رهان جديد تكسبه فرقة الجيل الواعي في أحدث أعمالها المسرحية «هرّوج»، الذي يضاف إلى رصيدها الحافل بالإنجازات الراقية.

Ad

قدمت فرقة الجيل الواعي عرضاً مسرحياً بعنوان «هرّوج» على خشبة مسرح الشامية، ضمن عروض الدورة الأولى للمهرجان العربي لمسرح الطفل، بمعالجة درامية للدكتور حسين المسلم وإخراج الجيل الواعي بقيادة عصام الكاظمي.

أحسنت فرقة الجيل الواعي اختيار موضوع مقتبس من القصة المعروفة «ثوب الإمبراطور الجديد» للدنماركي هانز كريستيان أندرسن، الذي يعد أحد أبرز كتّاب قصص الأطفال والحكايات الخيالية، والذي كتب عدداً من الروايات والمسرحيات وترجمت أعماله إلى أكثر من مئة لغة، وتم تحويل الكثير منها إلى أفلام سينمائية وكرتونية ومسرحيات وباليه.

نعود إلى «هرّوج» التي يقصد بها المهرج، حيث أدخلها كاتب العمل على القصة، لكنها فتاة أطلق عليها «هرّوجه»، أما المحتالان فيحولهما إلى شخصيتين خيّرتين يحبان فعل الخير ومساعدة الآخرين.

تقدم المسرحية رسالتين، الأولى أن الإنسان يمتلك جوهرة ثمينة جداً هي العقل، وعلى الإنسان أن يشكر الخالق سبحانه وتعالى على هذه النعمة ويجب أن يحافظ عليها، والثانية أن الإنسان يرتفع بحسن عمله وبكسب محبة الناس، وذلك من خلال القصة التي ترويها وتشارك فيها «هرّوجه» عن الإمبراطور فرحان أبو المرجان ملك الملوك المولع باقتناء الملابس الغالية، التي يشتريها من مال الشعب بفرض الضرائب عليه، ما أدى إلى افراغ خزينة الدولة، من دون أن يلمس خزينته الخاصة المليئة بالمجوهرات والذهب.

يتفق «بدّور» و»بديع» و»هرّوجه» على الإمبراطور في سبيل أن يعود إلى عقله ورشده، بواسطة الثوب الجديد، الذي يحيّر العقل فهو مرصع بالألماس والياقوت ومنقوع بأجود أنواع العطور، كما يكشف العدو الخائن إذا لم يتمكن من رؤية هذا الثوب، ومن يراه فهو إنسان صالح... ويشترطون على الإمبراطور أن يصرف على تنفيذ الثوب من خزينته الخاصة المليئة بالجواهر، وهنا تنصحه «هرّوجه» بأن يترك جوهرة واحدة فقط هي العقل.

يذهب الوزير إلى المشغل، ولا يرى شيئاً، فالثوب وهمي وفي الخيال فقط، يعيش الكذبة حتى لا يفقد منصبه فيذهب إلى الإمبراطور واصفاً له جمال الثوب وروعة تصميمه ورائحته العطرية الفوّاحة.

يحين وقت قياس الثوب الجديد، يصل الإمبراطور إلى المشغل، ويكلمه كل من «بدوّر» و»بديع» عن الثوب الذي لا يراه، فيصحو من غفوته شاكراً «هرّوجه» التي نبهته عن الجوهرة الوحيدة، وهي العقل نعمة ومحبة الناس جنة، فيقطع عهداً على نفسه أن يأكل مثل الشعب، ويعيد الجواهر والذهب إلى خزينة الشعب. نجح الإخراج في إيجاد معادلة إيقاعية سليمة لعناصر العرض المسرحي، كما لعبت الموسيقى والأغنيات التي كتبها د. حسين المسلم ولحنها جاسم الغريب دوراً مهماً ما أضفى جمالية أخرى إلى جانب الديكور بتصميمه الرائع لحسن النجادة في التحوّل السريع من مشهد إلى آخر من الكتب التي تخرج منها القصص إلى كرسي عرش الإمبراطور والمشغل.

كانت المسرحية من الألف إلى الياء play back وغنائية استغرقت من الوقت 50 دقيقة، استعانت بخيال الظل في ظهور الذئب، والدمى من خلال «ليلى» ومحرك الدمية والتمثيل الحي للشخصيات. أما بالنسبة إلى الأداء التمثيلي فقد أجاد الجميع، ويبقى استثناء عصام الكاظمي (بديع) وإبراهيم الشيخلي (بدّور) لأدائهما الكوميدي اللافت، وكذلك التمثيل الجميل لكل من سالي فراج (هرّوجه) وأسامة البلوشي (الإمبراطور).

يبقى أن نقول: فرقة الجيل الواعي تقدم دائماً أعمالاً راقية، ويشهد لها تاريخها الفني المشرف الحافل بالانجازات وحصاد الجوائز منذ انطلاقتها وإلى يومنا الحالي.