«عمار يا كويت»

نشر في 30-06-2013
آخر تحديث 30-06-2013 | 00:01
 يوسف عبدالله العنيزي يقول بعض الأصدقاء من المتابعين لما يجود به الخاطر, إننا حتى الآن "ما عرفنا لك"، فمرة نراك قد حملت السيوف واندفعت بالهجوم على الفساد وما وصلت إليه البلاد من تردٍّ في جميع مناحي الحياة, ونراك مرة أخرى وقد صورت الكويت وكأنها دانة الدانات وجوهرة العالم بأكمله، بل أحياناً تحلّق بالخيال لتضحي الكويت عندك كأنها قطعة من جنة الله في أرضه، فهل نحن أمام تناقض وتباين في المواقف؟

 الرد على الأصدقاء الكرام ليس صعباً، فهناك حقيقة لا تقبل الجدال، وهي أن الكويت كانت وستبقى دانة الدانات وجوهرة العالم، شاء من شاء وأبى من أبى، فهكذا كانت لأهلها منذ قرون من الزمان، وهكذا ستبقى حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وإن كان هناك من يدفعنا إلى خانة الإحباط لحقد دفين في قلبه, فهناك من يحبها ويحملها وطناً في قلبه ووجدانه ويصد عنها العاديات, أما إن كان المقصود نقد ما وصلت إليه حالنا وأوضاعنا من تردٍّ في الخدمات الصحية والتعليمية والبلدية وغيرها... فهذا ناتج عن الحب

والإخلاص لهذا الوطن الذي سكن الوجدان، والذي نتمنى أن يسعى إلى استعادة صولجان الريادة في المنطقة.

ولكن لماذا وصلنا إلى هذه المراحل من التدهور والفساد؟ لماذا العزوف عن إنجاز المشاريع وتطوير الخدمات؟ ونعود للتساؤل المؤلم من المسؤول؟ وما الهدف؟ وإلى أين سنصل في هذا الانحدار؟

أما عن كويت دانة الدانات وجوهرة العالم فلا أحد يستطيع أن ينكر أننا نتمتع بنعم لا تعدّ ولا تحصى، ولعل أهمها ركيزتان ذكرهما الرحمن في كتابه الكريم بقوله تعالى "الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"، وكم شعرنا بقيمة هذه النعم عندما فقدناها في الثاني من أغسطس عام 1990.

رغد العيش يشعر به المواطن والمقيم، فخيرات الله تكاد تفيض بها الأسواق بكل أنواعها, ويروي لي أحد الأصدقاء من رجال الأعمال، ويمتلك مخازن للمواد الغذائية أنه خلال فترة الاحتلال العراقي قام أحد قادة جيش الاحتلال بزيارة لتلك المخازن، وبعد أن جال بنظره وشاهد تلك الكميات الهائلة من مواد التموين سألني "ولك إنتو بالكويت جم مليون, هاي المواد تكفي حق شعب الصين كله".

أما الأمن والأمان فيكفينا فخراً أننا لم نعرف في يوم من الأيام زوار الفجر أو الظهر أو حتى العشاء, بل يكفينا فخراً أن سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه لجأ إلى القضاء ليحكم بصحة بعض المراسيم الأميرية، ويعلن قبوله بحكم القضاء أياً كان دون تعسف أو استبداد برأيه.

عمار يا كويت... هذه الأرض الطيبة التي تحتضن ملايين البشر من كل أنحاء الدنيا بعد أن وجدوا فيها الأمن والأمان والعيش الكريم لكل من يحترم قوانينها, وكل فرد من هذه الملايين يعيل في بلده أسراً بكاملها.

في عام 2005 كنت أتولى رئاسة البعثة الدبلوماسية في الأردن الشقيق، استقبلت في مقر البعثة السيد الشاذلي القليبي أمين عام الجامعة العربية الأسبق، وقد أفاد أنه في الأيام الأولى للغزو والاحتلال العراقي لدولة الكويت وصل إلى مدينة عمان، حيث استقل إحدى الحافلات التابعة للأمم المتحدة، وتوجه إلى الحدود الأردنية العراقية، وأضاف "لكم هالني ذلك المنظر من الأمواج البشرية التي فرت من الكويت نتيجة للأحداث، والتي غطت الصحراء على اتساعها، فصحت بمن حولي ما هذا البلد الذي ضمّ هذه الأعداد من البشر؟ وما حجم ذاك الوطن الذي أفاء بخيره على هذه الأعداد الهائلة، ومن كل أنحاء الدنيا؟".

نعم إنها الكويت بلد العطاء... عمار يا كويت الخير والأمن والأمان، ودعاؤنا دائما إلى الله أن يحفظها وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

ثقافة النحر

في العشرين من رمضان من العام الثامن للهجرة الموافق العاشر من يناير عام 630 ميلادي تحقق وعد الله لرسوله والمسلمين بفتح "مكة المكرمة"، وظفر الرسول الكريم بسادة قريش, وعلى الرغم مما قاموا به من سخرية به وإيذاء له عليه السلام، ومحاربته حتى في رزقه، فهاجر من أرضه ومدينته، ومع كل ذلك فقد عفا رسول الله عنهم بعبارته المشهورة "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، لم يأمر بقطع رؤوسهم وأوصالهم أو نحرهم حتى يتلذذ بذلك, حتى السيدة هند بنت عتبة التي مضغت كبد عمه حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه عفا عنها, نعم إنه رسول الإسلام، رسول المحبة والسلام "فلو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك".... "ولكم في رسول الله أسوة حسنة"، ومنا إلى ثقافة النحر.

back to top