الإسرائيليون و"المثليون الجنسيون" اتفقوا على الاعتراض على تعيين تشاك "شارل" هيغل وزيراً للدفاع في الولايات المتحدة، فالإسرائيليون يأخذون على هذا الرجل أنه ليس موالياً لإسرائيل بما فيه الكفاية، وأنه كان قد اعترض على غزو الجيش الإسرائيلي للبنان في عام 2006، وأنه كان قد قال رغم أنه من رموز الحزب الجمهوري: "إنَّ علاقاتنا مع إسرائيل خاصة وتاريخية، لكن ليس من الضروري ولا يمكن أن تكون على حساب علاقاتنا العربية والإسلامية. إن هذا خيار زائف وغير مسؤول وخطير".

Ad

وتماشياً مع الضجة التي أثارها "اللوبي" الإسرائيلي بعد اختيار هيغل لهذا المنصب الهام جداً، قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي يعتبر من أشد أعضاء الكونغرس الأميركي تأييداً لإسرائيل إن هيغل هو "أكثر وزير دفاع أميركي عداءً لإسرائيل في تاريخ أمتنا"، ثم وفي الاتجاه ذاته، قام أصدقاء الدولة الإسرائيلية بإعادة نشر تصريحات كان أدلى بها وزير الدفاع المُعيَّن في عام 2006 واستخدم فيها عبارة "اللوبي اليهودي" لا "اللوبي الإسرائيلي" الذي قال إنه يروِّع "كثيراً" الناس في الكونغرس.

وينسب إلى هذا الرجل، الذي يوصف بأنه مناكف، والذي بدأ حياته العملية رقيباً في إحدى فرق الجيش الأميركي التي شاركت في حرب فيتنام، أنه قال، رداً على اتهامه بأن تأييده لإسرائيل "غير قوي": "أنا عضو في مجلس شيوخ الولايات المتحدة، ولست سيناتوراً إسرائيلياً"، وهذا هو أول كلام بكل هذه الصراحة وبكل هذا الوضوح يسمعه الإسرائيليون من مسؤول أصبح وزير دفاع الولايات المتحدة.

إنَّ هذا بالنسبة لغضب الإسرائيليين على هيغل، أما بالنسبة لقادة "حركة المثلية الجِنْسيَّة" فإنهم يأخذون عليه أنه خلال السنوات التي قضاها في الكونغرس الأميركي قد دخل في مشاكل معهم، وأنه عارض سنَّ قوانين لزيادة حقوقهم والسماح لهم بالاستفادة من الفوائد الضريبية التي يستفيد منها عامة الناس، ولذلك فقد لجأ هؤلاء بمجرد تعيين هذا الرجل وزيراً للدفاع إلى نشر إعلان بمساحة صفحة كاملة في صحيفة "واشنطن بوست" ضده.

ولعلَّ كل هذا يكشف كم أن الدولة الإسرائيلية تمارس سياسة غطرسة وتعالٍ تجاه الولايات المتحدة، وكم أن الولايات المتحدة، هذه الدولة العملاقة التي أصبحت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي القطب الأوحد في العالم كله، تتصرف مع إسرائيل تحت وطأة عقدة نقص متجذرة غير مفهومة، ولذلك فإنها لا تبدي حتى مجرد امتعاض بسيط تجاه انتقادات المنظمات الأميركية المؤيدة للإسرائيليين وانتقادات الإسرائيليين أنفسهم لوزير الدفاع الجديد بأنه "لا يؤيد إسرائيل تأييداً قوياً"، مما جعله يقول: "إنَّ علاقاتنا مع إسرائيل خاصة وتاريخية، لكن ليس من الضروري ولا يُمكن أن تكون على حساب علاقاتنا العربية والإسلامية. إنَّ هذا خيار زائف وغير مسؤول وخطير".

إنَّ هذا هو واقع الحال، وإنَّ كل هذا الاستخذاء الأميركي لإسرائيل والاستجابة لكل نزوات اليمين الإسرائيلي المتطرف هي التي تجعل الإسرائيليين يتصرفون مع الأميركيين، بمن فيهم سيّد البيت الأبيض نفسه، وكأنهم "قطاريز" عندهم، وتجعل المتنافسين على مقاعد "الكنيست" الإسرائيلي من قادة الكتل والأحزاب المتطرفة لا يرف لهم جفن عندما يعلنون أنه لا انسحاب من الضفة الغربية ولا من القدس، وأن الاستيطان سيتواصل وأن على "أوسلو" أن تذهب إلى الجحيم وعلى عملية السلام أن تبقى تراوح مكانها عشرين سنة أُخرى جديدة.