربطتكِ علاقات صداقة بنجوم الزمن الجميل؟علاقتي جيدة بكل الفنانين الذين تعاملت معهم، لكن أكثرهم قرباً هي ميرفت أمين، رغم أنها ظهرت بعدي بنحو 10 سنوات. عموماً لم تكن ثمة صداقة كبيرة أو حقيقية في ذلك الوقت، فقد تعاملت مع الفن كوظيفة، أقوم بعملي ثم أعود إلى بيتي لأؤدي دوري كأي زوجة، ولم أهتم بإقامة صداقات حميمة أو علاقات خارج نطاق العمل الذي أقوم به.هل في تاريخك الفني أعمال تفضلينها وأخرى ندمت على تقديمها؟ لا أقوم بأي عمل إلا إذا رضيت عنه تماماً، لذا لا مكان للندم عندي، لكن ثمة أعمالا لها ذكرى طيبة في قلبي مثل مسرحيات: «السكرتير الفني» لأنني قابلت فيها فؤاد للمرة الأولى، «أنا وهو وهي» إذ صرح لي فيها بحبه وطلب مني الزواج، «سيدتي الجميلة» لأنها محطة فنية مهمة في تاريخي الفني، باختصار أعتز بأعمالي مع فؤاد.هل شعرت باختلاف في العمل بين هذه الأيام وزمن الفن الجميل؟مع أن البلاتوه واحد في أي زمن، إلا أن السلوك هو الذي تغير فأصبح إيقاع الحياة أسرع والناس أكثر عصبية، ويتشابه الفنانون في أشكالهم وأدائهم وكلامهم، أما في زمن الفن الجميل فكان لكل ممثل شخصية معينة وطريقة كلام مختلفة، كذلك الأمر بالنسبة إلى المظهر، باختصار كل شيء كان مختلفاً، لذا كانوا كلهم نجوماً كباراً.كيف كانت بداية تعاملك مع الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب؟كان معجباً بعملنا فؤاد المهندس وأنا ويتابع يومياً إحدى مسرحياتنا ويتصل بنا ويهنئنا، وفي مسرحية «أنا وهو» اقترحت على فؤاد أن يتصل بمحمد عبد الوهاب لتلحين أغنية «حضرتنا عظمتنا»، فبادرني بالقول إن عبد الوهاب لن يوافق، لكن عندما اتصلنا به رحب بشدة، فهو شخص بسيط ويعشق عمله ويخلص له في المقام الأول وهذا سرّ نجاحه، هكذا بدأ التعامل معه.هل تحتفظين بذكرياتك مع فؤاد المهندس؟بالتأكيد وهي محفورة في وجداني، فؤاد يعيش معي في كل دقيقة، أول مرة قابلته كانت أثناء بروفات مسرحية «السكرتير الفني»، وبعد ذلك عملنا معاً في «أنا وهو وهي» ثم أعاد عرض «السكرتير الفني» و{أنا وهو وهي»، في تلك الفترة بدأت قصة الحب بيننا وصرح لي بحبه فشعرت بقمة السعادة لأني كنت أبادله المشاعر نفسها، فؤاد هو الأستاذ والمعلم والحبيب والصديق وما زلت أحبه لغاية اليوم.لماذا حدث الانفصال بينكما بعد كل هذا الحب؟لا أعلم كيف ولماذا انفصلنا، لكن كل شيء قسمة ونصيب.. فجأة حدثت بيننا خلافات ولم نستطع التعامل معها، ثم أصبحنا غير قادرين على اكمال مشوارنا فانفصلنا.هل تفكرين في كتابة سيرتك الذاتية أو تحويل قصة حياتك إلى مسلسل درامي؟لا سيرة ذاتية لدي وليس عندي ما أكتبه، فأنا ممثلة وبعيداً عن التمثيل لم تكتنف حياتي الشخصية الأسرار ولم أعش مغامرات لتكتب في سيرة ولم يكن أبي يضربني... باختصار ليس في حياتي الشخصية شيء يمكن أن يكون دراما ناجحة.بمناسبة دراما السيرة الذاتية ما أفضل عمل عرض على الشاشات وأسوأ عمل برأيك؟«أسمهان» الأفضل، فهو مسلسل رائع شكلا ومضموناً وإخراجاً ويعبّر عن هذه الفنانة الكبيرة فعلا، أما «الشحرورة» فهو الأسوأ، لأن صباح رمز كبير وما ورد في المسلسل لا يعكس قصة صباح الحقيقية، بالإضافة إلى أنه أغفل مراحل مهمة في حياتها، كقصصها مع الوزراء والسفراء وحياتها في لبنان ومصر، فهل اقتصرت سيرة صباح على الزواج والطلاق؟ أكيد هي غير راضية عن هذا العمل... كذلك مسلسل «ليلى مراد» ضعيف ولا يعبر عن هذه الفنانة الكبيرة.لماذا اعتذرتِ عن تكريمك في مهرجان الإسكندرية وعارضتِ إقامة أي مهرجان في الوقت الحالي؟ليس هذا الوقت لتكريم الفنانات إنما وقت العمل لنعبر هذه المرحلة الحرجة، ثم لا يسمح الجو العام في مصر بالتحدث في أي مهرجانات أو تكريمات، لدي جوائز كثيرة ولست بحاجة إلى جائزة أخرى أو تكريم، بل تكريمي الحقيقي يكون في رؤية مصر بأفضل حال.ثم يمكن تسخير موازنة المهرجانات في عمل درامي جيد أو في حل مشكلات المنتجين بسبب الأوضاع السائدة في مصر، أو البحث عن سيناريو جيد لكي يقدم، يحتاج مجال الفن إلى ثورة لتصحيح الأوضاع وإلا سنظل ندور في دائرة مفرغة.