كارني يضع الحصان أمام عربة الاقتصاد لكبح البطالة

نشر في 11-08-2013 | 00:01
آخر تحديث 11-08-2013 | 00:01
No Image Caption
عقب توليه إدارة سياسة «السيدة العجوز» النقدية
يرمي التزام بنك إنكلترا بالإبقاء على السياسة النقدية المتساهلة تماماً، لحين انخفاض البطالة إلى 7 في المئة، إلى المحافظة على استقرار الأسعار والمالية، ويفترض ضمناً منذ الآن أن أسعار الفائدة ستبقى دون تغيير ثلاث سنوات أخرى على الأقل.
من الممكن أن يؤدي قرار بنك إنكلترا اتباع ما بدأه مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، ووعْده بإبقاء معدلات الفائدة منخفضة حتى يتمكن الاقتصاد في المملكة المتحدة من إضافة ما يرجح له أن يكون، حسب التفكير الحالي للجنة السياسة النقدية، نحو 750 ألف وظيفة، فإن كارني يمكن أن يُبقي هذه المعدلات منخفضة خلال فترة ولايته، التي ستستمر خمس سنوات.

معدلات الفائدة هي بالفعل 0.5 في المئة منذ أوائل عام 2009. والتزام بنك إنكلترا بالإبقاء على السياسة النقدية المتساهلة تماماً إلى حين انخفاض البطالة إلى 7 في المئة، يرمي إلى المحافظة على استقرار الأسعار والمالية، ويفترض ضمناً منذ الآن أن أسعار الفائدة ستبقى دون تغيير لمدة ثلاث سنوات أخرى على الأقل، وهي نقطة تتجاوز منتصف ولايته كمحافظ للبنك.

لجنة السياسة النقدية، التي كشفت للمرة الأولى عن توقعاتها حول البطالة، لا تتوقع أن تنخفض نسبة البطالة عن مستواها الحالي وهو 7.8 في المئة إلى7 في المئة حتى منتصف عام 2016. ولكن من السهل تصور سيناريو تبقى فيه أسعار الفائدة عند 0.5 في المئة لفترة أطول من هذا.

معدل البطالة

وقد ذكر المكتب المسؤول عن الميزانية، وهو المراقب المختص بالمالية العامة، في مارس بأن معدل البطالة سيبقى فوق 7 في المئة حتى عام 2017. لكن كارني سارع إلى الإشارة إلى أن البطالة عند ذلك المستوى، مازالت عالية بصورة غير مقبولة. وقال: «7 في المئة محطة في الطريق ستتوقف عندها لجنة السياسة النقدية لإعادة تقييم حالة الاقتصاد والتقدم في الانتعاش الاقتصادي، ومن ضمن السياق، الموقف المناسب حيال السياسة النقدية».

وأوضح بنك إنكلترا في تقريره حول التضخم، أن معدل بطالة يقارب 6.5 في المئة سيكون أكثر ملاءمة لاقتصاد عاد لتوه إلى التعافي التام. ويعتقد البنك أن البطالة ستنخفض في الأمد الطويل لتصل إلى 5 في المئة. هذا يعني أن المزيد من الإرشاد سيكون في الطريق بدلاً من رفع أسعار الفائدة، حين يصل معدل البطالة إلى مستوى 7 في المئة.

فضلت اللجنة التركيز على البطالة، لأنها تعتقد أن ذلك هو مقياس لما يسميه الاقتصاديون «الفجوة»، الذي يقيس الفرق بين النمو المحقق، وما يمكن أن يكون عليه، لو كان الاقتصاد يعمل بأقصى طاقته.

مليون عاطل

وقال كارني: «يوجد اليوم مليون عاطل عن العمل زيادة عما كان عليه في الفترة التي سبقت الأزمة المالية، وهناك الكثير ممن لديهم وظائف حالياً يرغبون في العمل أكثر مما يستطيعون. إن الضعف في النشاط رافقه أيضاً ضعف استثنائي في الإنتاجية. لهذه الأسباب كان حكم اللجنة بضرورة وجود هامش مهم من الفجوة في الاقتصاد، حتى لو كان نطاق تلك الفجوة يحيطه قدر كبير من اللبس، خاصة نطاق ارتداد الإنتاجية». وفيما يخص عدم التيقن من قياس الفجوة، اتفق صناع السياسة السابقون أن اللجنة الحالية كانت حكيمة في جعل إرشادها للفترة المقبلة مشروطاً بمعدل البطالة وليس بمتغير اقتصادي آخر.

وقال تشارلز جودهارت، وهو عضو مؤسس للجنة السياسة النقدية: «أحد فوائد استخدام البطالة هو تميزها بأنها أوضح بكثير من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للأغراض التشغيلية. وهو أمر لا يتم تعديله دائماً». وقال السير جون جييف، وهو نائب سابق لمحافظ البنك: «كان كارني شجاعاً. هذا رجل عملي. إنه يسيطر على اللجنة، وقد ترك بصمة سلطته على سياسة النقدية في المملكة المتحدة بسرعة كبيرة».

واضاف ان البطالة هي الشيء الصحيح الذي يجب اختياره. إنها تتحرك بالتدريج تماماً، إنها رقم محدد، وهي لا تخضع للتعديل كثيراً ، ويسهُل على الجمهور فهمها. التركيز على البطالة يمكن أن يحسن من علاقتها بالجمهور، وذلك بالسماح لبنك إنكلترا أن يؤكد دوره في دعم النمو.

عودة النمو

وقال كارني: «هناك ارتياح مفهوم بأن اقتصاد المملكة المتحدة بدأ بالنمو مرة أخرى. ولكن هناك القليل من الرضا. وهناك الكثير من المخاطر في طريق بحثنا عن تأمين هذا التعافي وإعادة التضخم إلى المستوى المستهدف. سوف يعني انتعاش الإنتاجية المدفوعة بالطلب نمواً أسرع في الدخول الحقيقية، وسوف تمثل هذه النتائج تحسناً حقيقياً في حياة الناس عبر البلاد».

وضرب التضخم العالي نسبياً، مقروناً بضعف نمو الأجور، العمال البريطانيين في السنين الأخيرة. ومن المرجح أن ترحب القوة العاملة التي عانت انخفاضا ملموسا في أجورها الحقيقية بتوجهات محافظ البنك الجديد. ويعني ربط السياسة النقدية بمعدل البطالة، أن المسوحات الرسمية المتعلقة بسوق العمل ستلاقي من الآن درجة أعلى من الاهتمام.

وقال سايمون ويلز، وهو اقتصادي في بنك إتش إس بي سي: «من الآن فصاعداً سيعمل مراقبو البنك على تمحيص هذا التوجه في البطالة كل فصل، من أجل التنبؤ بآفاق السياسة النقدية».

فجوة في الاقتصاد

واضاف أن البنك يعتقد أن البطالة ستحتاج إلى وقت كبير للهبوط، لأن هناك الكثير من النطاق المتوفر للنمو عن طريق زيادة الإنتاجية، وعبر عودة العمال الذين يعملون الآن بدوام جزئي، إلى العمل بدوام كامل.

كذلك سيضع هذا القرار تركيزاً جديداً على سؤال أمضى الاقتصاديون في أميركا وبريطانيا سنوات في محاولة تقديم جواب قاطع له، وهو ما التشغيل الكامل؟ هذا السؤال مهم للسياسة النقدية لأنه إذا كانت البطالة أعلى مما يمكن أن تكون عليه، فإن معنى ذلك وجود فجوة في الاقتصاد، وهو ما يعني أنه يجدر بمسؤولي البنوك المركزية بذل جهود أكبر من أجل تعزيز الطلب. وقد أوضح بنك إنكلترا أن ما يسمى بمعدل التوازن للبطالة يتغير مع الزمن.

وقال البنك إن العوامل التي تشكل سوق العمل على الأمد الطويل تشتمل على المدى الذي ينسجم فيه الموظفون المحتملون مع الوظائف الشاغرة من حيث المهارات والموقع والمهنة، على اعتبار أن هذا يحدد طول الفترة التي يمكن أن تستغرقها تلك الشركات لملء تلك الشواغر.

مرونة سوق العمل

وتؤثر مرونة سوق العمل – من حيث التوظيف والفصل، ومن حيث إعطاء الناس الخيار للعمل بدوام جزئي أو العمل لمصلحتهم – في رغبة الناس في العمل وفي رغبة الشركات في عرض الوظائف. كما أن نفوذ اتحادات العمال يؤثر في قوة التفاوض حول الأجور، كذلك يلعب برنامج العوائد دوراً.

وكما أقر المحافظ الجديد، فإن مثل هذه العوامل تتجاوز نطاق السياسة النقدية. وقال إن معدل البطالة المنسجم مع استقرار الأسعار على الأمد المتوسط «هو معدل لا تستطيع السياسة النقدية فعل أي شيء يذكر للتأثير فيه».

ويقع المزيد من المسؤولية بخصوص معدل البطالة في الأمد الطويل على عاتق الحكومة أكثر مما يقع على عاتق من يضع أسعار الفائدة. لكن كارني يرجو أن يكون بمقدور اللجنة فعل ما يكفي للمساعدة في خلق الوظائف، لضمان أن يكون بمقدوره رفع أسعار الفائدة مرة واحدة على الأقل، قبل أن تنتهي فترة ولايته في البنك.

(فايننشال تايمز)

back to top